تقرير خاص – يمن إيكو
تعثُّر جديد يلوح في أفق عملية الإنقاذ المتفق عليها للسفينة “صافر”، أعلنت عنه الأمم المتحدة، بعد تسلمها 73 مليون دولار من مبلغ التمويل الذي قدمه المانحون لإنفاذ خطة الإنقاذ التي قدمتها الأمم المتحدة، والذي يبلغ 84 مليون دولار، ملوحة بأن الأمر سيتطلب نفقات إضافية، ومنها ما سيتم الحصول عليه من القطاع الخاص الخارجي.
ومن شأن تصريحات الأمم المتحدة بهذا الخصوص أن تثير الكثير من المخاوف من أي طارئ قد ينتج عن التأخر في عملية تدارك الخطر والتهديد الذي تشكله السفينة، التي باتت توصف بأنها “قنبلة موقوتة”، نظراً لحجم الكارثة التي تنذر بها، في حال حدث تسرب أو انسكاب للنفط الذي تختزنه، والمقدر بأكثر من 1,1 مليون برميل، سيترتب عليها أكبر تلوث بحري يشهده العالم، بما يحمله ذلك من تأثيرات كارثية على المستويين الاقتصادي والبيئي على السواء.
وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء، أن عقبةً جديدة، ستحول دون تفريغ النفط من الخزان العائم، مبررة ذلك بالاحتياج إلى نفقات إضافية لعملية التفريغ، خارج ما حصلت عليه من تمويل لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة الإنقاذ واستبدال الخزان، بالإضافة إلى تحججها بصعوبة الحصول على ناقلة نفط ضخمة تستوعب مخزون الناقلة صافر.
وصرح نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، الثلاثاء، أن توافر ناقلات النفط الخام الضخمة “انخفض في الأشهر الستة الماضية بالأساس بسبب أحداث تتعلق بالحرب في أوكرانيا”، مضيفاً- وفقاً لوكالة “أسوشييتد برس”- أنه بينما كانت الأمم المتحدة تستعد لنقل النفط من الناقلة “صافر”، فإن تكلفة شراء ناقلة نفط خام ضخمة زادت الآن بنسبة 50 بالمائة عما كان مخصصاً لها في موازنة خطة الأمم المتحدة.
وتابع: “لذلك لدينا بعض النفقات الإضافية، وأيضاً من الصعب العثور على السفن المناسبة، لكننا مستمرون في العمل”، كما ذكر أن الجهات المانحة تعهدت بأكثر من 84 مليون دولار من التمويل المطلوب، ومن المتوقع الحصول على تمويل إضافي من القطاع الخاص قريباً.
وقال حق إنه تم صرف أكثر من 73 مليون دولار من التعهدات، وبدأت الأعمال التحضيرية الأساسية.. مؤكداً أن “كل الخبرات الفنية متوفرة للقيام بعمليات الشراء لتنفيذ هذه العملية المعقدة، ويشمل ذلك شركة استشارية للإدارة البحرية، وشركة قانونية بحرية، ووسطاء تأمين، وسفناً، وخبراء في التسرب النفطي”، بالإضافة إلى التعاقد مع شركة إنقاذ ستقوم بتنفيذ عمليات طوارئ.
وأضاف: “التحدي الرئيسي حالياً هو الحصول على ناقلة نفط ضخمة، إذ لا يمكن للأمم المتحدة أن تبدأ هذه العملية الطارئة حتى نثق تماماً بوجود ناقلة مؤهلة لنقل النفط”.. كما ذكر أن الأمم المتحدة تعمل مع وسيط بحري وآخرين “للتوصل إلى حل عملي، ونحن واثقون من أن العمل يمكن أن يبدأ في الأشهر المقبلة”.
يأتي ذلك التصريح في أعقاب سنوات من التأخير في التعامل مع المشكلة وتفريغ النفط من الناقلة الرابضة في مياه البحر الأحمر قبالة سواحل الحديدة، كانت خلالها الأمم المتحدة جزءاً من المشكلة التي تصاعد تعقيدها عاماً بعد آخر، منذ أول اتفاق مع صنعاء على إرسال فريق من الخبراء للتقييم وإجراء الصيانة الأولية للخزان في نوفمبر من عام 2020، وهو ما عرف حينها بـ “اتفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل لخزان صافر العائم”.
وبدا لافتاً في تصريح المتحدث باسم الأمم المتحدة، أنه يأتي بمثابة تمهيد للمطالبة بتمويل إضافي، الأمر الذي يطرح المزيد من علامات الاستفهام حول تعاطي الأمم المتحدة مع مبالغ التمويل التي تتهم الهيئة الأممية بصرف الجانب الأكبر منها في نفقات تشغيلية ومخصصات لموظفيها، حيث رصدت 144 مليون دولار لما أسمته “الاستجابة لأزمة خزان صافر النفطي”.
وظلت التجاذبات تحيط ملف إنقاذ السفينة صافر طوال الفترة الفاصلة بين توقيع أول اتفاق بين صنعاء والأمم المتحدة، للصيانة والتقييم للخزان أواخر عام 2020، والاتفاق الأخير الذي أعلن عنه منتصف نوفمبر الماضي، والمتضمن إيجاد سفينة مكافئة لتفريغ النفط الخام الموجود في الناقلة، شريطة أن يكون الخزان البديل قابلاً للتصدير كما كانت السفينة العائمة صافر- بحسب ما صرح به حينها رئيس لجنة تنفيذ اتفاق الصيانة للناقلة النفطية صافر التابع لحكومة صنعاء، زيد الوشلي.
وخلال تلك الفترة خضعت قضية السفينة صافر للتسييس من قبل التحالف والحكومة الموالية له، في حين ظلت صنعاء تؤكد في كل مناسبة أنها قضية إنسانية بحتة، ويجب أن لا تخضع لأي حسابات أو استخدام سياسي.
وفي نوفمبر الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن تفريغ خزان صافر النفطي سيبدأ مطلع 2023، بعد شهرين من تأكيد أممي بتلقي التمويل الكافي من المانحين، غير أن لا جديد حدث على صعيد تنفيذ الاتفاق بين الطرفين، وهو ما عبر عنه القائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية العليا بصنعاء، محافظ البنك المركزي اليمني، هاشم إسماعيل علي، خلال لقائه المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبيرغ، الثلاثاء الماضي، حيث قال إنه منذ توقيع مذكرة التفاهم الخاصة بعملية إنقاذ الخزان في مارس الماضي والمزمَّنة بـ 18 شهراً لم يحدث أي تقدم على أرض الواقع، ولم تقدم الأمم المتحدة أي توضيحات لأسباب التأخير.
وكان ممثلو عدد من الدول قد أعربوا، في كلماتهم خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، الإثنين الماضي، عن قلقهم تجاه التأخر الذي يحيط بعملية إنقاذ السفينة صافر، وطالبوا الأمم المتحدة بسرعة التحرك في عملية الإنقاذ.
ويبدو واضحاً من خلال ما تضمنه التصريح الأممي حول الاحتياج إلى تمويل إضافي لعملية إنقاذ صافر أن الحديث عنه في هذا الوقت بعد أن كانت الأمم المتحدة قد أعلنت أنها حصلت على مبلغ يزيد عن الذي رصدته لهذه المرحلة من عملية الإنقاذ، يجعل قدرة الأمم المتحدة على الحفاظ على ما جمعته من التمويل عاملاً حاسماً في تحديد الموعد النهائي للبدء في الأعمال، في حين تتواصل تحذيرات مراقبين وخبراء من تكرار ضياع المبالغ التي تم جمعها في نفقات تشغيلية لا صلة لها بمهمة إنقاذ صافر.
ويستدل المراقبون على هذه المخاوف المحتملة بضياع مبلغ 35 مليون دولار- تم تخصيصه لتنفيذ اتفاق التقييم والصيانة بين الأمم المتحدة وحكومة صنعاء الموقع في نوفمبر 2020- في نفقات تشغيلية خاصة بمكتب خدمات المشاريع الأممي UNOPS.، وهو ما سيثبت جميع الاتهامات التي تواجهها الأمم المتحدة، ويمثل فضيحة جديدة تضاف إلى سجل الهيئة الأممية الحافل بالعديد من فضائح الفساد والتكسب من وراء أزمات ومآسي الدول والشعوب.