يمن ايكو
تقارير

📃 الهدنة الاقتصادية.. هل تكون بداية لإنهاء الانقسام المالي في اليمن؟

تقرير خاص – يمن إيكو
خلقت الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن وقبلت بها أطراف الأزمة (التحالف، الحكومة الموالية له، حكومة صنعاء) حالة من التفاؤل بإنهاء الانقسام المالي الذي تشهده البلاد، والذي يعده المراقبون والخبراء الدوليون عاملاً رئيساً في كافة أوجه المعاناة التي يعيشها اليمنيون من أزمات خانقة في المشتقات، وانهيار غير مسبوق لقيمة الريال اليمني، وانحسار قدرة المواطن الشرائية، مقابل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية.

وفيما يتساءل المراقبون والناشطون وعامة الناس حول إمكانية أن تكون الهدنة- التي أعلنتها الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ في الساعة السابعة مساء الثاني من إبريل الجاري- أساساً جيداً لإنهاء الانقسام المالي في البلاد، تؤكد معطيات الحالة السائدة تناغماً ملحوظاً لدى أطراف الهدنة، باتجاه إنجاحها، لكن تحقق تطلعات إنهاء الانقسام المالي مرهون بمستوى نجاح الهدنة حتى الثاني من يونيو المقبل، الذي ستتوقف عليه قابلية التمديد والسير قدماً في إنهاء كافة المعضلات الاقتصادية والمعيشية الناجمة عن ذلك الانقسام.

ويرى مراقبون أن نجاح الهدنة نفسه مرهون بالتزام جميع الأطراف بمسارات وبنود الهدنة، وجدية تلك الأطراف وتعاطيها الإيجابي مع التحرك الأممي المكثف، والدعم الدولي لها، والتزام التحالف بالتوقف عن احتجاز السفن ورفع الحصار على ميناء الحديدة ومطار صنعاء، وفق ما نصت عليه الهدنة.

في أول زيارة له إلى صنعاء، ضمن جولة المباحثات التي يجريها في إطار المساعي الرامية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، حضرت جملة من الملفات الاقتصادية على طاولة المبعوث الأممي هانس غرودنبرغ، في اللقاء الذي جمعه مع القائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية- محافظ البنك المركزي اليمني- هاشم إسماعيل، الثلاثاء في مقر البنك المركزي بصنعاء.

وبحسب ما نقلته وكالة سبأ (نسخة صنعاء) فقد شدد القائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية- محافظ البنك المركزي- هاشم إسماعيل، في صنعاء، خلال لقائه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، على ضرورة الالتزام الكامل ببنود الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة، بدون أي اجتزاء أو انتقاص.. مؤكداً أهمية إعادة إنهاء الانقسام المالي وتوحيد السياسة النقدية وتوحيد البنك المركزي، وأن ذلك سيخفف من معاناة كافة أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب.

انقسام النظام المالي إلى نظامين وبنكين، نتج عن إيعاز التحالف لحكومة هادي في سبتمبر 2016م، اتخاذ قرار نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، وهو القرار الذي نظرت إليه مجموعة خبراء الأزمات الدولية في تقريرها الصادر في نهاية فبراير الماضي أنه كان أساس انقسام البلاد إلى منطقتين اقتصاديتين، هما منطقة حكومة صنعاء التي تمثل 75% من السكان، ومنطقة سيطرة الحكومة المدعومة من التحالف التي تشكل 25% من السكان، لكن الأكثر كارثية في هذا الانقسام، هو ما أحدثه من انقسام في السياسات المالية والنقدية، ودفع الحكومة المدعومة من التحالف إلى قرارات خطيرة على صعيد السياسة النقدية وطباعة عملة نقدية جديدة أغرقت السوق، واعتبرتها حكومة صنعاء غير قانونية، وهنا انقسمت التعاملات النقدية للعملة.

وأكد تقرير مجموعة الأزمات الدولية أن الانقسام في العملة وما ترتب عليه من فارق القيمة بين الأوراق القديمة، والجديدة غير القانونية، أثر بدوره على أسعار السلع الأساسية مثل القمح والزيت.. مشيراً إلى أنه بحلول نوفمبر 2021، كان سعر الدولار الأميركي قد وصل إلى نحو 1,500 “﷼ جديد” في عدن، بينما ظل سعره أقل من 600 “﷼ قديم” في مناطق سيطرة حكومة صنعاء.

وحول تحويل التحالف ومؤيديه للحرب، من العسكرية إلى الاقتصادية الشاملة عبر قرار نقل البنك قال التقرير: “منذ انهيار الهدنة الاقتصادية خلال عامي 2016 و2017، أصبح الصراع الاقتصادي أكثر حدة وأكثر ارتباطاً بالصراع العسكري”.. لافتاً إلى أن أكثر ملامح الحرب الاقتصادية وضوحاً تمثلت في انقسام البنك المركزي إلى سلطتين متنافستين على التدفقات التجارية والضرائب المترتبة على الوقود بشكل خاص، والانخفاض الحاد في قيمة الريال في المناطق الخاضعة للسيطرة الاسمية للحكومة (حسب توصيف تقرير مجموعة الأزمات الدولية).

انهيار قيمة الريال لأدنى قاع في تاريخه، في مناطق سيطرة الحكومة المدعومة من التحالف، أدى إلى ارتفاع أسعار الضروريات المستوردة مثل الأغذية والوقود إلى أن أصبحت تتجاوز قدرة كثير من اليمنيين. ونتيجة لذلك، شهدت اليمن أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، وفق توصيف الأمم المتحدة، ما جعل الأصوات المحلية- بمن فيها مسؤولون محسوبون على الحكومة المدعومة من التحالف- والدولية والأممية ترتفع عالياً بضرورة إعادة توحيد النظام المالي في البلاد.

ففيما دعا مركز صنعاء للدراسات (يمني غير حكومي)، في الـ14 من أكتوبر الماضي مجلس الأمن إلى إصدار قرار دولي يتبنى التهدئة الاقتصادية والعودة للمفاوضات الاقتصادية لتوحيد البنك المركزي اليمني، وفرض عقوبات على من يعرقل أو يتخذ إجراءات تعزز الانقسام المالي للمؤسسات الاقتصادية.. أكد المحافظ السابق للبنك المركزي اليمني- عدن، محمد زمام، ضرورة توحيد القطاع المصرفي في اليمن، لإنجاح الجهود المبذولة والاستفادة من الوديعة السعودية الإماراتية.

خلاصة القول: إن كل المعطيات القائمة في الأزمة الاقتصادية والمعيشية اليمنية الناجمة عن سنوات الحرب والحصار السبع، التي خاضها التحالف في اليمن، مرجع كارثيتها الأساس هو الانقسام المالي والاقتصادي الذي أحدثه نقل البنك، ما يعني أن ليس ثمة حلول مؤقتة أو ترقيعية لأزمات اليمن الاقتصادية والمعيشية سوى إعادة توحيد النظام المالي وإعادة وظائف البنك المركزي اليمني إلى أصله في صنعاء، بإجماع يمني ودولي وأممي، وهو ما يؤمَّل من الهدنة الحالية.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً