يمن إيكو| متابعات:
خسائر بعشرات المليارات من الدولارات، تكبدها الاقتصاد المغربي، بحسب تقديرات أولية، نتيجة الزلزال الذي ضرب عدداً من المناطق المغربية آخر الأسبوع الماضي، جاءت لتضيف مزيداً من التحديات الجديدة أمام اقتصاد البلاد المثقل بالضغوطات، سواء تلك التي فرضتها التطورات الجيوسياسية التي يشهدها العالم والانعكاسات الواسعة للحرب في أوكرانيا، أو العوامل الداخلية المتعلقة بأثر التغير المناخي وموجات “الجفاف” التي تتسبب في إبطاء معدلات النمو، بما ينعكس بدوره بشكل مباشر على خفض التقديرات الرسمية وتقديرات المؤسسات المالية.
وتتوزع الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكارثة، ما بين الخسائر المباشرة المتعلقة بحجم الدمار الذي لحق بالمناطق المتضررة والبنية التحتية (فيما لا تتوافر بيانات رسمية نهائية حول ذلك حتى الآن مع تواصل جهود الإنقاذ والصعوبات المتعلقة بالمناطق الجبلية)، والخسائر غير المباشرة الناجمة عن تأثر قطاعات رئيسية (مثل القطاع السياحي الذي كانت تعول عليه المملكة بشكل كبير في النمو الاقتصادي) وقطاعات أخرى.
وذلك جنباً إلى جنب والأولويات الجديدة التي ستواجهها ميزانية الدولة للتعامل مع تبعات الزلزال وتوجيه جزء من الموارد للجوانب الاجتماعية والإنسانية في دعم ومساندة المتضررين وعمليات إعادة الإعمار.
أكبر خسائر منذ عام 1960
وضرب زلزال بقوة 6.8 ريختر، غرب المملكة المغربية، يوم الجمعة الماضي، ما أسفر عن خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، حيث أسفر عن مقتل نحو 2681 شخصاً وإصابة نحو 2501 جريح، من بينهم 1404 مصابين في حالة حرجة، بحسب بيانات وزارة الداخلية المغربية، وهي الخسائر الأكبر منذ زلزال أغادير في عام 1960.
وصنفت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية الوفيات والخسائر الاقتصادية المتوقعة لهذا الزلزال المدمر ضمن «الإنذار الأحمر»، ما يشير إلى احتمالية وقوع خسائر اقتصادية كبيرة وأضرار جسيمة واسعة النطاق.
وكان زلزال أغادير أعنف الزلازل التي ضربت المغرب على الإطلاق، ورغم أنه قوته لم تتجاوز 5.8 ريختر، وهي أقل من الزلزال الراهن، فإنه أسفر عن ما يتراوح بين 12 و15 ألف قتيل في الساحل الغربي للبلاد، كما شرد عشرات الآلاف.
تقديرات أولية
وبينما من المُبكر تحديد حجم الخسائر التي مُنيت بها المملكة المغربية على أثر الزلزال، تتباين التقديرات حول التقييم المبدئي لتلك الخسائر، بينما لا يزال الوقت مبكراً لتحديدها بشكل دقيق حتى الآن.
التقييم الأبرز تمثل في تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية للخسائر الاقتصادية المحتملة لزلزال المغرب المدمر.
وقدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في آخر تحديث لها إمكانية وصول الخسائر الاقتصادية إلى نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، والذي بلغ نحو 133.83 مليار دولار بنهاية عام 2022، بحسب بيانات رفينتيف، ومن ثم قد تصل الخسائر وفقاً لتقديرات الهيئة الأمريكية إلى نحو 10.7 مليار دولار.
يأتي ذلك فيما لا تزال المغرب تحصي الخسائر بعدما ترك الآلاف منازلهم، واختاروا المكوث في الشوارع خوفاً من تداعيات الزلزال، بينما تواصل السلطات المغربية تقديم الدعم والإنقاذ اللازمين للمتضررين.
من جانبه، يشير المحلل الاقتصادي المغربي، إدريس العيساوي، إلى أن “الكارثة التي أصابت منطقة الجنوب، خصوصاً ضواحي مدينة مراكش، هي كارثة خطيرة جداً، وبالتالي فإن التقديرات المرتبطة بالخسائر الاقتصادية المحتملة التي يتداولها البعض مثل التقديرات الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ربما تكون صحيحة (غير مبالغ بها)”.
الكلفة الاقتصادية
وفي تقدير مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث ورئيس منتدى تطوير الفكر العربي للأبحاث، أبو بكر الديب، فإن الكلفة الاقتصادية “المبدئية” للزلزال المُدمر الذي ضرب البلاد قد تصل إلى 150 مليار دولار، وذلك بالنظر إلى حجم الخسائر في البنية التحتية للبلاد والمرافق التي طالها الدمار، فضلاً عن انعكاسات ذلك على القطاعات الاقتصادية الأساسية، ومن بينها القطاع السياحي، إضافة إلى التبعات المحتملة على تدفقات الاستثمارات، وغير ذلك.