يمن ايكو
تقارير

التمويل الإنساني في اليمن.. كيف أسهمت الأمم المتحدة في انهيار العملة؟

ما لم يظهر إلى السطح في حجم التمويلات التي جمعتها الأمم المتحدة باسم الشعب اليمني منذ سبع سنوات، هو مصير مليارات الدولارات وسط تفاقم الأوضاع الإنسانية في البلاد، وتأكيدات خبراء الاقتصاد أن تلك التمويلات كانت كفيلة بحل مشاكل كل يمني بفرصة عمل معيشية مستدامة عبر تمويل مشروع صغير يدر الدخل عليه وعلى أسرته.

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن أكد، أمس، أن الأمم المتحدة تلقت حتى سبتمبر الجاري 54% من التمويل الإنساني المطلوب لليمن خلال 2021م، والبالغ 1.9 مليار دولار، من أصل 3.85 مليار دولار حددت لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد والمعلن عنها في مارس الماضي، لافتاً إلى أن كثيراً من القطاعات تلقت 15% أو أقل من التمويل المطلوب، بما فيها قطاعات تُعدّ حيوية لزيادة قدرة الناس على التحمل أمام المجاعة وانعدام الأمن الغذائي.

وفيما تكرر الأمم المتحدة الدعوات نفسها للدول المانحة منذ بداية الحرب والحصار بضرورة الدعم السخي لتمويل خططها الإغاثية والإنسانية؛ اتهم خبراء اقتصاد برامج الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، بالتلاعب بمخصصات المشاريع الطارئة وعلى رأسها مشروع الحوالات النقدية الطارئة لليمنيين، الذي أنيط بمنظمة اليونيسف المعنية بالطفولة في اليمن، والتي تدير نحو 10 مشاريع ضمن الاستجابة الطارئة للأزمة اليمنية، وفق ما قاله الدكتور عبد القادر الخراز (ناشط وخبير اقتصادي وبيئي) في منشور رقم (4) حول فساد الأمم المتحدة.

وأكد الخراز أن اليونيسف تلاعبت بمشروع الحوالات النقدية الطارئة لليمنيين، وأن المشاريع التي تديرها اليونيسف والممولة من البنك الدولي والكائنة بالأردن لا تظهر ببرنامج التتبع للتمويلات.. موضحاً أن الوثائق تفيد بأن هذه التمويلات من البنك الدولي تحت ما يسمى باتفاقية حقوق السحب الخاصة، أي المبالغ المتاح لليمن سحبها من البنك، التي تتحول فيما بعد إلى قروض تزيد من مؤشر الدين العام الذي يلغم مستقبل الأجيال القادمة، الالتزامات المالية للبنك الدولي، وتلك المبالغ التي تستلمها اليونيسف لا تحسب من تمويلات أخرى من الدول المانحة تظهر بموقع التتبع ووصلت لمبلغ 215 مليون دولار فقط منذ بداية 2021 إلى الآن.

وقال الخراز: “هذه الاتفاقية انتهت 2019م غير أن اليونيسف لم تسلم المشروع الذي يجري تنفيذه بلا رقيب ولا حسيب، إلى وزارة التخطيط بحكومة هادي، بل سعى ممثلوها الأمميون لتمديد المشروع رافضين إعادته للصندوق الاجتماعي، وحسب ما أعلم حالياً أن هناك اتفاقاً لتسليم المشروع بداية 2022م”.. مؤكداً أن المشكلة ليست تكمن في استمرار المشروع حتى ذلك التاريخ بل في المخاوف من أن يظهر -ما أسماهم الخراز- باللصوص المتوغلين في حكومة هادي لمنع ذلك التسليم، وبالتالي استمرار الفساد والنهب والتلاعب بقيمة العملة اليمنية عبر المضاربة بمخصصات المشروع الدولارية التي أكدت وثيقة الاتفاقية أنها تتجاوز 191 مليون دولار كل 6 أشهر وتصرف للمسجلين في كشوفات الرعاية الاجتماعية منذ 2014م وبعدد 1.4 مليون حالة.

الوثائق التي استند عليها الخراز تشير إلى أن وكالات الصرف- مثل بنكي الأمل والكريمي- خُصص لها مبلغ 5,68 مليون دولار على كل دورة مقابل أتعابها في الصرف للمحتاجين، لافتاً إلى أن البنوك لم تكتفِ بذلك، بل ذهبت للمشاركة مع اليونيسف في لعبة المصارفة ناهبة حقوق المحتاجين وتساهم في تدهور الاقتصاد الوطني.

الأخطر في مسار المضاربة بالعملة هو أن سعر الصرف وفق الوثائق للدولار الواحد لا يزيد عن 250 ريالاً منذ 2016 إلى الآن ومثبت لدى هذه المنظمات عند هذا الحد، ما يعني أن المنظمات لعبت دوراً أسوأ من التجار المحسوبين على هادي والذين بددوا الوديعة السعودية باسم السحوبات الدولارية بالسعر التفضيلي لشراء المواد الأساسية، بينما هي تضارب بها في السوق كاسبة فارق السعر الرسمي وسعر السوق السوداء.

ويؤكد الخراز أن جميع الأموال في مختلف المشاريع الطارئة الممولة من الأمم المتحدة كانت من حقوق السحب المخصصة لليمن في البنك الدولي، وتحسب بالدولار ولا تدخل البلاد وتبقى بالخارج في حسابات المنظمات والوسطاء من بنوك خاصة وشركات تعمل مع المنظمات والبرامج الأممية من الباطن، ويتم صرف المبالغ للمحتاجين بالريال اليمني في الداخل، والوسطاء هم من يقومون بتوفيره وهذا كله يسهم في تدهور العملة والاقتصاد الوطني.

الوثائق التي كشفها الخراز أثارت استنكار الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لمظاهر غياب الرقابة على مسار ومصير التمويلات التي تجمعها الأمم المتحدة وبرامجها المختلفة باسم اليمن، من دول مثل اليابان وألمانيا وغيرها من الدول التي تقدم المساعدات على أساس أنها لليمنيين، ولكنها تمضي بدون أي رقابة ولا متابعة من الجهات المسؤولة بالدولة ولا يصل إلى الشعب إلا الفتات بعد التلاعب بمصارفته والإضرار بالعملة الوطنية.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً