تقرير خاص – يمن إيكو
في تمام الساعة السابعة من يوم الـ2 من إبريل الجاري، دخلت الهدنة حيّز التنفيذ، والتي تمتد شهرين، لكنها رغم أهميتها القصوى في تخفيف معاناة اليمنيين في الداخل والخارج جراء الأوضاع الإنسانية الكارثية التي خلفتها سبع سنوات من الحرب والحصار من قبل التحالف بقيادة الرياض، لم تشر إلى فتح المنافذ البرية.
الأمر الأهم الذي أثار استغراب الملايين، هو تجاهل محددات الهدنة للحديث أو الإشارة إلى المنافذ البرية الرئيسة لليمن، كمنفذ الطوال وعلب والبقع، المغلقة- منذ صبيحة 26 مارس 2015م- في وجه ملايين اليمنيين المغتربين، أو الزوار الذين تتساوق حركتهم عبر تلك المنافذ لكونها الأقرب والأكثر سهولة ويسراً لسفرهم ونقل بضائعهم وممتلكاتهم.
رغم الأهمية الإنسانية والتجارية القصوى التي تمثلها تلك المنافذ لنحو 90% من حركة السفر والتجار- المتساوقة بين البلدين الجارين، بحكم كونها تخدم أكثر من 80% من اليمنيين- لم تكن وحدها التي استهدفها قصف طيران التحالف، ثم إغلاقها تماماً، في وجه الصادرات وحركة المسافرين، بل طال القصف والحصار والسيطرة العسكرية كافة المنافذ البرية اليمنية، من المهرة حيث منفذي: شحن، وصرفيت، على الحدود اليمنية العمانية، ومروراً بحضرموت حيث ميناء الوديعة البري، وعلب والبقع في محافظة صعدة، حتى حرض محافظة حجة حيث منفذ الطوال الأكثر أهمية في البلاد.
من تلك المنافذ ما تم قصف بنيته التحتية، وتدمير أسواقه التجارية، ومنها ما سيطر عليه التحالف محولاً له إلى منفذ يتبع سلطاته التي تتصرف بموارد المنفذ السيادية، وحركته التجارية، وشؤونه الجمركية والإيرادية، في مغزى قال مراقبون إنه يستهدف إغراق الأسواق اليمنية بمنتجات التحالف المختلفة، وتهريبها خارج الدوائر الجمركية القانونية المستحقة للخزينة اليمنية.
هذا التجاهل، أعاد إلى الواجهة مطالب الملايين من اليمنيين بضرورة فتح منفذ الطوال الرئيسي، الكفيل بتخفيف معاناة المسافرين، فالمغترب من أبناء مديرية حرض محافظة حجة، في صامطة السعودية أو خميس مشيط، رغم موقعه على بُعد ساعة أو أقل من ساعة للسفر وعائلته إلى منطقتهم، مضطرون- بعد إغلاق التحالف منفذ الطوال- للسفر شرقاً داخل السعودية في مسافة طولها 723 كيلو متراً، ثم السفر داخل اليمن من الوديعة إلى حجة غرباً، لقطع مسافات من الطرق الصحراوية والجبلية الوعرة، يتجاوز طولها 1300 كيلو متر تقريباً، في مخاطرة غير محسوبة النتائج قد تنتهي بتيه رحلته في صحراء الجوف وجبال صعدة لأسابيع، حتى يصل حجة، إن قدر له وأسرته النجاة.
وأعلن التحالف في 23 مايو 2015م، الإغلاق الكامل والنهائي لمنفذ حرض/الطوال معطلاً فيه حركة السفر والتجارة بين اليمن ودول الخليج وبالذات السعودية، والصادرات الزراعية والسمكية اليومية، وضرب بيئة العمل في حرض وغيرها من المدن والمراكز الحدودية، ما تسبب في حرمان الخزينة اليمنية من إيرادات سنوية تقدر قرابة 30 مليار ريال، من خلال: توقف 80% من الصادرات الزراعية والسمكية، وأدى إلى شلل تام لبيئة العمل في أسواق منطقة حرض، التي كانت تشغل الآلاف من فرص العمل.
قصف التحالف وإغلاقه منفذ الطوال البري، وكذلك منفذي علب والبقع، ليسا العملين الوحيدين اللذين قام بهما التحالف، بل امتدت ممارساته للسيطرة العسكرية على المنافذ الأخرى، ليلحق الضرر البالغ بالتجارة الخارجية اليمنية، ففي تقريرها الرسمي الصادر في أكتوبر الماضي اعترفت حكومة هادي، المدعومة من التحالف، بالتأثيرات القاسية للحرب والحصار على مؤشر التجارة الخارجية.. مؤكدة أن عجز سجل الميزان التجاري، بلغ 7.8 مليار دولار في عام 2020، مقارنة بنحو 4.2 مليار دولار في عام 2012م.
ووفق مركز تنمية الصادرات اليمنية بصنعاء، بلغ إجمالي الخسائر الناجمة عن توقف الصادرات من المنتجات غير النفطية 33 ملياراً و77 مليون دولار. وبإضافة الخسائر في الأرباح يصل إجمالي التقديرات الأولية للخسائر التي تعرضت لها التجارة الخارجية إلى 36 ملياراً و285 مليون دولار، كما خسرت اليمن نحو 5 مليارات ريال (حوالي 3 ملايين دولار) سنوياً، هي إجمالي قيمة الصادرات من المنتجات الزراعية، مثل العنب والخوخ والذرة والشعير والعدس والزبيب والبن اليمني.
في مقابل إغلاق منافذ الطوال/حرض وعلب والبقع، أبقى التحالف على ثلاثة منافذ، هي صرفيت وشحن والوديعة، لتكون تلك المنافذ مسرحاً للسيطرة العسكرية، وما تتسبب به من تعطيل الحركة التجارية، وشل الإيرادات السيادية للبلد، إذ قدرت تقارير عائدات العامين الماضيين الموثقة أن إيرادات منفذ الوديعة- على سبيل المثال لا الحصر- تجاوزت 50 مليار ريال سنوياً.. مؤكدة أن تلك الإيرادات تتعرض للنهب من قبل القيادات العسكرية المسيطرة على المنفذ من الجانبين اليمني والسعودي.
يضاف إلى ذلك مضاعفة معاناة المسافرين، خصوصاً في منفذ الوديعة الحدودي، في ظل اختناق وعرقلة حركة العبور خلال المنفذ، وتعطيل حركة التجارة، حيث تتكدس السيارات والمركبات والشاحنات في طوابير طويلة، ما يضطر المسافرين للبقاء عدة أيام في العراء، منتظرين السماح لهم بالعبور دخولاً أو خروجاً.. ألم تكن هذه المعاناة وهذه الخسائر جديرة بأن تلتفت الهدنة إلى حصار المنافذ البرية وإغلاقها…؟!