يمن ايكو
تقارير

📃 التهافت الأوروبي على الغاز اليمني.. عودة الإنتاج والتصدير مرهونة بتفاهمات الأطراف

تقرير خاص – يمن إيكو

تهافت أوروبي على الغاز اليمني، كشفته التحركات الأخيرة لكل من فرنسا وألمانيا، عبر مساعيهما لتعاقدات مضمونها الاستئثار بإنتاج اليمن من الغاز، في إطار السباق المحموم بين دول الغرب لتأمين بديل عن الغاز الروسي الذي أربكت إمداداته الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة منذ أواخر فبراير الماضي.

وفيما تتردد الأنباء عن مساعٍ فرنسية لإبرام عقود جديدة تمكنها من الحصول على الغاز اليمني، عبر منشأة بلحاف للغاز المسال، أثارت الصفقة التي أبرمتها ألمانيا مع الإمارات جدلاً واسعاً، على اعتبار أن الصفقة تتعلق بالغاز اليمني، الذي سيتم تصديره عبر منشأة بلحاف، التي تسيطر عليها الإمارات منذ عام 2016، حيث تتواجد قوات عسكرية داخل المنشأة التي حولتها هذه القوات إلى ثكنة عسكرية.

ورغم تصاعد الجدل وتوارد الأخبار حول المساعي والتحضيرات التي تُجرى لإعادة تصدير الغاز اليمني، إلا أن الأمر لم يعد من السهولة بحيث يتم إبرام الصفقات مع طرف واحد من الأطراف اليمنية بدون الآخر، إذ تبرز التحذيرات التي أطلقتها سلطات صنعاء لأي جهة تحاول الاستفراد بتصدير النفط والغاز اليمني، والمصحوبة بتهديدات صريحة باستهداف أي شركة تتعامل مع الحكومة المعترف بها دولياً والتحالف في هذا المجال، كأهم عائق لأي صفقة يُجرى التحضير لها، ما لم تتم تفاهمات بين الأطراف اليمنية بشأن الثروات النفطية والغازية وغيرها من الموارد.

اصطدام الترتيبات التي كانت جارية بين الحكومة المعترف بها وشركات أجنبية، لإعادة إنتاج وتصدير الغاز اليمني، بتهديدات صنعاء اعترف بها رئيس المجلس الرئاسي المشكَّل من قبل التحالف، رشاد العليمي في حوار مباشر عبر تطبيق “زوم” مع معهد الشرق الأوسط بواشنطن، السبت،، حيث أكد أن إدارته أجرت عملية اتصال وتواصل بشركة توتال الفرنسية بهدف إعادة التصدير، إلا أن تلك الجهود اصطدمت بمخاوف فرنسية من التهديدات التي أطلقتها صنعاء، بقصف المنشأة بصواريخ بالستية في حال تم الإصرار على إعادة تصدير الغاز اليمني بدون تفاهمات بين الأطراف اليمنية. وأوضح العليمي أن عملية التصدير بحاجة إلى تفاهمات أمنية تسمح بإعادة التصدير دونما مخاوف.

عودة الغاز اليمني إلى واجهة الجدل الدائر حول التسابق الأوروبي للاستئثار به، ليست وليدة الساعة، فخلال السنوات الثلاث الماضية، عاد الحديث عن التحضير لإعادة الإنتاج والتصدير، ولكن الاهتمام الجدي بدأ مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تسببت في تعثر إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، الأمر الذي دفع بسياسيين واقتصاديين إلى التحذير من صفقات لإعادة تصدير الغاز اليمني إلى أوروبا، وحرمان الشعب اليمني من عائداته، حيث أطلق وزير الخارجية الأسبق أبوبكر القربي، في منتصف أغسطس الماضي، عبر تغريدة على “تويتر” تحذيراً من تحضيرات لبيع الغاز اليمني لأوروبا، وتصديره عبر منشأة بلحاف في محافظة شبوة، وذلك في إطار استمرار عمليات نهب الثروات اليمنية، وحرمان اليمنيين من خيراتها، حسب تعبيره.. معتبراً الصراع الذي شهدته محافظة شبوة في تلك الأثناء بين فصائل الحكومة المعترف بها دولياً، جزءاً من التحضير لبيع الغاز، بالإضافة إلى تحرك فرنسا النشط وتفاوضها مع بعض دول الإقليم لتصدير الغاز في ظل ارتفاعه دولياً، لتخفيف الضغط الروسي على أوروبا، وأشار إلى وصول قوات فرنسية إلى بلحاف خلال تلك الفترة.

وتواصل الحديث عن التحضير لعودة تصدير الغاز اليمني عبر منشأة بلحاف، ففي منتصف سبتمبر الجاري، كشف الخبير اقتصادي، محمد سالم مجور، وهو أحد أبناء محافظة شبوة، عن اعتزام الحكومة المعترف بها دولياً استئناف تصدير الغاز الطبيعي المسال من منشأة بلحاف بمحافظة شبوة خلال وقت قريب، وبسعر لا يتجاوز 5% من سعره الحالي في السوق العالمية، مضيفاً أن السعر لن يزيد على 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، في حين يبلغ سعرها في أوروبا 83 دولاراً.

مؤخراً، أثارت الصفقة الموقعة بين ألمانيا والإمارات، ضمن اتفاقية شراكة استراتيجية جديدة في مجال تسريع أمن الطاقة والنمو الصناعي، لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من الإمارات جدلاً واسعاً، حول مصدر الغاز الذي ستصدره الإمارات لألمانيا، وفقاً للصفقات التي أعلن نائب المستشار الألماني منتصف الأسبوع الماضي عن قُرب إبرامها مع دولة الإمارات لاستيراد الغاز، بعد يومين من نشر أنباء ألمانية عن تأميم شركة “غازبروم جرمانيا سابقاً” التي كانت تابعة لـ”غازبروم” الروسية، لتصبح ملكيتها عامةً للدولة الألمانية، وفقاً لمجلة دير شبيغل.

ونقلت وكالة رويترز عن المستشار الألماني أولاف شولتس، قوله إنه لمس تقدماً في المحادثات الرامية لشراء الغاز الطبيعي المسال والديزل من الإمارات، مضيفة أنه صرح بالقول: “نحن بحاجة للتأكد من أن إنتاج الغاز الطبيعي المسال في العالم قد تقدم إلى النقطة التي يمكن فيها تلبية الطلب الكبير القائم بدون الحاجة إلى اللجوء للطاقة الإنتاجية الموجودة في روسيا”. وقام المستشار الألماني، بجولة استغرقت يومين في منطقة الخليج قام خلالها بزيارة كل من السعودية، الإمارات ثم قطر.

اقتصاديون ومتابعون ونشطاء، رجحوا أن الصفقة التي تعتزم الإمارات إبرامها مع ألمانيا تتعلق ببيع الغاز اليمني لألمانيا عبر منشأة بلحاف، التي تسيطر عليها الإمارات بشكل مباشر، في حين استطاعت تأمين تواجدها هناك عبر دعم سيطرة الفصائل العسكرية التابعة للفصيل الموالي لها (المجلس الانتقالي) على محافظة شبوة، أواخر يوليو الماضي، خاصة وأن شركة توتال الفرنسية المشغلة لمنشأة بلحاف بمحافظة شبوة أبرمت اتفاقاً على ترك مهمة تسويق غاز بلحاف لشركة إماراتية.

وفيما يجري الحديث عن التحضيرات التي تدور بشأن إعادة تصدير الغاز اليمني إلى أوروبا، عبر الاتفاق مع الحكومة المعترف بها دولياً، والتي تستولي على النفط اليمني الذي يعد مورداً رئيساً يغطي أكثر من 80% من بنود الإنفاق في الموازنة العامة للدولة خلال فترة ما قبل الحرب، كان موقف سلطات صنعاء واضحاً تجاه ما تمارسه الحكومة المعترف بها منذ قرابة سبع سنوات من استحواذ على ما يقرب من 90% من الموارد العامة للبلاد، حيث جاءت تحذيرات صنعاء في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من مسئول، من أن ما أسمته “نهب الثروات اليمنية” لن يستمر، وهو التحذير الذي شمل كلاً من الحكومة المعترف بها دولياً ودول التحالف الداعمة لها، وأيضاً الشركات العاملة في مجال إنتاج ونقل وتصدير النفط، وتضمن التحذير تهديداً صريحاً بأن أي شركة تستمر في التواطؤ مع دول التحالف والحكومة المعترف بها دولياً على ما أسمته “نهب الثروات”، ومن ضمنها الغاز المسال، “ستكون في دائرة الاستهداف العسكري”.

وكانت وزارة النفط والمعادن التابعة لحكومة صنعاء، حذرت، في وقت سابق من إعادة تشغيل مشروع الغاز المسال وتصديره، من قبل الحكومة المعترف بها دولياً، وشركة توتال الفرنسية، بالتعاون مع دول التحالف، ما لم يكن العائد لصالح الشعب اليمني، كون هذه الثروة حقاً من حقوقهم،، مؤكدة أنها لن تسكت أمام تلك التحركات والمساعي، التي قالت إن من شأنها حرمان اليمنيين من ثرواتهم، داعية في الوقت ذاته كافة الشركات النفطية العاملة في اليمن للالتزام بالاتفاقات المشاركة في الإنتاج، وكذلك كافة التعاميم والتوجيهات الصادرة للشركات من وزارة النفط بصنعاء منذ عام 2018 م حتى العام الحالي.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً