تقرير خاص – يمن إيكو
في إحاطته الأخيرة التي ألقاها، أمس، أمام مجلس الأمن الدولي، بدا المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن السيد هانس غروندبرغ، متفائلاً كالعادة، بمسار الشق الاقتصادي للهدنة الأممية التي دخلت فترتها الثانية بعد التمديد في مساء الـ2 من يونيو الجاري، غير أن استدراكاته أفصحت عن تحديات لا تزال تكتنف طريق الهدنة، وتحاشى التطرق للتهديدات التي قد تقوضها في حال تجاوزت النقلات الزمنية أي جزء من بنودها الاقتصادية الموصولة بمعاناة اليمنيين.
ومع إدراكه لحساسية بند مطار صنعاء الدولي بالنسبة لمئات الآلاف من المحتاجين إلى السفر، حاول هانس أن يضفي صيغة الجمع على ما تحقق من الرحلات الجوية التجارية بين: صنعاء وعمان، وصنعاء والقاهرة.. موضحاً أنه وحتى تاريخ اليوم تم تسيير ثماني رحلات تجارية ذهاباً وإياباً، نقلت 2795 مسافراً من صنعاء إلى عمّان والقاهرة”.. في وقت لم تتم إلى القاهرة سوى رحلة واحدة، حسب مدير مطار صنعاء الدولي خالد الشائف.
وقال في تغريدة له على تويتر: بعد تمديد الهدنة شهرين إضافيين سوف يكون عدد الرحلات المفروض تنفيذها من مطار صنعاء الدولي إلى مطاري الملكة علياء والقاهرة الدوليين خمساً وعشرين رحلة، منها تسع رحلات لم تنفذ من الهدنة السابقة وست عشرة رحلة من تمديد الهدنة لشهرين إضافيين”.
وحسب الهدنة بفترتيها الأولى والثانية، يفترض أن يكون عدد الرحلات التي يتوجب على الأمم المتحدة تسييرها بين (صنعاء والأردن، وصنعاء والقاهرة) 32 رحلة جوية تجارية، ولكن منذ دخول الهدنة الأولى حيز التنفيذ في 2 إبريل الماضي، وحتى الأربعاء 15 يونيو، لم يتم تسيير سوى 8 رحلات، ما يعني أن 24 رحلة تجارية بين صنعاء والقاهرة وصنعاء وعمان، تم ترحيلها إلى ما تبقى من أيام الفترة الثانية من الهدنة، وهي نحو 54 يوماً، ما يشكل تحدياً وتهديداً قد يقوض الهدنة في أي لحظة، خصوصاً مع تزايد الحاجة لليمنيين من المرضى والطلاب والمغتربين.
وفي البند المتعلق بميناء الحديدة، أكد هانس في إحاطته أمام مجلس الأمن، أنه منذ تمديد الهدنة، أجيز إدخال سفينتين من سفن المشتقات النفطية.. لكنه أشار بشكل ضمني إلى تحديات تعرقل إدخال السفن بصفة منتظمة وفق خطة الهدنة، حيث قال: “وآمل ألَّا يضيع زخم فترة الهدنة السابقة”.. متجاهلاً الإشارة إلى حوادث الاحتجاز التي طالت سفن الوقود من قبل التحالف في زمن الهدنة، حيث أكدت شركة النفط اليمنية في صنعاء أن التحالف احتجز أربع سفن نفطية منذ تمديد الهدنة حتى 15 يونيو، منها سفينتان تم احتجازهما لمدة أسبوع، واثنتان لا تزالان محتجزتين.
وفي ملف فتح الطرقات تطرق هانس بتفاؤل رغم التحديات التي لا تزال تكتنف ملف الطرقات وتضاعف معاناة كل اليمنيين، خصوصاً في ظل الانفلات الأمني، ومخاطر الطرق البديلة بين عدن ولحج وتعز، إلا أنه لم يشر إلى ذلك بصراحة للطرف المتسبب في تلك المعاناة، بقدر تشديده على ضرورة أن تؤدي الهدنة إلى تخفيف وطأة المعاناة عن أهل تعز… مضيفاً: “سافرت بنفسي لمدة زادت عن الست ساعات على طول طريق جبلي متعرج وعر من عدن إلى مدينة تعز، علماً بأنَّ هذه الرحلة ما كانت لتستغرق أكثر من ثلاث ساعات باستخدام الطريق الرئيسي قبل النزاع”.
وسلط هانس الضوء في إحاطته على الجهود الأممية من أجل استمرار جميع الأطراف للوصول إلى اتفاق حول فتح طرق في تعز والمحافظات الأخرى.. مؤكداً أنه قدم للأطراف مقترحاً لفتح الطرق على مراحل تضمن فتح طريق رئيسي من مدينة تعز إلى منطقة الحوبان شرقي المدينة، إضافة إلى طرق إضافية في تعز ومحافظات أخرى، وتضمَّن المقترح أيضاً عناصر لآلية تنفيذ والتزامات بسلامة المسافرين المدنيين.
التحدي الأكثر خطورة على الهدنة حاول هانس تجاوزه بالحديث العام عما أظهره تنفيذ الهدنة من قضايا خلافية ذات تداعيات سياسية، كإدارة الإيرادات وسداد رواتب موظفي القطاع العام ووثائق السفر، بدون أن يشير إلى أهمية توجيه عائدات النفط الخام والغاز المنزلي لصرف المرتبات، رغم التزام الحكومة الموالية للتحالف أمام الأمم المتحدة في سبتمبر 2016 عند صدور قرار نقل عمليات البنك المركزي إلى عدن، وتحويل إيرادات النفط والغاز.
ورغم أن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ أكد أنه خلال فترة الشهر ونصف القادمة، سيكثف جهوده مع الأطراف لضمان تنفيذ عناصر الهدنة وتمتينها، إلا أن المسكوت عنه وتجاهل مطالب الشعب اليمني تجاه فتح سائر الطرقات في تعز والضالع ولحج وأبين ومارب وغيرها، وتجاه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وفق خطوات إجرائية عاجلة لسداد رواتب موظفي القطاع العام وإدارة الإيرادات وتنسيق السياسة النقدية وإعادة الإعمار، كلها ستظل عوامل قد تقوض الهدنة في أي لحظة.