يمن ايكو
تقارير

📃 رسوم لا تودع في بنكها المركزي.. حكومة الرئاسي تعترف بفشلها الإداري والمالي

تقرير خاص- يمن إيكو

بعد قرابة سبع سنوات من نقل عمليات البنك المركزي اليمني إلى عدن، وانشغالها بمراكمة الديون الخارجية والتهام المساعدات وتبديد الودائع؛ اعترفت حكومة المجلس الرئاسي المُعين من الرياض صراحة بعجزها التام في السيطرة على القطاع المالي الحكومي، بعد ثماني سنوات من سياب المال العام.

وأكدت مصادر حكومية أن وزارة مالية حكومة المجلس الرئاسي المعين من الرياض، وبنك مركزي عدن يعيشان خيبة أمل، بعد أن تبيّن أن عدداً من الجهات الحكومية تتصرف بوفورات إيراداتها في منأى عن رقابة المؤسسة البنكية المتمثلة في البنك المركزي بعدن.

المصادر نفسها، أكدت أن فشل الحكومة في إدارة القطاع المالي في مناطق سيطرة التحالف، اقترن بنجاحها في تبديد المنح والهبات والتبرعات خارج مسارات النفقات المعتادة، ولم يتم رفع أي تقارير دورية خاصة بالحسابات إلى وزارة المالية، بسبب انحسار الدور الرقابي في عموم الجهات الحكومية، منذ نقل عمليات البنك المركزي إلى عدن في سبتمبر 2016م.

وفي محاولة لتغطية هذا الانكشاف وجَّه وزير مالية الحكومة الموالية للتحالف سالم بن بريك، أمس السبت، بإغلاق كافة الحسابات الحكومية خارج البنك المركزي، ووقف الصرف من الوفورات، ووقف الصرف المباشر من الإيرادات.

وكشف بن بريك ضمنياً عن أن المنح والهبات والتبرعات لم تقيد في سجلات النفقات الحكومية، ولم يرفع بها أي تقارير دورية خلال السنوات الماضية.

هذه التوجيهات- حسب المراقبين- لن تغير شيئاً كسابقاتها بقدر ما ستساهم في استمرار فشل البنك المركزي في إدارة القطاع المصرفي، وتراجع ثقة الجهات الحكومية بالبنك.. مؤكدين أن هذه المرة هي الخامسة التي تُصدر فيها وزارة المالية توجيهات وتعميمات للبنك المركزي والوزارات ومحافظي المحافظات، تطالبهم فيها بسرعة إغلاق الحسابات المفتوحة لدى البنوك والصرافين، خارج إطار المركزي اليمني.

وأشار المراقبون إلى أن التعميم الأول بهذا الشأن صدر في عام 2019، وتلاه توجيه لاحق، في 2020، ثم عام 2021، فيما كان التعميم الرابع مطلع 2022م.. مؤكدين أنها توجيهات لا تعدو عن كونها مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، ولا أمل آخر يعلق على هذه الحكومية الكرتونية الموظفة مع التحالف وليس مع اليمن، وباعترافات مسؤوليها التي كان آخرها إيضاحات وزير النقل المقال بأمر من التحالف صالح الجبواني، في مقابلة تلفزيونية مع قناة “يمن شباب” المحسوبة على التحالف.

الأهم أن اعتراف وزارة مالية حكومة الرئاسي المغلف بشعارات الإصلاحات المالية، يتمثل في أنه يكشف بما لا يدع مجالاً للغموض عن أن إجراءات الحكومة لا تعني حل الإشكال بقدر ما تذهب باتجاه الإفصاح عن استمرار الصراع على الموارد بين فصائل التحالف المتنازعة على مقدرات وعائدات الجهات الحكومية، التي تعمل أصلاً خارج الحكومة تنفيذاً لأجندة التحالف الذي يريد هذا المشروع في مناطق سيطرته، خصوصاً ووزارة المالية تدرك أن حسابات الجهات الحكومية النفطية مفتوحة في البنك الأهلي السعودي، ولا يحق لها بأي حال من الأحوال الحديث عن هذا الملف.

الأكثر صلة بعمق هذا التسيب المالي والإيرادي، هو ما أكده مديرو الهيئات المالية والزكوية بمناطق سيطرة التحالف، من أن أحد التحديات الرئيسية لتحصيل الإيرادات المحلية يتمثل في العدد المتزايد لوكالات التحصيل في المحافظات والتي لا تودع الإيرادات المحصلة في الحسابات الحكومية المتفق عليها من سنوات.

وما يؤكد شتات الموارد الحكومية ويؤهلها لأن تكون سبباً لاستدامة الصراعات بين تلك الفصائل يتمثل في ما أشار إليه الاجتماع؛ من أن 50 نوعاً من الرسوم القانونية لا تودع في الحسابات الحكومية.. لافتاً إلى أن مشكلة عدم وصول الإيرادات إلى خزينة الدولة، هو الاعتماد على المقاولين (أي المتحصلين بتكليفات متناقضة من قيادات تلك الفصائل).

الاجتماع- الذي نظمه منتدى التنمية السياسية ومؤسسة بيرغوف في عدن الأسبوع الماضي، بتمويل من ألمانيا- بدا واضحاً لصانعي السياسات، رغم أنه جاء في الوقت الضائع، كشف عن تحديات كبيرة لا يدركها كثير من الاقتصاديين، تتعلق بالرسوم التي تم تحصيلها، بشكل غير صحيح في كثير من الأحيان، من قبل وحدات الأمن المختلفة والمتعددة.

وفيما يتزامن انكشاف هذا التسيب الإيرادي والمالي مع إعلان مركزي عدن رفع سقف مزاداته الأسبوعية لبيع عملة أجنبية إلى 50 مليون دولار؛ فإن هذا التسيب يكذّب بكل وضوح ما ذهب إليه تقرير البنك المركزي اليمني عدن من أن تحصيل الإيرادات زاد بنسبة أكثر 30% خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021م.

خلاصة القول: إن المعضلة الأبرز- حسب المراقبين- تتمثل في تآكل الدخل من الرسوم الثابتة، والارتباك القانوني الموجود حيال إيرادات المحافظات والمنافذ، كملف غامض يشهد أزمة صراع فاقمتها مسألة تضارب المصالح والأجندة الاستحواذية لفصائل التحالف الذي فرض واقعاً- في مناطق سيطرته- لا يمكن معه توحيد جميع الفصائل وأجهزتها لضمان تحصيل الإيرادات إلى وعاء موحد، وهو الأمر الذي لن يتحقق إلا برحيل التحالف وإنهاء مشروعه التفكيكي.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً