يمن ايكو
تقارير

تحركات دولية مكثفة لتفعيل المهملة واستحداث أخرى.. لماذا يسعى التحالف لتدويل ملف موانئ اليمن..؟

تقرير خاص – يمن إيكو

مع دخول قرار منع تصدير النفط الذي أصدرته حكومة صنعاء على خلفية مطالبها برفع الحصار وصرف مرتبات جميع موظفي جهاز الدولة اليمنية وفق كشوفات 2014م؛ كثف التحالف والحكومة الموالية له، جهودهما في تفعيل الموانئ المهملة واستحداث موانئ جديدة، في محاولة لاستمرار تهريب النفط الخام عبر تلك الموانئ.

هذه الجهود- التي عكست مسعى الحكومة والتحالف نحو تدويل الموانئ اليمنية- بدت مدفوعة من قوى الاستعمار الدولية، في انكشاف لأصحاب المصالح والمنافع الحقيقيين من وراء استطالة الحرب والحصار في اليمن، وهم: أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول التي لها شركات استثمارية في حقول النفط اليمنية، وتعمل بتسهيلات من أدوات تلك الدول المحلية والإقليمية، أي من السعودية والإمارات والحكومة الموالية لهما.

وثيقة رسمية صدرت في 19 سبتمبر الماضي عن وزارة النقل في حكومة المجلس الرئاسي المعين من الرياض، أكدت صراحة أن الحكومة سهلت خلال 19-26 من الشهر نفسه وبإيعاز من التحالف مهمة شركة سلانايج الأمريكية، التي نفذت زيارة استطلاعية هامة إلى المهرة وحضرموت وشبوة للاطلاع على بعض المواقع الساحلية بهدف التعرف على أهم المناطق المحتمل أن تكون مهيأة لإنشاء ألسن بحرية أو موانئ.

المؤشر الأخطر في ما وراء مقدمات التحركات التي شهدتها السنوات الثلاث الأخيرة من الحرب والحصار، أن مجريات تلك التحركات تشير إلى اعتزام التحالف ومن ورائه الدول المستفيدة من الثروات النفطية اليمنية، تسعى لتدويل الموانئ النفطية في محافظتي شبوة وحضرموت، والمعروفة والمستحدثة في لحج والمهرة وغيرها من السواحل اليمنية، تمهيداً لإسناد حمايتها لوحدات مشتركة بريطانية وفرنسية وأمريكية، وفق عدد من المحللين الاقتصاديين.

ويرى المحلل الاقتصادي رشيد الحداد أن ترجمة هذه النوايا والمساعي مسنودة لمجلس العليمي ومعين عبد الملك، وبتكليف من قبل دول التحالف.. معتبراً تلك التحركات محاولة لتكريس الوصاية الأجنبية على جميع الموانئ النفطية والتجارية في مختلف السواحل اليمنية.

ومن الواضح والجلي أن التحركات الميدانية الأخيرة بقدر ما تشير إلى مشاريع استحداث موانئ جديدة بمساعدة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها، تبدو تغطية إعلامية لإشغال الرأي العام اليمني والجهات المانعة لتصدير النفط، عن حركة نقل النفط الخام من الحقول إلى موانئ تستخدم للبضائع كموانئ عدن والمكلا ونشطون عبر قاطرات تنقل النفط من الحقول إلى تلك الموانئ، وهو ما أكده ناشطون من أن عدداً من الحاويات المشبوهة تم إنزالها في ميناء المعلا عدن فجر اليوم، وذلك بعد طرد العمال من الميناء وانتشار كثيف للقوات السعودية.. حسب ناشطي التواصل الاجتماعي.

وبالحديث عن المسار الزمني، تجدر الإشارة إلى أن قضية اهتمام التحالف والحكومة والموالية له بموانئ اليمن المهملة والسعي لافتتاح موانئ جديدة، ليست وليدة ظروف ما بعد قرار حكومة صنعاء القاضي بمنع تصدير النفط خارج مصالح الشعب اليمني، وصرف مرتبات جميع موظفي الجهاز الإداري للدولة؛ بل بدأ هذا التركيز مع اللحظة الأولى للاستهداف المباشر لميناء الحديدة والصليف ورأس عيسى وغيرها من الموانئ اليمنية صبيحة 26 سبتمبر 2015م، في محاولة لرسم خارطة جديدة للسيطرة على الثروات والموارد اليمنية.

وفي وقت ظل التحالف يحاصر الموانئ اليمنية الواقعة في نطاق حكومة صنعاء كميناء الحديدة الذي تدخل منه 90% من واردات اليمن التجارية والغذائية؛ عززت القوى الاستعمارية الكبرى سبل الدعم للموانئ اليمنية التي تقع تحت سيطرة التحالف، معلنة بين الوقت والآخر عن إمكانية إنشاء مشاريع موانئ جديدة.

وفي سياق ذلك كشفت مصادر محلية في محافظة شبوة في العام 2018م عن مساعٍ سعودية لإنشاء ميناء نفطي، ومد أنبوب نفطي يربط الحقول السعودية بذلك الميناء عبر أراضي المحافظة التي شهدت، تبعاً لذلك، اعتصامات وتظاهرات مطالبة بخروج القوات السعودية منها وتسليم منفذي شحن وصيرفيت وميناء نشطون..
وحذرت تلك المصادر الحكومة الموالية للتحالف- التي أبدت استعدادها للتعاون مع الرياض- من التفريط بالسيادة اليمنية، عبر السماح للسعودية بمد الأنبوب الذي اشترطت الرياض أن تكون الأراضي التي يمر فيها الأنبوب النفطي والميناء المزمع إنشاؤه والمستقبل لضخه، تحت سيادتها.

تقارير محلية ودولية أكدت أيضاً في 2018م أن السعودية بدأت بإنشاء أنبوب نفطي من منطقة الخراخير بمحافظة حضرموت، باتجاه ميناء نشطون بمحافظة المهرة، وذلك بعد توسعها 42 كم2 في الأراضي اليمنية الحدودية بمحافظة حضرموت، وفي أغسطس من العام نفسه قالت مصادر خاصة في أرخبيل سقطرى: إن الإمارات تسعى لإنشاء مرفأ في منطقة معزولة بالجزيرة يمنع الوصول إليها أو الاقتراب منها، بهدف استخدامه لتهريب ثروات الأرخبيل ومنتجاته الطبيعية النادرة، واستقبال الشحنات الإماراتية خارج الرقابة من النفط والبضائع والمخدرات والأسلحة التي تريد تسويقها عبر فصائلها المنتشرة في مناطق سيطرة التحالف.

وبإيعاز من التحالف وقع محافظ شبوة محمد صالح بن عـديو المعين من الحكومة المعترف بها دولياً- في نوفمبر 2020م- مع شركة (Q.Z.Y) التابعة لأحمد العيسي اتفاقية استثمار لإنشاء وبناء ميناء قنا بمديرية رضوم على مرحلتين الأولى إنشاء خزان عائم للمشتقات النفطية وسفينة عائمة في مده أقصاها ستون يوماً، والمرحلة الثانية البدء في إنشاء الأرصفة وكافة المراكز والمرافق الخدمية الكفيلة برفع كفاءة الميناء لتصدير شحنات النفط الخام.

وفي يوليو 2021م أبرمت سلطات الحكومة الموالية عقد إنشاء وتشغيل ميناء بحري في مديرية قشن بمحافظة المهرة، مع شركة “أجهام للطاقة والتعدين المحدودة” بهدف تصدير الحجر الجيري.. وهو الاتفاق الذي لم يكن استثمارياً بل صفقة بيع نهائي كشف عنه رئيس “مركز هنا عدن للدراسات” أنيس منصور، نهاية يونيو 2022م مؤكداً أن حكومة معين عبدالملك، وبواسطة وزير النقل، قامت ببيع ميناء قشن في محافظة المهرة.

وأوضح منصور أن تكلفة مشروع الميناء تبلغ 130 مليون دولار، بينما يبلغ رأس مال الشركة 20 مليون دولار، لافتاً إلى أن الشركة التي لم تكشف عن هويتها- وإن بدت كمتعددة الجنسية ولها وكيل في اليمن من طرف التحالف- دفعت بموجب العقد لوزارة النقل في حكومة التحالف خمسة ملايين دولار.. معتبراً الاتفاق أحدث صفقات التفريط بالسيادة اليمنية.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً