يمن ايكو
تقارير

📃 قيَّد شركات الصرافة بقرار جديد.. مركزي عدن يواصل السير خارج الواقع!   

 تقرير خاص – يمن إيكو
أقرَّ بنك مركزي عدن، منع وكلاء الحوالات في المناطق النائية من مزاولة أي نشاط لبيع وشراء العملات الأجنبية في أي منطقة أخرى، محدداً سقف النشاط بأقل من مليوني ريال لليوم الواحد والعملية الواحدة.
ونصّ القرار الجديد- الذي أصدره البنك تحت شعار “تنظيم سوق الصرافة”- على زيادة الحد الأدنى لمبلغ رأس المال المدفوع للترخيص كشركة صرافة إلى مليار ريال للمركز الرئيسي للشركة، وعدد تسعة فروع أخرى رافعاً رأس المال بمبلغ 50 مليوناً مقابل كل فرع إضافي، وهو عامل سلبي- وفق الصيارفة- سيحد من نشاط الشركات الخادم للمجتمع وحركة دورته الاقتصادية، وسيحجم القرار طموح قطاع الصرافة في التوسع والتطوير، وما يترتب عليه من فرص عمل وحركة تجارية.

الحلقة الأضعف

منشآت الصرافة هي الحلقة الأضعف، كون غالبيتها يتسم بملاءة مالية هشة، لمحدودية نشاطها، إذ عليها أن تدفع كحد أدنى للحصول على تراخيص مزاولة نشاطها كمنشأة صرافة 500 مليونِ ريال يمني -حسب نص القرار- أي نصف مليار ريال، ولحصولها على الترخيص كوكيل للحوالات، دفع حدّ أدنى 100 مليون ريال، وهذا صعب جداً أمام غالبية تلك المنشآت، ما يعني أنها ستجد نفسها أمام ضرورة إشهار الإفلاس، أو الإغلاق وتصفية أصولها بصمت، والانخراط في مجالات أخرى تتيح لها مواصلة الصرافة بطرق خفية يصعب على الرقابة البنكية شبه المنهارة السيطرة عليها.

تداعيات خطيرة

الأخطر في تداعيات قرار رفع رسوم التراخيص والتأمين والحد الأدنى من رأس المال، إلى مبالغ يصعب على الصيارفة دفعها؛ لا يكمن في فشل البنك على طريق تكييف قطاع الصرافة على هذه القيود، وإن أعطى مهلة عامين لتطبيق القرار تبدأ مطلع 2023م، فحسب، بل يتمثل في أن القرار سيزيد من تدهور القطاع، ولجوء الكثير من المنشآت للعمل خارج القانون وبصفة سرية وتعاملات تجارية تغلب عليها الصفة الشعبية التقليدية.
 وفيما تؤكد المؤشرات أن قرار البنك يعكس حالة من التخبط والبحث عن سيولة تساعده على الاستمرار في إصدار قرارات، يتوقع أن تخلق له بدائل للإيرادات المهولة الخارجة عن سيطرته، وعن الوديعة المنتظرة، والتي يبدو أن لا جدوى من انتظارها، وأنها لم تكن سوى تعهدات وهمية سهلت للرياض مهمة تغيير الأدوات في السابع من إبريل الماضي.

دليل التخبط

 والدليل على حالة التخبط بحثاً بدائل لحشد سيولة لخزينته، يتمثل في إعلان البنك المركزي بعدن قبل خمسة أيام عن فتح باب الاكتتاب في أدوات الدين العام، اعتباراً من الأول من شهر أغسطس 2022م، وعلى أن تشمل الأدوات ودائع الوكالة شريطة أن يكون الحد الأدنى للإصدار مبلغ 100 مليون ريال، وبأجلٍ تصل مدته إلى 3 أشهر، وبعائدٍ يتراوح بين 18-20%، وبغرامة الكسر بنقطتين من أقصر أجل لآخر إصدار.

الأهم في سياق تتابع القرارات التي تشي بحالة التخبط، أن فتح باب الاكتتاب في أدوات الدين العام جاء وسط تحذيرات اقتصادية من تراكم الالتزامات إزاء استحقاقات الدين العام، في ظل تدهور الاقتصاد الكلي وتراجع تدفق الإيرادات إلى أدنى مستوى لها، وفشل الحكومة المعترف بها دولياً وبنكها المركزي في تنمية الموارد وتطوير الأوعية الإيرادية ونظم التحصيل الضريبي والجمركي، واستيعاب الإيرادات السيادية للنفط الخام والغاز المنزلي.

وكانت دراسة اقتصادية حديثة، صدرت أواخر يوليو الماضي عن الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية؛ حذّرَتْ من تنامي الدين المحلي في اليمن، مطالبةً بوضـع اسـتراتيجية لاحتوائه، للحـد مـن آثاره السـلبية على اسـتقرار الاقتصـاد الكلي، عبر تقليص الاعتماد على الخارج، لتغطية نفقاتها المهولة خارج التنمية والمعالجات الاقتصادية العميقة للأزمات.

تراكم المشكلات

وفيما يؤكد البنك عزمه إعادة هيكلة قطاع الرقابة على البنوك، وإعادة تنظيم قطاع الصرافة، وإنشاء إدارات جديدة تلبي الدرجات الوظيفية المتنازع عليها بين الحكومة والانتقالي وسلطات الساحل الغربي؛ تظل كل المساعي والقرارات أسباباً واضحة لتراكم المشكلات، خصوصاً أن وعود البنك وخططه المعلنة تختتم بالترحيب والمطالبة بالدعم الخارجي، والشكر للسعودية والإمارات المتعهدتين بوديعة منتظرة ستحل مشاكل الاقتصاد اليمني- حسب تعبير مسؤولي البنك.
خارج الواقع

خلاصة القول: إن قرار بنك مركزي عدن الصادر اليوم، وغيره من القرارات السابقة، تصدر من خارج الواقع المالي والنقدي للبنك الذي يواجه تحديات مالية ومؤسسية وإدارية، ويعتمد بشكلٍ شبه تام على الودائع والقروض الخارجية.. حيث تبدو قرارات البنك كما لو أنه يتم تفصيلها قياساً على الأوضاع الطبيعية في بلدان تمتلك بنوكها المركزية السلطات السيادية المطلقة على نتائج تفاعلات الاقتصاد الكلي، إنتاجاً وتبادلاً تجارياً وتصديراً واستيراداً وسيطرة مصرفيَّة، وتحصيلاً إيرادياً لتلك التفاعلات.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً