يمن ايكو
تقارير

ما وراء هدنة اليمن: إقرار بمسؤولية التحالف وحكومة هادي عن الحصار

تقرير خاص/ يمن إيكو

في أول خطوة تمس الملف الاقتصادي والمعيشي منذ بدء الحرب قبل سبع سنوات، أعلنت الأمم المتحدة أن أطراف الحرب في اليمن (حكومة هادي، التحالف، حكومة صنعاء) سينفذون هدنة شاملة مدتها شهران تبدأ اعتبارا من 2 أبريل، وتمتد إلى 2 يونيو 2022م قابلة للتمديد.. موضحة أن الهدف من الهدنة توفير بيئة مواتية للتواصل إلى تسوية سلمية للنزاع، وخفض تصعيد العنف، ولمعالجة الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية، التي يعاني منها اليمن جراء الحرب والحصار.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة أدلى بها للصحافة الجمعة من المقر الأممي بنيويورك أن الهدنة التي وافق عليها جميع الأطراف (حكومة هادي والتحالف وحكومة صنعاء) – تشمل الأطراف على وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية الجوية والبرية والبحرية داخل اليمن، ودخول سفن المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة، وتسيير الرحلات الجوية التجارية من وإلى صنعاء، نحو وجهات محدَّدة مسبَّقاً في المنطقة.

وأضاف غوتيريش، تصادف هذه الهدنة القابلة للتجديد بدء شهر رمضان الفضيل، وتتيح المجال للتصدي للحاجات الإنسانية والاقتصادية العاجلة وتخلق فرصة حقيقية لإعادة إطلاق العملية السياسية في اليمن.. مشيدا بجميع الأطراف على موافقتهم على إبرام هدنة لمدة شهرين، وحاثا الجميع الأطراف على اتِّخاذ الترتيبات الضرورية لدعم إنجاح تنفيذ الهدنة وتفعيل آليات التعاون دون تأخير.

وحظيت الهدنة بترحيب إقليمي ودولي واسع، واعتبرتها الإدارة الأمريكية -التي تعم التحالف منذ بدءهذه الحرب منذ بدايتها- خطوة مهمة لكنها ليست كافية، حسب تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن، لكن السؤال الأهم في أبعادها وموجهاتها هو: هل هي كافية لمعالجة ما خلفته سبع سنوات من الحرب والحصار من أوضاع إنسانية كارثية.

وفيما تشير تفاصيل مبادرة الأمم المتحدة إلى السماح بدخول 18 سفينة من سفن المشتقات النفطية خلال شهري الهدنة إلى موانئ الحديدة، باعتبار 9 سفن مشتقات تفي بالاحتياج الشهري للمحافظات المحاصرة من الوقود، يؤكد المراقبون أنها لا تفي بمعالجة ما خلفه الحصار الذي فرضه التحالف على ميناء الحديدة خلال السنوات السبع السابقة، حتى وصل عدد السفن التي تدخل الميناء شهريا إلى ما دون الصفر، وهو ما أكدته شركة النفط اليمنية في حكومة صنعاء (الحوثيين)، موضحة أن نسبة ما تم الإفراج خلال عام كامل لا يصل إلى 5% من السفن، بينما ظل أكثر من 95% محتجز في البحر مع التصاريح الأممية.

ما أكدته الشركة في وقت سابق، هو أن عدد سفن الوقود المفرج عنها خلال 2021 الذي شكل ذروة الحصار واحتجاز السفن، نحو (5) سفينة (بنزين، ديزل، مازوت، غاز) مخصص القطاع العام، من 108 سفن هو حجم الاحتياج الفعلي السنوي لمناطق حكومة صنعاء المحاصرة، على عكس العام 2020م الذي بلغت فيه نسبة السفن التي تم الإفراج عنها 40% من إجمالي الاحتياج الفعلي.

الأكثر كارثية في الحصار الذي ظل التحالف وحكومة هادي ينفونه خلال السنوات الماضية، قد خلف وضعا إنسانيا كارثيا لا يمكن معالجته في رأي كثير من الخبراء، بمجرد هدنة شهرين، بالإفراج عن 18 سفينة وقود فقط، فالقطاعات الحيوية والإنتاجية والاقتصادية تعاني من نقص حاد في الوقود.. مؤكدين الشعب اليمني حُرم الاستفادة من انخفاض أسعار المشتقات النفطية أثناء انخفاض السعر العالمي للوقود خلال الفترة الماضية، نتيجة استمرار الحصار واحتجاز سفن الوقود ومنعها من الدخول إلى ميناء الحديدة، وتحويل مسارها الملاحي إلى موانئ سيطرة التحالف رفعت كلفة المشتقات بنحو 50% عن المستورد عبر ميناء الحديدة.

ووفقا لما ألمح إليه تقرير مجموعة الأزمات الدولية -الذي صدر نهاية فبراير الماضي والذي قدم قراءة واقعية لمسار الحرب الاقتصادية خلال الفترة (2019-2022م)- فقد خلقت إجراءات حكومة هادي والتحالف وضعا كارثيا بكل المقاييس فيما يتصل باحتياج الشعب اليمني من الوقود، ومن تلك الإجراءات التي أشار اليها التقرير إصدار هادي للقرار رقم 75 لعام 2018 وآليته التنفيذية للسيطرة على تجارة المنتجات النفطية وتنظيمها خلال الربع الأول من عام 2019م، وكذلك قرار حكومة رقم 49 لسنة 2019م الذي فرض دفع الجمارك والضرائب للحكومة قبل دخول الشحنات البحرية إلى الموانئ اليمنية.

ولفت التقرير إلى أنه بعد نشر القرار 49، تراجعت واردات الوقود عبر الحديدة بشكل حاد، وأصبح نقص الوقود أمراً مألوفاً في مناطق حكومة صنعاء (الحوثيين) مؤكدا أن أسعار الوقود تضاعفت ثلاث مرات في بعض هذه المناطق، فارتفعت من 300,7 ﷼ (نحو 12 دولاراً) إلى أكثر من 20 ألف ﷼ نحو (33 دولاراً) لكل 20 ليتر، ومع كل تلك المؤشرات والواقعية، تنصلت حكومة هادي ومن ورائها التحالف عن مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي وارتفاع الأسعار، مؤكدة لوسائل الإعلام العربية والعالمية أن لا صلة لها بما يجري ملقية بالمسؤولية واللائمة على حكومة صنعاء التي تدير البلاد بنجاح في ظل أزمة بالغة الصعوبة.

وعلى صعيد حصار مطار صنعاء الدولي الذي يخدم قرابة 75% من سكان اليمن، قضت الهدنة بالسماح برحلتين جويتين تجاريتين من وإلى صنعاء كل أسبوع خلال شهري الهدنة بإجمالي 16 رحلة جوية محددة بين صنعاء والمملكة الأردنية الهاشمية، وبين صنعاء والقاهرة، عبر المطار الذي كان متوسط الرحلات اليومية بالعشرات حسب مؤشرات ما قبل سنوات الحرب، وهو ما يكشف أن ما أقرته الهدنة بمعدل رحلتين كل أسبوع وإلى وجهات محددة، معناه استمرار القيود على مطار صنعاء، والتي لن تزول إلا بعودته لما كان عليه قبل الحرب.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً