يمن ايكو
تقارير

📃 لماذا الإصرار على احتسابها مساعدة؟ وديعة التحالف الموعودة.. ديون تثقل حاضر ومستقبل كل اليمنيين 

تقرير خاص – يمن إيكو

في ظل استمرار الحرب والحصار وإمساك التحالف بموارد البلاد النفطية والغازية، تواصل الحكومة المعترف بها دولياً انتظارها للوديعة التي وعدت بها كل من السعودية والإمارات إلى البنك المركزي بعدن، والبالغة 3 مليارات دولار، بالإضافة إلى مكرمة سعودية تتجاوز 400 مليون دولار لدعم مشتقات الكهرباء، مروجة في خطابها أن هذه الوديعة هي مخرج الاقتصاد اليمني في مناطق سيطرة التحالف من قاع التردي.
الأسوأ من هذا الانتظار الذي بات مقياساً للفشل التام لحكومة معين عبدالملك في معالجة أي من الاختلالات الاقتصادية، يتمثل في إصرار الحكومة على أن هذه الوديعة مساعدة ومكرمة من الرياض والإمارات، أهم دولتين في تحالف الحرب والحصار في اليمن للعام الثامن على التوالي، برغم معرفتها التامة وإلمامها الكامل ببنود اتفاقية الوديعة المقرونة بفوائد يتحملها جميع اليمنيين حاضراً ومستقبلاً.
ليس غريباً أن تتحول الوديعة السعودية الإماراتية المعلنة في إبريل الماضي؛ إلى كذبة إبريل الحقيقية بكل معانيها، فالوسيلة التي غطت مسرحية تغيير الأدوات القديمة (هادي ومحسن) بمجلس رئاسي (من رئيس و7 نواب)، لا تزال جزءاً من استراتيجية الحرب الاقتصادية وسباق الفصائل الموالية للتحالف في معركة السيطرة على موارد البلاد والمؤسسات الإيرادية في مناطقه، وبما يضمن استمرار ارتهان قرار الحكومة الاقتصادي لمعادلة الحصان والجزرة.
الأخطر في ذلك الإعلان، الذي قوبل بترحيب عالمي واحتفال مبالغ فيه حد الإسفاف في القنوات المحسوبة على التحالف والحكومة والموالية له؛ يتمثل في اتجاه البنك المركزي بعدن وعلى وجه السرعة إلى استنزاف ما تبقى لديه من الوديعة السابقة المبددة- في عملية فساد واضحة كشفها تقرير فريق العقوبات بمجلس الأمن الدولي في يناير 2021- خارج أهدافها المعلنة، فضلاً عن بنودها المجحفة التي ظلت طي الكتمان.
تمكن التحالف- بوعد الوديعة- من نزع ما تبقى من نفوذ الأدوات السابقة (هادي ومحسن) في الثروات، تمهيداً لإعادة تمركز سيطرته على الموارد والثروات النفطية والغازية بعائداتها واتفاقيات صادراته، وبالتالي فلم يعد أي لازم للوفاء بالوديعة التي لا تعد سوى قرضٍ مشروطٍ بالسداد في ظرف زمني محدد، وبشروط ظاهرها التزام الحكومة باستكمال الإصلاحات الاقتصادية، وباطنها جملة من قرارات التغيير في هيكل الدولة، لضمان هذه القرارات للتحالف انسيابية إحلال الانتقالي المدعوم إماراتياً كبديل للإصلاح، الحليف الأكثر إسهاماً في تمكين التحالف من موارد البلاد. وفق مسؤولين في الحكومة المعترف بها دولياً.
وبتلك الشروط ضمن التحالف- في حال نفذ تعهده بدعم البنك بالوديعة- أسباب مآل فشل البنك في سداد الوديعة في موعدها الزمني، جراء فشله في السيطرة على الموارد والإيرادات من العملة الصعبة، كما حصل للوديعة السابقة التي لم تنته بفضيحة الفساد، فقط، بل وبفرض أرباح وفوائد التأخير التي سيدفعها كل يمني.
وكان منتصف مارس الماضي هو موعد سداد الوديعة السعودية التي قدمت لبنك مركزي عدن وبمبلغ ملياري دولار، في الربع الأول من عام 2018م، غير أن البنك كان قد وصل إلى درجة العجز الكامل بعد تبديد الوديعة خارج قواعد المصارفة المعتمدة؛ الأمر الذي حدّ من فاعليتها الاقتصادية، وعرّض الأصول الثابتة للبنك المركزي خارج اليمن لخطر المصادرة وفقاً لاتفاقية الوديعة التي تضمنت هي الأخرى بنوداً مجحفة بحق الدولة اليمنية، وفق خبراء الاقتصاد.
وخارج بنود الوديعة المؤطرة زمنياً بين مارس 2018 ومارس 2022م، والمخصصة لتمويل خمس سلع رئيسية (القمح، الأرز، السكر، الحليب، زيت الطبخ)؛ استنزف التجار وشركات الاستيراد خلال 18 شهراً (من أكتوبر 2018، إلى أبريل 2020) مبلغ 1.89 مليار دولار، من مبلغ الوديعة، بينما شهد السوق نقصاً حاداً في المواد الغذائية، ومن ضمنها السلع المذكورة، ما ضاعف معاناة كافة اليمنيين.
ومن 490 ريالاً للدولار الواحد عند إيداع الوديعة السعودية في مارس 2018م، انهارت قيمة الريال إلى 1500 ريال للدولار في نوفمبر 2021، وأثناء سريان الوديعة المستنزفة خارج أهدافها ليفتح موعد سدادها على شروط جزائية تشمل رفع الفوائد والاستمرار في السيطرة المطلقة على عائدات النفط والغاز، فضلاً عن تعريض البنك لمزيد من قيود الارتهان للخارج، وفق خبراء الاقتصاد.
خلاصة القول: إن تلك الوديعة وغيرها من الودائع السابقة، التي تصر الحكومة المعترف بها دولياً على وصفها مساعدات ومكرمات تقتضي ضياع الوقت في الشكر والامتنان للرياض وأبو ظبي اللتين تقودان الحرب والحصار؛ تمثل ديوناً مستحقة تكبل حاضر اليمنيين، حتى الذين لم يستفيدوا من تلك المساعدات (الودائع)، وتستبد بثروات كافة أجيال اليمن المستقبلية.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً