تقرير خاص – يمن إيكو
كشف المركز السويدي للمعلومات (شـبكة إعلاميـة سويدية وقاعدة بيانات قانونية متخصصـة) عن أن دولة الإمارات (ثاني دول تحالف الحرب في اليمن بعد السعودية) بدأت الترويج لتجنيس “مواطنين يمنيين” من سكان جزيرة يمنية، تمهيداً لضمها للإمارات.
ونقل المركز السويدي عن مسئول العلاقات الدولية بدولة الإمارات ادعاءاته بأن بين دولة الإمارات وأهالي سقطرى التابعة للخارطة اليمنية- منذ ما قبل الميلاد- ما أسماه بملاحم وتاريخ قديم، وأنهم سيكونون جزءاً من الإمارات ويستحقون الجنسية بدون طلب.
وأوضح المركز السويدي للمعلومات أن تلك التصريحات- التي أطلقها مسؤول إماراتي أثناء لقائه في إمارة عجمان مع شيوخ يمنيين ومواطنين من جزيرة سقطرى اليمنية، أثارت موجة غضب يمنية واسعة، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول ناشطون يمنيون في الداخل والخارج بمن فيهم أبناء سقطرى في دولة الإمارات مقطع فيديو لتلك التصريحات، معتبرين إياها بداية لتقسيم موارد اليمن الجغرافية والاقتصادية على دول الخليج العربي.
ويقع أرخبيل سقطرى- الذي يرتبط بتاريخ اليمن التجاري الضارب في القدم- على مشارف المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الأفريقي بالقرب من خليج عدن، على بُعد 350 كيلومتراً جنوب شبه الجزيرة العربية، ويتكون من مجموعة جزر: سقطرى- “درسة” و”سمحة” و”عبد الكوري”، بالإضافة إلى جزيرتين صخريتين، ويتميز بغطاء نباتي نادر وطيور لا مثيل لها في العالم.
هذا الكشف الجديد ليس غريباً على دويلة الإمارات التي تأسست في نهاية السبعينات، كمحمية بريطانية، هذه التصريحات بل وتلك المساعي، كشفت عنها تحركات وممارسات قواتها في الأرخبيل، منذ سيطرتها عليه في 2016م تحت شعارات إنسانية، لكنها كانت واضحة الهدف، السيطرة على الموارد والمؤسسات الإيرادية الخدمية كالكهرباء والمياه والاتصالات، بالإضافة إلى السيطرة على المطارات والموانئ والمصايد البحرية وإنشاء أذرع تجارية واستثمارية تابعة لمؤسسة خليفة التي تحمل شعارات إنسانية.
وكان موقع “عربي21” كشف في سبتمبر 2017م عن الدور الذي لعبه “المال السياسي” لدولة الإمارات في “شراء ولاءات” مسؤولين محليين في جزيرة سقطرى، مشيراً إلى أن “أبوظبي” مولت إنشاء مبانٍ وفلل سكنية لحلفائها المحليين في سقطرى، أسهموا في تمكينها من التحرك بحرية هناك، بالإضافة إلى دفع رجال الأعمال والتجار الإماراتيين إلى شراء أراضٍ واسعة واستراتيجية، بمساعدة مكتب هيئة الأراضي الذي يسيطر عليه المجلس الانتقالي، المدعوم إماراتياً، والذي يقوم بإجبار المواطنين الملاك على توقيع عقود تمليك هذه الأراضي.
ومن وجهة نظر قانونية، تعتبر هذه الإجراءات مخالفة واضحة لقرار حكومة الجمهورية صنعاء الصادر في 2013م والذي نص على منع بيع أو شراء أي أراضٍ في ساحل سقطرى، ناهيك عن مخالفته لنص المادة 9 من قانون تملك غير اليمنيين للعقارات رقم (23) لسنة 2009 على أنه “يحظر على كل من خوّله القانون إبرام عقود التصرفات العقارية لغير اليمنيين، أو المصادقة عليها”.
وتشير ممارسات القوات الإماراتية وفصائلها في سقطرى وغيرها، إلى أن أطماع الإماراتيين في الجزيرة لا تقل عن أطماعها في عدن وشبوة والمخا، كثمن من الحكومة المعترف بها دولياً على دعم الحرب والحصار في اليمن، خارج اعتبارات الرفض الشعبي اليمني الواسع من سقطرى حتى صعدة للوجود الأجنبي على الأراضي اليمنية.
الإمارات، التي أفصحت منذ وقت مبكر عن أجندتها وأطماعها من الحرب والحصار في اليمن، أنشأت شبكة “اتصالات” في حديبو (عاصمة الجزيرة) وقلنسية، وتم بعد ذلك توسيع نطاق البث للشبكة لتشمل كامل أراضي سقطرى، كما سيطرت على مؤسسات القطاعات الخدمية الإيرادية كالكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها.
وكان محافظ أرخبيل سقطرى رمزي محروس، أكد في أكتوبر 2019م أن مندوب الإمارات في الجزيرة، خلفان المزروعي، يبسط على 150.000 متر مربع من الأراضي على هضبة ديكسام، وهي منطقة محمية في وسط الجزيرة، المسجلة ضمن قائمة التراث العالمي.. فيما نقلت حينها مجلة الاقتصاد الإيطالية المستقلةAltreconomia” ” أن الإمارات تفرض احتلالها على قرابة خمس عشرة منطقة في جزيرة “سقطرى” حديقة التراث في الأرض.
واعتبر كاتب التقرير المختص في شؤون البيئة “فابيو بالوكو” ما قامت به الإمارات في هذه الحديقة العالمية ازدراء للقيود البيئية الموجودة على هذه الأراضي النادرة، التي تحتوي على ثلث النباتات النادرة الموجودة على الأرض.
وقوبلت الممارسات الإماراتية برفض شعبي وقبلي كبيرين، إذ شهدت المحافظات اليمنية المسيطر عليها من قبل التحالف مسيرات واحتجاجات كبيرة منددة بالوجود الإماراتي في الأراضي اليمنية، ومحاولة الإمارات طمس هوية سقطرى.. فيما نقل موقع “لوب لوغ” الأمريكي عن شيخ مشايخ سقطرى عيسى سالم بن ياقوت، تأكيده أن اليمنيين سيواجهون “الاحتلال” في سقطرى والمهرة حتى بالحجارة.
خلاصة القول: إن التجنيس وشراء الأراضي وتصرفات الاستحواذ على القطاع الخدمي الإيرادي من قبل القوات الإماراتية منذ سيطرتها على الأرخبيل في 2016م، إجراءات لا ولن تمنح الإمارات حق السيطرة على الموارد اليمنية، ولن يمكنها ذلك من سلخ الجزيرة عن جغرافيا وتاريخ اليمن الحضاري والتجاري الموغل في القدم، بل يحيل الإمارات وعاصمتها قبل قواعدها في الجزيرة- حسب تحذيرات المراقبين- إلى هدفٍ مشروع في مرمى مسيّرات حكومة صنعاء.