يمن ايكو
تقارير

📃 جلسات مجلس الأمن.. ثماني سنوات من المناورة على حساب الشعب اليمني المحاصر

تقرير خاص- يمن إيكو

في جلسته رقم (64) الأخيرة، بشأن ملف الحرب والحصار في اليمن، بدا مجلس الأمن الدولي منصتاً لإحاطة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الذي يعد الرابع منذ بداية الحرب في 2015م، كما تحدث هانس كعادته وكسابقيه، بذلك التفاؤل المعتاد منذ ثماني سنوات، مؤكداً أن المحادثات مع الأطراف بشأن الهدنة “تشهد تقدّماً”.

الهدنة الأممية المشار إليها في الإحاطة رقم (54) انتهت في 2 أكتوبر الماضي، بعد ستة أشهر من استمرارها، بدأت في 2 إبريل لمدة شهرين، وتم تمديدها مرتين. ومنذ شهر، تعثّرت جهود الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها العام، تمديدها من جديد.. غير أن اللافت في استمرار الجهود الأممية، هو أنها محاولات لتخطي مطالب الشعب اليمني في المرتبات ورفع الحصار، لتستمر الهدنة ومعها يستمر مسلسل حرمان الشعب اليمني من عائدات موارده النفطية التي تشكل 90% من موازنات الدولة لأعوام ما قبل الحرب والحصار، وهو ما رفضته حكومة صنعاء.

ورغم حديث هانس عن ما يجريه من نقاشات ومباحثات مع الأطراف اليمنية، منذ الثاني من أكتوبر الماضي، أي تاريخ انقضاء زمن الهدنة، إلا أن من الغرابة أنه قرن التقدم بالاستمرارية حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق لتجديد الهدنة، مع أن الواقع الذي لا مناص من إنجازه على طريق تجديد الهدنة وتوسيعها هو حل الملف الاقتصادي الموصول بمعاناة الشعب اليمني عبر قبول الجميع برفع الحصار وصرف مرتبات كافة موظفي القطاع العام اليمني.

هانس لم يترك مجالاً للتفكير عميقاً حول مكامن التقدم المشار إليه في حديثه، فقد نفى التقدم، لحظة إيضاحه بأنّ جزءاً من التحديات يتعلّق بكيفية تأطير القضايا المتعلقة بالمسائل الاقتصادية، مثل دفع الرواتب، وكذلك القضايا الأوسع التي لها تأثير على تسوية الصراع على المدى الطويل”، في اعتراف ضمني بعجز المجلس والأمم المتحدة عن إقناع أطرف ملف الحرب المحلية والإقليمية بمشروعية مطالب الشعب اليمني في رفع الحصار الاقتصادي وصرف المرتبات من عائدات موارد البلد النفطية التي يسيطر عليها التحالف.

الأهم في الإحاطة الشهرية رقم (54) والتي قدمها الأربعاء الماضي، هو أن خطاب المبعوث الأممي لا ينفك عن خطاب التحالف والحكومة الموالية له، بشأن قرار منع تصدير النفط الصادر عن حكومة صنعاء التي اشترطت في استمرار التصدير صرف مرتبات جميع موظفي القطاع العام اليمني؛ وما تبعه من ضربات وصفتها قوات صنعاء بالتحذيرية في موانئ محافظتي حضرموت وشبوة؛ حيث اعتبر القرار حرماناً للحكومة اليمنية (الموالية للتحالف) من مصدر العوائد الأساسية من تصدير النفط، متجاهلاً تنصل حكومة المجلس الرئاسي ورفضها صرف المرتبات حسب كشوفات 2014م.

هانس الذي يسمي نفسه وسيطاً بدا متناقضاً ومتحيزاً لطرف المستفيد من تصدير النفط خلال السنوات الماضية من الحرب والحصار، وعلى رأسها الشركات الأجنبية الأمريكية البريطانية الفرنسية، وغيرها، حيث اعتبر تلك الضربات التي منعت نقل السفن العملاقة للملايين من براميل النفط الخام اليمني تهديداً للشركات النفطية، تقويضاً لرفاه الشعب اليمني، ما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري”.

هذا التناقض لا يعكس سوى حقيقة تجاهل هانس لمعاناة الشعب اليمني المحاصر من ثرواته وموارده ومطاراته وموانئه للعام الثامن على التوالي، وأن تصدير النفط الخام في ظِل غياب المرتبات عن أسر 1.25 مليون موظف يمني، هو من قوّض استقرار ورفاهية الشعب اليمني، الاقتصادي والمعيشي، وخلق هذه الظروف الكارثية التي تعيشها البلاد، وقد تفضي إلى مجاعة في أي لحظة.

هذه الجلسة كغيرها من الجلسات شهدت كلمات لمندوبي أمريكا والصين والإمارات وروسيا، وغيرها من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وجميعها تلوك نفس خطابات الجلسات الماضية على مدى السنوات الثمان، فجلها يعترف صراحة أن اليمن يواجه أبشع أزمة إنسانية في العالم، إذ يوجد أكثر من 23 مليون في حاجة ملحة للمساعدات الإنسانية إلى جانب مشاكل حادة في سوء التغذية، لكنهم- خصوصاً مندوبي واشنطن ولندن والرياض وأبو ظبي- يتجاهلون أنهم السبب الرئيس في هذه النتائج الكارثية.

الجديد في كلماتهم، تمثل في ما أورده مؤخراً مندوب روسيا في مجلس الأمن دميتري بوليانسكي، من إشارات صريحة وتحذيرات واضحة للتحالف والأمم المتحدة من محاولات ترحيل مشكلات اليمن الاقتصادية الموصولة برفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، وتصدير النفط خارج مصالح الشعب اليمني، حيث قال: ينتابنا القلق بشأن تركيز زملائنا الغربيين على استئناف تصدير المواد الهيدروكربونية بلا معوقات، في الوقت نفسه ثمة مسائل أساسية تعرقل تسوية الأزمة في اليمن”..

وحذر من مغبة ما اعتبره بالخطأ الجسيم المتمثل في عرقلة وصول السلع الغذائية الأَسَاسية والمساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة، الذي يعتمد عليه الشعب اليمني في الحصول على 90% من احتياجاته، داعياً إلى مواصلة الجهود؛ مِن أجلِ التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن.

أخيراً، جلسة مجلس الأمن التي تقع في خانة الرقم 64، منها 10 جلسات مغلقة عقدها المجلس منذ بداية الحرب في اليمن في مارس 2015م، لن تكون الأخيرة بل تعد واحدة من مسلسل لا متناهٍ لا جديد فيه سوى أخذ خطابات حاضريها ومديريها لمكانها الطبيعي في سجل الوعود الأممية الكاذبة بشأن إيقاف الحرب ورفع الحصار، التي أكدت حتى الآن مسار ثماني سنوات من التقدم الأممي على حساب الشعب اليمني المحاصر.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً