يمن ايكو
تقارير

بين “وديعتين”.. لماذا تحجم السعودية عن معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وتندفع نحو “مساعدة” تركيا؟

تقرير خاص – يمن إيكو

شتان بين وديعة مجتزأة أتت باشتراطات، بعد عام من المماطلة لبلد كان المودِع فاعلاً في دماره وانهيار اقتصاده، ووديعة عاجلة تأتي بمبادرة ذاتية تحمل طابعاً سياسياً أكثر منه إنسانياً.. ذلك هو واقع المقارنة، بين الوديعة التي تعهدت السعودية بها قبل قرابة عام كدعم لحكومة الرئاسي، لمواجهة الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، ولم تحول سوى أقل من نصف المبلغ الذي تعهدت به إلى حساب مركزي عدن في البنك الأهلي السعودي، وبين الوديعة التي ضختها السعودية في البنك المركزي التركي بمبلغ 5 مليارات دولار، بهدف إحداث انتعاش اقتصادي واستقرار العملة وتهدئة الأوضاع الداخلية، وإسناد موقف الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، القادم على خوض الانتخابات الرئاسية.

مصادر اقتصادية كشفت أن “الوديعة” التي أعلنت السعودية تقديمها للبنك المركزي في عدن مؤخراً، ستكون خاضعة لعدة قيود، وأن التصرف بها سيكون مشروطاً بإذن سعودي، وهو ما يعزز حقيقة عدم جدوى الاعتماد عليها، كما يعيد إثارة التساؤلات حول حقيقة الموقف السعودي من الأزمة الاقتصادية اليمنية، خصوصاً مع إعلان السعودية عن تقديم وديعة للبنك المركزي التركي بقيمة خمسة مليارات دولار.

وقال الصندوق السعودي للتنمية، اليوم الإثنين، إن السعودية وقّعت اتفاقاً مع أنقرة لإيداع خمسة مليارات دولار في البنك المركزي التركي، في سياق دعم تركيا التي تعاني من التضخم، إلى جانب أضرار كارثة الزلزال.

هذا الإعلان يدفع إلى وضع مقارنة- تلقائية- بين الموقف السعودي من الأزمة الاقتصادية في اليمن، وموقفها من الوضع في تركيا، خصوصاً وأن السبب الرئيسي للأزمة اليمنية هو الحرب التي قادتها السعودية، بإجماع كل الخبراء والمراقبين، وهو ما يفرض على السعودية التزاماً يرقى إلى المستوى المطلوب لمعالجة هذه الأزمة.

هذا المستوى من الالتزام لم ترقَ إليه “الوديعة” الأخيرة التي أعلنت السعودية تقديمها للبنك المركزي في عدن، والتي لم تكن “منحة”، بل قرض بفوائد سنوية مرتفعة تحمل مخاطر كبيرة على الاقتصاد اليمني، كما أنها مقيدة بشروط تمنع حتى أي استفادة “محتملة” منها، على عكس الوديعة المقدمة للبنك المركزي التركي.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “الأمناء” التي تصدر في عدن، عن مصادر بنكية أن القرض السعودي الأخير، سيتم إيداعه في حساب مركزي عدن بالبنك الأهلي السعودي، وأن السحب منها سيكون خاضعاً “لإجراءات معقدة”.

وأضافت المصادر أن الصرف من “الوديعة” الأخيرة سيكون مقيداً بالحصول على موافقة من السعودية، مشيرة إلى أن صندوق النقد العربي (المُقرض) سيشرف على صرفها خلال فترة زمنية تصل إلى سنتين.

هذه المعلومات تعزز الشكوك المستمرة بشأن جدوى الاعتماد على الوديعة لـ “معالجة الوضع الاقتصادي”، وهو العنوان الذي يتم ترديده بشكل رسمي من جانب السعودية وحكومة “الرئاسي”، على الرغم من أن محافظ البنك المركزي في عدن، أحمد غالب المعبقي، أكد قبل أيام أن “الوديعة ليست حلاً”.

ووفقاً لذلك، فإن المقارنة بين “الوديعة” الأخيرة التي أعلنت السعودية تقديمها للبنك المركزي في عدن، والوديعة المقدمة للبنك المركزي التركي تظهر فروقاً كبيرة في موقف الرياض، فالأولى إن لم تكن تحمل من المخاطر أكثر مما تحمل من المنافع، فهي على الأقل بلا أي جدوى، كما تؤكد المعلومات السابقة، بالإضافة إلى أنها أقل من نصف المبلغ الذي تم التعهد أصلاً بتقديمه (3.3 مليار دولار)، بينما الوديعة المقدمة لتركيا أعلى بكثير، ولا يبدو أنها تحمل القدر نفسه من المخاطر والقيود التي تحملها وديعة مركزي عدن.

هذه الفروق تطرح تساؤلاً مهماً حول طبيعة الدوافع والمواقف التي اعتمدت عليها السعودية في الحالتين، وهو تساؤل من المرجح أن تكون الإجابة عليه سياسية أكثر منها اقتصادية.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً