يمن ايكو
تقارير

📃 احتجاز السفن وتهريب النفط الخام والهدنة.. لا جديد باتجاه السلام الاقتصادي والمعيشي لليمنيين

تقرير خاص – يمن إيكو

على تطلعات الشعب اليمني لرفع معاناته، وإلى أفق مظلم من تصعيد حصار الوقود والإضرار بالقطاعات الحيوية، مضى الشهر الأول من الفترة الثالثة للهدنة التي بدأت في الـ 2 من أغسطس وستنتهي في الـ2 من أكتوبر، وبالبنود نفسها المنصوص عليها في الاتفاق الموقع مطلع أبريل الماضي برعاية أممية، على أن يتضمن تمديد الهدنة بفترتها الثالثة، التزاماً من الأطراف بتكثيف المفاوضات للوصول إلى اتفاق هدنة موسَّع في أسرع وقت ممكن.

المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، كان قد تحدث في بيان صحافي له عقب موافقة الأطراف على تمديد الهدنة لفترة ثالثة، بأن لديه مقترحاً موسعاً سيشمل الاتفاق على آلية صرف شفافة وفعّالة لسداد رواتب موظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين المدنيين بشكل منتظم، وفتح الطرق في تعز ومحافظات أخرى، وتسيير المزيد من وجهات السفر من وإلى مطار صنعاء، وتوفير الوقود وانتظام تدفقه عبر موانئ الحديدة، غير أن الواقع التنفيذي يفيد بألَّا جديد يذكر في طريق التوصل لموافقة الأطراف على المقترح الأممي الذي زاد من معنويات اليمنيين إزاء رفع الحظر كاملاً عن مطار صنعاء الدولي، والتوقف عن احتجاز سفن الوقود، وفتح الطرقات، باتجاه التوصل إلى هدنة موسعة تفضي إلى سلام اقتصادي ومعيشي ينهي معاناة اليمنيين.

ليست المشكلة في عدم خروج ذلك المقترح الأممي إلى النور، أو حتى للتداول على طاولة المفاوضات التي شهدت تهرباً واضحاً وعدم حضور طرف الحكومة المعترف بها دولياً، بل التحدي الأكبر أمام تطلعات الشعب اليمني إلى إحلال أي سلام يعيد له دورته الاقتصادية والمعيشية، هو تعثر البنود المحورية والاقتصادية الأهم من اتفاق الهدنة الأصلية، المتعلقة بالسماح للسفن بالدخول إلى ميناء الحديدة.

شركة النفط اليمنية في صنعاء، أكدت الثلاثاء في بيان لها، أن التحالف ما يزال يحتجز حتى الـ6 من سبتمبر الجاري 12 سفينة مشتقات نفطية، برفقة تصاريحها الأممية، منها 9 سفن كان مقرراً السماح بدخولها إلى ميناء الحديدة خلال الشهر الأول من الفترة الثالثة للهدنة (2 أغسطس المنصرم إلى 2 سبتمبر الجاري) وفق الاتفاق الأصلي للهدنة.

وأشار البيان إلى أن غرامات احتجاز سفن المشتقات النفطية الـ(9) خلال الشهر الأول من الفترة الثالثة للهدنة، بلغت 11 مليون دولار، بسبب منع التحالف دخول السفن المصرح لها أممياً إلى ميناء الحديدة، فضلاً عن الغرامات الأخرى الناجمة عن تأخيرها في جيبوتي لمدة إجمالية تجاوزت (152) يوماً، في انتظار التفتيش والحصول على التصاريح.

وأضاف البيان، أنه لم تصل إلى موانئ الحديدة خلال فترة الهدنة المؤقتة (إبريل – سبتمبر) سوى ٣٣ سفينة وقود من أصل ٥٤ سفينة، ما يعني أن الشهر الأول من الفترة الثالثة لم يشهد وصول أي سفينة حتى الآن، وأن ثلاثاً من السفن الـ9 المحتجزة كان من المفترض أن تصل قبل 2 أغسطس الماضي، مع نهاية الفترة الثانية من تمديد الهدنة.

وأعلنت الشركة اضطرارها للعمل بخطة الطوارئ، اعتباراً من الأحد الماضي.. محملة التحالف والأمم المتحدة كامل المسؤولية عن كل النتائج والتداعيات الإنسانية والاقتصادية، المباشرة وغير المباشرة، المترتبة على استمرار الحصار المشدّد على سفن الوقود، وتدهور الوضع التمويني، والعجز عن تموين القطاعات الحيوية والإنتاجية والخدمية، العامة والخاصة، بالمشتقات النفطية.

وتحمل السفن الـ12 المحتجزة من قبل التحالف نحو 323,604 آلاف طن من المشتقات النفطية، موزعة على: سفينة غاز منزلي تحمل 9,333 طناً، 4 سفن بنزين تحمل 117,161 طناً، و5 سفن ديزل تحمل 137,665 طناً، سفينتي مازوت تحملان 59,445 طناً.

ومع دخول الشهر الثاني (سبتمبر) من الفترة الثالثة للهدنة، ومقابل العقاب الجماعي للشعب اليمني بحصار واحتجاز الوقود رغم الهدنة، تواصل الحكومة المعترف بها دولياً استنزاف موارد البلد النفطية، في وقت يعاني الموظفون من انقطاع رواتبهم واستمرار تدهور الاقتصاد اليمني.

وزير النفط والمعادن التابع لحكومة صنعاء “أحمد دارس”، أكد السبت الماضي في مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام أن التحالف والحكومة المعترف بها دولياً رفعوا من معدل إنتاج النفط اليمني الخام مؤخراً، ليصل إلى 91,150 برميل يومياً، بما يزيد عن مليونين و700 ألف برميل شهرياً.. مضيفاً: “حجم النفط الخام المنهوب خلال الفترة منذ عام 2018 م إلى نهاية شهر يوليو 2022م بلغ نحو 130.415 مليون برميل، بلغت عائداتها 9.490 مليار دولار، وهو ما كان كافياً لصرف مرتبات موظفي الدولة في مختلف المحافظات اليمنية لمدة خمس سنوات”.
التقرير نصف السنوي الصادر عن البنك المركزي بعدن أشار إلى ارتفاع عائدات اليمن من صادرات النفط الخام والغاز خلال النصف الأول من العام الجاري بمقدار 187.6 مليون دولار، لتصل إلى نحو 740 مليون دولار مقارنة بالنصف الأول من عام 2021م.

وخلال الشهر الأول من الفترة الثالثة للهدنة (2 أغسطس – 2 سبتمبر الجاري) شهدت السواحل اليمنية على البحر العربي وصول سفينتين عملاقتين لنقل نحو ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام اليمني، بقيمة إجمالية قُدِّرت بنحو 298 مليون دولار، ما يعادل 178.8 مليار ريال يمني، ليرتفع عدد السفن الواصلة إلى موانئ حضرموت وشبوة لنقل النفط الخام، خلال أشهر الهدنة الخمسة الماضية (2 إبريل – 2 سبتمبر) من العام الجاري، إلى 7 سفن عملاقة، نقلت أكثر من 10 ملايين برميل من النفط الخام اليمني، بقيمة إجمالية بلغت أكثر من 1.1 مليار دولار، ما يعادل 659.4 مليار ريال يمني، وهي إيرادات كافية لتغطية رواتب موظفي القطاع العام اليمني لـ9 أشهر.
ففي الـ6 من أغسطس (الشهر الأول من الفترة الثالثة من الهدنة) وصلت الناقلة اليونانية “ماران كانوبس” العملاقة إلى ميناء الضبة بحضرموت لنقل ما يقارب مليوني برميل، بقيمة تصل إلى 200 مليون دولار.. وفي أواخر أغسطس المنصرم رست السفينة LOVINA في الميناء نفسه، لنقل مليون برميل من النفط الخام، بقيمة تصل إلى 98 مليون دولار.

الأخطر في مؤشرات وصول الهدنة بتطلعات الشعب اليمني الاقتصادية والمعيشية إلى طريق مسدود، وبالتالي الذهاب إلى الحرب الحتمية، هو استمرار الحكومة المعترف بها دولياً في استنزاف مقدرات اليمن من النفط الخام، فيما أطلق رئيس وفد حكومة صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، من موسكو في الـ11 من أغسطس المنصرم، تحذيراً شديد اللهجة من “أن استمرار نهب الشركات الأجنبية لثروات اليمن النفطية والغازية، فيما رواتب الموظفين اليمنيين لم تصرف، سيضعها بعد انقضاء الهدنة الأخيرة، في دائرة الاستهداف العسكري” وفق تعبيره.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً