تقرير خاص- يمن إيكو
احتدم الصراع على الموارد السيادية لليمن، بين الفصائل الموالية للتحالف، خلال الأسابيع الماضية، متخذاً مساراً يهدف إلى تسليم هذه الموارد، من نفط وغاز وعائدات المنافذ البرية والبحرية وغيرها من القطاعات الحيوية للفصيل الموالي للإمارات والمنادي بالانفصال، بعد إنهاء سيطرة حزب الإصلاح عليها، في خطوة بدت من وجهة نظر المحللين بمثابة تمهيد للاستحواذ على هذه الموارد، في إطار دفع التحالف باتجاه مزيد من الانهيار الاقتصادي، الذي كان يمكن أن تسهم هذه الموارد في كبحه بدرجة أو بأخرى.
وبقدر ما تمثله محاولة تجيير جميع هذه الموارد لصالح فصيل واحد، وتركيزها في يده، من ضربة موجعة للحكومة المعترف بها دولياً نفسها وسلطتها المالية ممثلة في البنك المركزي بعدن، فإن من شأنه- بحسب اقتصاديين- أن يحول دون استفادة الاقتصاد اليمني من هذه الموارد، التي هي في الأصل الرافد الرئيس لهذا الاقتصاد، وذلك هو ما كانت عليه طيلة عقود، وهنا لن يكون لأي حديث عن توجه من قبيل رفع حجم الإنتاج والتصدير من النفط والغاز، أو تنمية الموارد الأخرى أي مردود على الاقتصاد اليمني واليمنيين بشكل عام.
وفي وقت يتصاعد الصراع بين الفصائل الموالية للتحالف جنوب البلاد، تضغط صنعاء باتجاه إنهاء الاستحواذ على هذه الواردات وضرورة أن تنعكس فائدتها على الاقتصاد عموماً، وعدم استئثار أي طرف بها على حساب ملايين اليمنيين الذين تفاقمت معاناتهم المعيشية في ظل الانهيار الاقتصادي، والتضخم المتمثل في تضاؤل سعر العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع والخدمات، بالإضافة إلى استمرار انقطاع رواتب الموظفين الحكوميين منذ قرابة ست سنوات.
وعلى طاولة المفاوضات الجارية بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة، تحضر الموارد وعلى رأسها عائدات النفط والغاز، التي تستأثر بها الأطراف الموالية للتحالف منذ سنوات، كواحد من أهم الملفات الجوهرية في مسار المفاوضات، حيث تؤكد صنعاء أن أي تقدم نحو التسوية لا بد أن يتضمن آلية كفيلة بتوقف ما تسميه “نهب الثروات اليمنية”، وعودة هذه الموارد بالمصلحة على الشعب اليمني، وفي مقدمتها صرف رواتب الموظفين الحكوميين.
وبموازاة حضور ملف الموارد في المسار التفاوضي الجاري بين الأطراف اليمنية، أطلقت صنعاء تحذيراتها للشركات النفطية من الاقتراب من خزانات التصدير المتصلة بحقول النفط، بدون التفاهم المسبق معها، معتبرة أن “ثروات اليمن المتمثلة في الغاز وغيره، ينبغي أن تسهم في البنية التحتية وفي تقديم الخدمات للمواطنين في الوقت الحالي”.
وجاء على لسان نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء حسين العزي، أن: “المالك الوحيد لهذه الثروة هو الشعب اليمني ولا يجوز أبداً لأي جهة داخلية أو خارجية أن تتصرف خارج إرادة المالك الأصلي، لذا من المهم التفاهم مسبقاً مع صنعاء باعتبارها المركز القانوني للجمهورية اليمنية”.
وكان رئيس وفد صنعاء المفاوض صرّح، في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه قناة “الميادين” قبل أسبوعين، أن ما وصفه بـ “نهب الثروات اليمنية، وتوريد عائداتها إلى البنوك السعودية، لن يستمر بعد انتهاء الهدنة الحالية”، وهدد بأن “أي شركة تمارس ذلك ستكون في دائرة الاستهداف العسكري”.
وبالعودة إلى الصراع المحموم للسيطرة على الموارد جنوباً، وما قاد إليه من تصاعد للعنف بين قوات الانتقالي الموالي للإمارات، والقوات التابعة لحزب الإصلاح، تجسد من خلال المواجهات التي شهدتها محافظة شبوة خلال الأسبوعين الماضيين، والتوقعات بامتداد هذه المواجهات إلى وادي حضرموت، ومن ثم إلى محافظة المهرة، وبغض النظر عن مدى صحة ما يجري تسويقه من أن هدف هذا الصراع هو إنهاء سيطرة حزب الإصلاح على هذه الموارد، فإن تسليمها للطرف الذي يدين بولاء مطلق للإمارات، يعني بدء فصل جديد من فصول النهب الذي لا تزال هذه الموارد تتعرض له طيلة السنوات السبع الماضية، غير أنه هذه المرة سيكون حصراً في الفصائل الموالية للإمارات، في حين يستمر حرمان الشعب اليمني من المردود الذي يمكن أن تعود به هذه الموارد على المستوى الاقتصادي والمعيشي.