يمن ايكو
أخبارقصة اقتصاد

ماذا لو وُجِّهت لمعالجة البطالة العربية؟.. هذا ما صنعته أموال الخليج في بريطانيا (صور)

يمن إيكو| متابعات:

أثارت قضية بيع مسؤول قطري رفيع، قصره الفخم في لندن، وفق صفقة هي الأكبر خلال العام الماضي- أسئلة المراقبين حول ما صنعته أموال الخليج في بريطانيا، بالتزامن مع مساعي أنظمة الخليج لزيادة استثماراتها في المملكة المتحدة إلى 200 مليار دولار بحلول 2027م- من طفرة اقتصادية، بكتل مالية كانت كفيلة بحل بمعالجة البطالة في الوطن العربي، وبناء أسواق عربية مشتركة، وفق ما ذهب إليه باحثون في الاقتصاد.

وكشفت وكالة بلومبرغ الشرق، الأحد، واحدة من أغلى صفقات المنازل في لندن السنة الماضية، مؤكدة أن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، باع قصراً في “حي مايفير” في العاصمة البريطانية لندن، لعضو آخر من الأسرة الحاكمة في البلاد.

ووفقاً لما كشفته الوكالة في تقرير رصده موقع “يمن إيكو”، فإن الشيخ القطري، باع القصر المصنف من المستوى الثاني إلى فرد آخر من الأسرة الحاكمة مقابل 39 مليون جنيه إسترليني (حوالي 50 مليون دولار) في أكتوبر الماضي، بحسب أشخاص على دراية بالموضوع.

وكان رئيس وزراء قطر اشترى العقار- الواقع بين منطقة هايد بارك وميدان بيركلي- خلال 2021، وبحسب ملف إيداع بريطاني لم يكشف عن هوية المشتري الجديد، كما توجد أسباب مختلفة لتبادل عقار فاخر بين أفراد العائلات الثرية، مثل تجنب دفع رسوم وكالة عقارية، أو الحد من مخاطر دفع ضريبة الميراث عند وفاة المالك.

فيما ذكرت مصادر مطلعة أن الشيخ محمد تفاوض مباشرة مع عضو الأسرة الحاكمة حول صفقة البيع، ولم يرد المكتب الإعلامي لحكومة قطر على رسالة عبر البريد الإلكتروني تطلب التعليق على الموضوع. وفق بلومبرغ.

“الدوحة الصغيرة”


واستحوذ أفراد من النخبة القطرية على عدد كبير من العقارات في مايفير على مر الأعوام لدرجة أن المنطقة أُطلق عليها لقب “الدوحة الصغيرة”. حيث اشترى عبد الهادي مانع الهاجري- مالك فندق ريتز وصهر أمير قطر- منزلاً قيمته 37.5 مليون جنيه إسترليني على بعد خطوات من المنزل السابق للشيخ محمد، السنة الماضية.

خلال 2023، كان مايفير أحد أكثر الأحياء شهرةً من حيث ما يشهده من صفقات تفوق قيمتها 5 ملايين جنيه إسترليني في لندن، ومثَّل 8% من هذه الصفقات التي شهدتها لندن، بحسب شركة الوساطة “سافيلز”.

لكن بعض مالكي العقارات، من بينهم أفراد آخرون من الأسرة الحاكمة القطرية وعائلة الخياط المهيمنة على جزء كبير من القطاع في البلد الخليجي، درسوا بيع قصور في لندن على مدى الشهور الـ12 الماضية. وتراجعت حصة مشتري الشرق الأوسط الذين يبتاعون منازل في أرقى أحياء وسط لندن إلى 5% من جميع المشتريات السنة الماضية، مقارنة بـ10% خلال 2019، بحسب شركة الوساطة “هامبتونز إنترناشونال”.

وفي يناير 2024م قال رئيس الصندوق السيادي القطري- البالغة قيمة أصوله 450 مليار دولار، والمشتري الكبير للعقارات الأوروبية- إنه يشعر بـ”القلق بشأن سوق العقارات التجارية، لكنه سيواصل دعم مشروع مجموعة (كناري وارف) في لندن كمساهم طويل الأجل”.

ونقل تلفزيون بلومبرغ خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، عن الرئيس التنفيذي لـ”جهاز قطر للاستثمار” منصور آل محمود، قوله: “القطاع يتّسم ببعض المخاطر بسبب الرافعة المالية وتكلفة التمويل”. مؤكداً أن الصندوق- الذي التزم في العام الماضي باستثمار 400 مليون جنيه إسترليني في الشركة المطورة لمنطقة “دوكلاند” المالية في لندن إلى جانب شركة “بروكفيلد”- سيواصل دعمه للمشروع، وقال آل محمود: “لم يحن الوقت للخروج منه بأي شكل”.


أموال الخليج في بريطانيا

وأياً كان المشتري لقصر الشيخ القطري، وزمن شرائه للعقار، وأسباب التفاوض الشخصي في عملية البيع، فالصفقة العقارية وبهذا الحجم، أثارت أسئلة المراقبين حول ما صنعته أموال الخليج في لندن، من طفرة عقارية بمبالغ مليارية كانت كفيلة بمعالجة البطالة في الوطن العربي، وبناء أسواق عربية مشتركة.

ويمثل القصر القطري الذي تم بيعه واحداً من عدد قليل بيع بما يتجاوز 30 مليون جنيه إسترليني في لندن السنة الماضية، من بينها قصر بمنطقة تشيلسي قيمته 65 مليون جنيه إسترليني اشتراه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر الماضي. وأوضح الأشخاص المطلعون على الأمر أن العقار السابق للشيخ محمد آل ثاني جرى تحويله إلى شقق خلال التسعينيات من القرن الماضي، وهو التصميم القائم حتى الآن.

وفي إطار خططها الاستثمارية الخارجية، أعلنت الأمارات- في أواخر عام 2021م- أنها تعتزم ضخ 10 مليارات جنيه إسترليني (13.8 مليار دولار) في الاقتصاد البريطاني خلال السنوات الخمس المقبلة، في إطار سعي الدولة الخليجية لتنويع استثماراتها في بريطانيا، وجاء ذلك الإعلان مكملاً لاستثمار قام به صندوق “مبادلة” في مارس/آذار بقيمة 800 مليون جنيه إسترليني في علوم الحياة في المملكة المتحدة، وذلك عندما دشن البلدان “شراكة الاستثمار السيادي”. وفق شبكة (سي إن إن) الأمريكية.

قطر والإمارات ليستا الدولتين الخليجيتين اللتين صبتا رساميل باهظة في لندن، فحجم الاستثمارات الكويتية في بريطانيا وصل- حتى أغسطس الماضي- إلى 42 مليار دولار، بينما بلغ حجم الأصول الكويتية في بريطانيا 250 مليار دولار، وفق تصريحات كويتية في حفل أقيم في «لانكستر هاوس» بالعاصمة البريطانية، بمناسبة الذكرى السنوية السبعين لافتتاح مكتب الاستثمار الكويتي في لندن.

البحرين الخليجية، هي الأخرى وقعت في منتصف العام الماضي مذكرة تفاهم بشأن الشراكة الاستراتيجية للتعاون والاستثمار، تقضي بضخ القطاع الخاص البحريني مليار جنيه إسترليني (1.3 مليار دولار أمريكي) في بريطانيا، عبر الصندوق السيادي “ممتلكات البحرين القابضة”، و”إنفستكورب”، و”مجموعة جي إف إتش المالية، وشركة أصول.

وفي الـ26 من أبريل الماضي، نقلت مجلة “المجلة” اللندنية (مجلة سعودية) عن عمدة “حي المال” مايكل ماينلي، تأكيده أن منطقة الخليج تشكل رابع أكبر شريك تجاري للمملكة من بعد الولايات المتحدة والصين وسويسرا، بحجم تجارة إجمالي يبلغ 65 مليار جنيه إسترليني، منها 17,4 مليار مع السعودية التي تصل استثماراتها في المملكة المتحدة إلى نحو 65 مليار جنيه إسترليني.

يشار إلى أن آخر مؤتمر خليجي بريطاني حول الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، في العاصمة البريطانية لندن، عقد في ابريل 2017م، قدر- حينها- إجمالي الاستثمارات الخليجية في بريطانيا بأكثر من 130 مليار دولار، مؤكداً مساعيها لرفع هذا الرقم إلى 200 مليار دولار خلال عشر سنوات، أي بحلول 2027م.

وتمثل منطقة الخليج أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتحتوي على عدد من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم. ويمثل التحول الرقمي السريع في دول الخليج فرصة عظيمة للقطاع التكنولوجي الرائد في المملكة المتحدة.
ويذهب الباحثون إلى فرضية قيام الدول الخليجية والعربية النفطية، بدلاً من استثمار فوائضها المالية الهائلة إلى أسواق خارجية، بضخها لصالح قيام سوق عربية مشتركة من المشاريع القديمة التي راودت الحلم العربي منذ خمسينيات القرن الماضي، مؤكدين أنه أصبح ضرورة لمواجهة تحديات العولمة وما أفرزته من قيام تكتلات اقتصادية عملاقة، لا يمكن مواجهتها إلا بتكتل عربي مماثل.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً