تقرير خاص – يمن إيكو
لم يعلن رسمياً أمام مجلس الأمن، لكن ما سرب عنه يكشف عن دفاع استباقي عن فساد مالي يقف وراءه التحالف والمجلس الرئاسي الموالي له، غير أن الأهم هو تحذير تقرير فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الأممية، من تبعات استمرار الانقسام الذي يشهده القطاعان المصرفي والاقتصادي في اليمن، الذي بدأ منذ أقرت الحكومة الموالية للتحالف نقل وظائف وعلميات البنك المركزي اليمني إلى عدن في سبتمبر 2016م.
وبحسب التسريبات، أكد التقرير الجديد للجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن أن الانقسام المالي خلق منطقتين اقتصاديتين في اليمن، ليظهر تبعاً لذلك نوعان من الأوراق النقدية، ونظامان لأسعار العملات الآن في اليمن، في إشارة إلى العملة الجديدة والمختلفة شكلاً وحجماً التي أصدرتها الحكومة الموالية للتحالف خارج القانون، والعملة القانونية الصادرة عن البنك المركزي اليمني بصنعاء.
وأشار التقرير- المسرب جزء كبير من تفاصيله- إلى وجود نظامين لأسعار العملات، تزامناً مع تعدد الرسوم والجبايات في مناطق سيطرة التحالف والقيود المفروضة على حركة السفن التجارية التي تم تحويل مسارها عن ميناء الحديدة إلى ميناء عدن، وما فرضته هذه الخطوة من تأخر البضائع وارتفاع كلفة النقل وغيرها من العوامل.
وأكد التقرير- الذي تأخر كثيراً بدون الإفصاح عن أسباب التأخير- أن تلك العوامل التي تضافرت مع ما تشهده البلاد من حصار، أدت إلى رفع الأسعار خارج قدرات المواطن الشرائية في جميع المحافظات اليمنية، في ظل عدم صرف المرتبات لنحو 1,25 مليون موظف (مدني وعسكري وأمني ومتقاعد).
ولفت التقرير إلى أن المجلس الرئاسي يواجه خطر الانقسامات العسكرية، وصعوبة لَمِّ شتات التشكيلات الموالية للتحالف تحت مظلة واحدة، تسهم في مساعدة الحكومة على تعويض عائدات النفط الخام الموقف من قبل حكومة صنعاء التي تشترط صرف المرتبات لكافة موظفي الدولة.
وحول مسار الهدنة الاقتصادية التي بدأت في الـ 2 من ابريل 2022 بوساطة أممية، أشار التقرير إلى أن الشهور الستة الأولى منها شهدت هدوءاً نسبياً، حيث استؤنفت خلالها الواردات النفطية عبر ميناء الحديدة، بالإضافة للسماح بعدد محدود من الرحلات الجوية التجارية مقلعة من مطار صنعاء، حملت خلالها أكثر من 42,500 راكب مدني.. موضحاً أن حكومة صنعاء استطاعت استغلال الهدنة إيجابياً، حيث أحرزت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان المدنيين المقيمين في مناطقها تقدماً في تراجع الأسعار، مقارنة بمناطق سيطرة التحالف والحكومة الموالية، في إشارة إلى تفاقم أزمة الأسعار وتردي الخدمات في مناطق الأخيرة.
وفيما يتصل بملف خزان صافر العائم قبالة سواحل الحديدة، أوضح التقرير أن سفينة صافر ما زالت تشكل تهديدات بيئية وإنسانية محتملة لليمن والمنطقة.. مشيراً إلى أن الأمم المتحدة اتخذت عدة إجراءات لتطبيق خطة لإنقاذ السفينة.
التقرير في الوقت نفسه تجاهل إعلان الأمم المتحدة بأنه لم يبقَ أي عائق سياسي أمام تنفيذ مهمة الإنقاذ بعد اكتمال مبالغ التمويلات اللازمة لتنفيذ خطتها، وأنها قررت التأجيل عدة مرات، وذلك بإشارته إلى أن الأمم المتحدة زعمت أن هناك قضايا شائكة وعالقة لا تزال تحول دون القيام بالمهمة.
الأهم أن ما نشر عن تقرير لجنة العقوبات حتى اللحظة ليس سوى مجرد تسريبات، نشرها مدير مكتب العربية في نيويورك الصحافي العراقي طلال الحاج، إذ لم يُذَعْ كإحاطة أمام مجلس الأمن، فحسب الحاج لا يزال التقرير محاطاً بالسرية التامة، رغم أن أعضاء المجلس تسلموا نسخة كاملة قبل أسبوعين، وهذه ليست المرة الأولى التي تم تأجيله فيها، بل أُجل عدة مرات، وبضغوطات إماراتية سعودية كي لا يخرج إلى العلن إلا بعد موافقتهما، تحسباً لتكرار كشف فساد ضباط التحالف والحكومة الموالية له التي حدثت في عام 2020م، قبل أن يتراجع فريق اللجنة بالضغوطات نفسها من أبو ظبي والرياض.
وكان مراقبون أكدوا، الخميس الماضي، أن فساداً جديداً للتحالف والحكومة الموالية له، يقف وراء تأجيل إعلان التقرير السنوي لفريق خبراء لجنة العقوبات الأممية بشأن اليمن، أمام مجلس الأمن، بدافع خوف أبو ظبي والرياض والمجلس الرئاسي مما قد يفضحه التقرير من تجاوزات وانتهاكات الدولتين للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب اليمني.
واعتبر المراقبون ما نشره الحاج من تفاصيل ليس سوى اجتهاد يأتي في سياق الدفاع المسبق عن التحالف والمجلس الرئاسي، في إشارة ضمنية لما يحتويه التقرير من تفاصيل قد تقوض مستقبل المجلس الرئاسي وتكشف عن جرائم مالية للتحالف والحكومة الموالية له وبنكها المركزي، خصوصاً وبأيدي أعضاء لجنة الخبراء الوثائق الكافية لإدانة الرئاسي والتحالف.