تقرير خاص-يمن ايكو
في إشارة واضحة لتأثير اللعبة الاستعمارية الأمريكية بمجريات الأوضاع الاقتصادية في المنطقة العربية، والتحكم بأسواقها المالية عبر سيطرة الدولار كعملة تتصدر التعاملات والقروض طويلة الأمد.. أكدت تقارير اقتصادية حديثة أن توجه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لرفع سعر الفائدة بواقع 4 مرات خلال العام الحالي 2022م قد يعمق عزلة اليمن الاقتصادية.
وفيما يستبعد خبراء المال والاقتصاد أن يكون هناك تأثير لرفع سعر الفائدة الأميركية على السوق المصرفية في اليمن، مستدلا بتوقفها منذ السنوات الأولى للحرب عن الاقتراض والتعامل مع الأسواق الخارجية الدولية، كما أنها لا تدفع فوائد التأخير والأقساط للديون الخارجية.. يؤكد خبراء آخرون أن التأخير عن دفع أقساط الديون الخارجية، تحت ظرف الحرب، لا يعني إلغاء تراكمات أرباحها السنوية، وشروطها العقابية الربحية بسبب التعثر الحتمي.
ويقول الخبير المالي والاقتصادي مطهر عبد الله: “إن اليمن ليس مندمجاً في الاقتصاد العالمي منذ نحو ست سنوات، إضافة إلى أن الحرب قطعت أوصال اليمن وعلاقته بالاستثمارات الأجنبية وألحقت أضرار بالغة بنظامه المالي والمصرفي وعصفت به أزمات اقتصادية طاحنة، وهو ما جعل الاقتصاد اليمني وكأنه في جزيرة معزولة”.
وفيما تنطبق هذه العزلة مع طبيعة الحصار الاقتصادي المفروض على مناطق حكومة صنعاء (الحوثيين) التي تبسط حكمها على 80% من الديموغرافيا اليمنية، وتعمل على توجيه طاقاتها البشرية لاستثمار مواردها الطبيعية، متكيفة مع ظروف الحرب والحصار، تكثف حكومة هادي المدعومة من التحالف تحركاتها الخارجية في محاولة لإعادة ربط الاقتصاد اليمني والقطاع المصرفي الذي تحت سيطرتها، بالنظام المصرفي الدولي، ما يعني أنها قد تتأثر بارتدادات من رفع سعر الفائدة الأميركية.
الأخطر في المسألة أن توجهات الاحتياطي الفيدرالي نحو رفع أسعار الفائدة في مختلف دول العالم، قد يؤثر على تفكير الدول في توسيع علاقتها المالية مع اليمن الذي يمر بظروف عصيبة، ولكي يتجاوزها يسعى إلى الحصول – وبأي ثمن وتحت أي شعار- على قروض وتمويلات ومساعدات المجتمع الدولي، وفق الباحث بشار المقطري، وهو ما يضع مستقبل ثروات الأجيال، أمام مديونية باهظة وخطيرة على استقلال قرار اليمن الاقتصادي.
ويؤكد المقطري أن “الحكومة اليمنية (حكومة هادي) تواجه خطراً كبيراً مع رفع سعر الفائدة الأميركية، الذي سيؤثر على الأسواق الدولية، وتراجع أسعار النفط، وسط تحديات أكبر تواجهها في مسار استعادة تصدير كامل النسبة المتاحة من النفط، والعودة إلى أسواق الغاز الطبيعي المسال”.. لكن مراقبين يعتبرون ذلك مستحيلا، خصوصا مع تغير قواعد اللعبة وشعارات الحرب، وانكشاف أجندة الرياض وأبوظبي في الجغرافيا والثروات اليمنية.
الإشكال الأهم الذي يمس حياة الشعب اليمني، أن التوقعات تذهب إلى تركز جزء كبير من التأثيرات في الأسواق اليمنية، بسبب ارتفاع تكاليف الواردات في بلد يعتمد على الاستيراد في توفير جميع احتياجاته الغذائية والاستهلاكية، وبنسبة 90%، ما جعل الاقتصاديين يؤكدون أنه في حال لم تكن هناك أي خطط حكومية طارئة للتعامل مع التأثيرات المحتملة لرفع سعر الفائدة الأميركية، فإن استفحال الأزمة الغذائية قد تكون له عواقب كارثية على اليمن، الذي يعاني من عجز كبير في الميزان التجاري، وارتفاع في تكاليف الاستيراد واضطراب سوق صرف العملة المحلية.
وفيما تستعد دول العالم والاقتصادات الناشئة في المنطقة العربية للتعامل مع هذا التوجه الأكثر إثارة للجدل، تغرق اليمن في سلسلة من الأزمات الاقتصادية والمصرفية جراء الحرب التي تشارف على نهاية عامها السابع في مارس القادم، وما رافقها من حصار اقتصادي وتدمير للبنية التحتية واستهداف للموارد الطبيعية والبشرية والإيرادية.