تقرير – يمن إيكو
أعلنت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 4.3 مليارات دولار لمساعدة أكثر من 17 مليون شخص يمني خلال العام الجاري، في مؤشرٍ على مسعىً أممي لعقد مؤتمر جديد للمانحين خلال العام 2023م، وسط مخاوف من تكرار فشل مؤتمراتها السابقة بشأن حشد التمويلات والدعم الدولي لخطط الاستجابة الإنسانية في اليمن، على خلفية انحسار ثقة المانحين بأداء منظماتها المتعددة في البلاد خلال سنوات الحرب والحصار للعام الثامن.
وأوضح بيان صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للمنظمة الأممية باليمن، أن الخطة الإنسانية لليمن للعام الجاري ستدعم على سبيل المثال لا الحصر الأشخاص النازحين داخليا وأولئك الذين يحاولون العودة (إلى ديارهم) والمهمشين، وثلاث فئات من ذوي الإعاقة والمهاجرين واللاجئين.
وحذر البيان ضمنياً من خطورة استمرار حالة الحرب والحصار (أو ما يسميه المراقبون حالة اللاحرب واللاسلم) لعام جديد على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية على اليمنيين، حيث رجح البيان –في ظل غياب تسوية سياسية شاملة-أن يظل النزوح في تصاعد مستمر والوضع الاقتصادي في ترد إلى الأسوأ، خصوصاً في ظل إجراءات الحكومة (المعترف بها دولياً) الاقتصادية التي شملت رفع تعرفة الدولار الجمركي إلى 750 ريالاً، وتصعيد أسعار المشتقات النفطية والغاز، وخدمتي الكهرباء والمياه، إلى مستويات تكافئ الأسعار العالمية.
وتشير التقارير الأممية والدولية إلى أن سنوات الحرب والحصار التي خاضها التحالف في اليمن منذ 26 مارس 2015م خلفت أسوأ كارثة إنسانية في العالم، حيث أودت الحرب حتى نهاية 2021م بحياة 377 ألف شخص، فيما كبدت الحرب المقرونة بالحصار الشامل الذي فرضه التحالف على ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي والمنافذ البرية- اقتصاد اليمن خسائر بلغت 126 مليار دولار، وفق الأمم المتحدة، وبات معظم سكان البلاد البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات.
وحسب بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة للإغاثة الإنسانية نشر أمس الأربعاء على موقعه الرسمي (reliefweb) فإن ثلثي سكان اليمن – 21.6 مليون شخص – سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية، خلال العام 2023م نتيجة لتداعيات ثمان سنوات من الحرب التي طال أمدها، وسيفضي استمرارها إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والمعيشي وتزايد موجة النزوح.
تحضير الأمم المتحدة لعقد مؤتمر سابعٍ –خلال سنوات الحرب- للمانحين لحشد التمويلات باسم الشعب اليمني في العام 2023م، مؤشر خطير ينم عن توقعاتها استمرار حالة الحرب والحصار، التي إن كان ثمة مستفيد من استطالتها فهو الجانب الأممي ومنظماته المستقبلة للتمويلات السنوية لتنفيذ خططها الإنسانية، التي لم يظهر أثرها الإيجابي في الواقع رغم ضجيجها الإعلامي على المستوى المحلي والدولي.
وكانت الأمم المتحدة دعت مطلع العام 2022م المانحين لتوفير قرابة 4.3 مليارات دولار لتمويل الخطة الأممية للاستجابة الإنسانية في اليمن، وبناء على تلك الدعوة نظمت مملكة السويد وسويسرا في الـ 16 من مارس من العام نفسه مؤتمر المانحين لكنها لم تحقق سوى 1.3 مليار دولار من المبلغ الذي طلبته، في نتيجة مخيبة اعتبرها مراقبون، مؤشراً خطيراً على انحسار ثقة المانحين بإدارة المنظمات الأممية للأموال الممنوحة بنزاهة وشفافية.
مكتب “أوتشا” المتخصص في تتبع التمويلات في اليمن كان قد كشف العام الماضي عن استلام الأمم المتحدة خلال (2015-2019م) نحو 15 ملياراً و14 مليون دولار، تحت مسمى مساعدة الشعب اليمني، لكنها استهلكت قرابة 80% منها على شكل نفقات تشغيلية لمكاتبها والعاملين على تصريفها من وسطاء ومنظمات دولية ومحلية، مستغلة فساد الحكومة الموالية للتحالف، وفق تقارير أممية أكدت تلك الاختلالات.
ويؤكد اقتصاديون أن قرابة 20% من تلك النفقات فقط تذهب لمساعدة الشعب اليمني، لكن الكارثة أن هذه النسبة لا تذهب لمشاريع تنموية مستدامة، بل تذهب مساعدات وسلال غذائية، من شأنها تدمير ثقافة العمل والإنتاج لدى الأسرة اليمنية، مشيرين إلى أن هناك مشاريع في اليمن يجري إعادة توزيعها على منظمات محلية محسوبة على الحكومة المعترف بها دولياً، وهذه الطريقة فتحت أبوباً واسعة للفساد، وحالت دون وصول المساعدات إلى مستحقيها.
خلاصة القول: إن فساد إدارة التمويلات، وانحسار الثقة بالمنظمات الأممية وشركائها أسهم بشكل واضح في دخول الأوضاع الإنسانية اليمنية مساراً أكثر خطورة، خصوصاً بعد أن تحولت تداعيات الحرب الكارثية في البلاد إلى وجهة سهلة ومناسبة للفساد في ظل غياب الشفافية والتتبع الدقيق لمسارات ما أبقته نفقات المنظمات التشغيلية من تلك التمويلات الضخمة.