يمن ايكو
تقارير

📃 الهدنة الاقتصادية في اليمن.. وممكنات وتحديات إعادة توحيد النظام البنكي والمصرفي

تقرير خاص – يمن إيكو
مع تأكيد الأمم المتحدة قبول الأطراف اليمنية بتمديد الهدنة لشهرين إضافيين، ببنودها الأصلية نفسها؛ يتوجب على تلك الأطراف المضي قدماً في حلحلة مشكلات الملف الاقتصادي، من فتح الطرقات، وصرف مرتبات جميع موظفي القطاع العام اليمني، وإعادة توحيد النظام المالي والمصرفي في البلاد، وسط تطلعات أبناء الشعب اليمني لسلام اقتصادي، يضمن استعادة دورة حياتهم الاقتصادية والمعيشية على كامل الخارطة اليمنية الموحدة بلا استثناء.
وفيما تتجه الأنظار اليمنية بتفاؤل كبير إلى طاولة المفاوضات الاقتصادية، يقف المتفاوضون أمام ركام هائل من الدمار الاقتصادي، المقرونة حلوله بتحديات وصعوبات كبيرة أفرزتها تداعيات انقسام النظام المالي، منذ أعلن رأس الحكومة الموالية للتحالف “هادي” وبمشورة أمريكية واضحة، قرار نقل وظائف البنك المركزي اليمني إلى عدن، وفي محضر الأمم المتحدة بنيويورك، في سبتمبر 2016م، ولم تزل تلك التداعيات مستمرة حتى اليوم.

ومن وجهة نظر الأطراف المعنية بالملف الاقتصادي، تحاول الحكومة الموالية للتحالف التنصل عن تعهداتها التي أعلنتها أمام الأمم المتحدة بصرف المرتبات لكامل الموظفين اليمنيين، حيث ربط وزير خارجيتها، أحمد بن مبارك، في حوار تلفزيوني على قناة الحدث التابعة للتحالف، مسألة صرف المرتبات باتفاق استوكهولم، في تناقض مع تصريحات مسؤولين بنكيين- عينهم هادي في قيادة البنك من الرياض- أكدوا فيها ضرورة توحيد القطاع المصرفي في اليمن، لإنجاح الجهود المبذولة والاستفادة من الوديعة السعودية الإماراتية، كما يتناقض مع تصريحات الانتقالي، المدعوم إماراتياً، التي رفض فيها وبشكل قاطع أي تحركات تتماشى مع دعوات إعادة توحيد البنكين وإنهاء الانقسام، مطالباً الحكومة بإيداع الإيرادات النفطية إلى بنك مركزي عدن، وليس إلى الرياض، في إشارة واضحة تشي باستمرار الانقسام المالي والبنكي داخل مناطق سيطرة التحالف.

المجلس السياسي الأعلى وحكومته في صنعاء، جعلا من إنهاء الانقسام المالي أولوية محورية، لكنهما رهنا تحقيق ذلك بالالتزام الكامل ببنود الهدنة في مرحلتها الأولى، واستمرار رحلات الطيران والسماح بدخول المشتقات النفطية، بالإضافة إلى صرف المرتبات وتوحيد السياسة النقدية، ليتسق مع هذا الخطاب حديث القائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية، محافظ البنك المركزي، هاشم إسماعيل- في لقاء له مع المبعوث الأممي في منتصف إبريل الماضي- إذ شدد على ضرورة الالتزام الكامل ببنود الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة، بدون أي اجتزاء أو انتقاص.. مؤكداً أن إعادة توحيد السياسة النقدية وتوحيد البنك المركزي لن يتأتى بدون تنفيذ الأولويات الهامة الموصولة بصرف مرتبات موظفي الدولة، ومعاشات المتقاعدين ومخصصات الضمان الاجتماعي، لإنهاء معاناة هذه الشريحة، باعتبار أن ذلك سيمثل مدخلاً رئيسياً لأي حلول سياسية مقبلة.

التحديات الماثلة أمام مهمة إعادة توحيد النظام المالي اليمني- من وجهة نظر مراقبين- لا تكمن في تناقضات الرؤى الاقتصادية لأطراف الحكومة الموالية للتحالف، الذي يمسك هو الآخر بقرارات تلك الحكومة، فحسب، بل تكمن أيضاً في تعدد أطرافها المتصارعة على المؤسسات والأوعية الإيرادية، وفق مشاريع تعكس أجندة التحالف في تقسيم مناطق سيطرته وتقاسم ثرواتها.

وأكد المراقبون أن التحدي الأهم أمام أي جهود أممية ترمي لإعادة توحيد البنك المركزي اليمني وإنهاء الانقسام المالي، يكمن في عدم اعتراف الحكومة الموالية للتحالف بالمشكلة وأساسها وسببها، متجاهلة التداعيات الكارثية لقرار نقل علميات البنك إلى عدن، على انهيار قيمة العملة اليمنية أمام الدولار، الذي وصل إلى 1750 ريالاً يمنياً، وتوقف المرتبات، وما تبعه من قرارات بنكية شملت طباعة كتل ورقية من العملة الوطنية وبشكل جديد وتسلسل رقمي غير قانوني، وإغراق السوق المصرفية بها، بدون مراعاة لقدرة الناس الشرائية التي انهارت وضاعت معها القيمة النقدية لمدخراتهم، وجميع تلك القرارات مخالفة واضحة لدستور الجمهورية اليمنية المستفتَى عليه شعبياً، من وجهة نظر دستورية وقانونية.

ويرى خبراء الاقتصاد أن تجاوز هذه التحديات غير ممكن، بدون تحمل التحالف والحكومة الموالية له مسؤولية تداعيات الانقسام على قيمة العملة الوطنية، وما أحدثته من انحسار في القيمة النقدية لمدخرات المواطنين وانهيار قدرتهم الشرائية.. ومؤكدين أن استعادة الحياة الاقتصادية، لما كانت عليه قبل قرار نقل عمليات البنك مهمة تتطلب كلفة باهظة وصعبة، وإن أبدت حكومة صنعاء استعدادها لصرف مرتبات كامل موظفي القطاع العام شريطة إعادة عائدات صادرات النفط وإيرادات المنافذ البرية والبحرية والجوية في مناطق سيطرة التحالف إلى البنك المركزي في صنعاء، من منطلق قدرات البنك السابقة، ونجاحه في الحفاظ على أساسيات الاستقرار الاقتصادي، والحيلولة دون ازدياد تفاقم أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، عبر توفيره العملات الأجنبية من احتياطياته في الخارج لتمويل العمليات، واستمراره في صرف الرواتب رغم الحرب والحصار من مارس 2015م إلى سبتمبر 2016م.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً