تقرير خاص- يمن إيكو
لا يزال الموقف الأوروبي من الحرب والحصار في اليمن يراوح مكانه من حيث الانحياز إلى خيارات التحالف، بقيادة السعودية والإمارات، وهو الموقف نفسه الذي تتماهى معه الأمم المتحدة، رغم كونا أبرز الجهات الدولية التي عايشت الأزمة اليمنية وما أفرزته من أوضاع إنسانية كارثية وتدهور اقتصادي غير مسبوق، دفعا بأكثر من ثلثي السكان إلى دائرة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.
في بيانه الأخير بشأن اليمن، والذي صدر مطلع الأسبوع، لم يأتِ الاتحاد الأوروبي بأي جديد من شأنه أن يشير إلى موقف داعم لأي تحرك للحد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، البلد الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، بحسب التقارير الأممية والدولية.
اكتفى الاتحاد الأوروبي في بيانه بالتعبير مجدداً عن القلق الشديد إزاء الوضع الإنساني الكارثي في البلد، إذ أن أكثر من 70% من السكان بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، ويواجه أكثر من نصف السكان انعداماً حاداً للأمن الغذائي، فيما لم يشر إلى أي من المسببات التي لا يمكن لأي معالجات جانبية أن تفلح في وقف آثارها، وفي الوقت ذاته شدد المجلس على الأهمية القصوى لإعادة تفعيل الهدنة وتمديدها.
وبدا واضحاً من خلال بيان الاتحاد الأوروبي، أن مساعي الدول الأوروبية جميعها تتركز في تحقيق الاستقرار الذي يسمح باستمرار تدفق النفط عبر الممر الدولي، نظراً للاحتياج المتزايد للنفط لديها وعلى مستوى العالم، جراء الحرب الروسية الأوكرانية، والعقوبات التي تحاول دول الناتو فرضها على روسيا، وهو ما يعني أن الوضع الإنساني في اليمن ليس سوى ذريعة لضمان ذلك الاستقرار الذي تطمح إليه الدول الغربية لتأمين تدفق النفط إليها، من منطقتي الخليج واليمن.
واعتبر الاتحاد الأوروبي في بيانه أن تعزيز السلام والاستقرار، بما في ذلك الأمن البحري، وتهدئة التوترات في منطقة الخليج على نطاق أوسع يمثل أولوية للاتحاد الأوروبي. كما يؤكد الاتحاد تطلعه إلى الانخراط في حوار متعمق والتنسيق مع الفاعلين الإقليميين من أجل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين.
واقتصر اهتمام الاتحاد الأوروبي بالوضع الإنساني في اليمن على دعوته إلى الاستجابة للضرورة الإنسانية المتمثلة في دعم الشعب اليمني، حيث قال إن الاستجابة الدولية تظل إلى حد كبير بدون المستوى المطلوب من التمويل، بما في ذلك تقديم الإغاثة الإنسانية ودعم التنمية في اليمن، مبدياً التزامه بـ “رفع المساعدات التنموية بما يتماشى مع عملية السلام والإسهام بشكل أكبر في إعادة بناء الاقتصاد اليمني عند التوصل إلى حل سياسي دائم للنزاع”.
وفيما لم يتطرق الاتحاد الأوروبي في بيانه إلى العقدة التي وضعها التحالف والحكومة الموالية له في المنشار، وكانت هي حجر العثرة الرئيسية أمام التوقيع على اتفاق تمديد الهدنة، وهي المتمثلة بمطلب صنعاء صرف رواتب كافة الموظفين اليمنيين ومعاشات المتقاعدين، من عائدات النفط اليمني، فقد تضمن البيان تجديد الاتحاد الأوروبي إدانته للهجمات التي استهدفت من خلالها قوات صنعاء منع تصدير النفط اليمني، بدءاً بالهجوم على ميناء الضبة في 21 أكتوبر، داعياً صنعاء إلى الالتفات لدعوة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الهدوء وضبط النفس، بينما تستمر المفاوضات حول تجديد وتمديد الهدنة”.
وفي البيان، عبر الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء الوضع الإنساني الكارثي في اليمن، حيث أكثر من 70% من السكان يحتاجون للمساعدات الإنسانية، بينما يواجه أكثر من نصف السكان انعداماً حاداً للأمن الغذائي، بدون أن يشير إلى الآثار المدمرة للحصار الذي تفرضه دول التحالف والحكومة الموالية لها على أكثر من ثلثي السكان، والمتركزين في مناطق سيطرة قوات صنعاء.
يدعو الاتحاد الأوروبي الأطراف إلى ضمان الوصول الكامل الآمن بدون عوائق للإمدادات الإنسانية والعاملين الإنسانيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي والمبادئ الدولية، بدون أي تمييز إلى جميع المحتاجين، بمن فيهم ذوو الإعاقات في كل المحافظات المتضررة. ويدعو الاتحاد الأوروبي إلى الإزالة الفورية للعوائق الإدارية والبيروقراطية الكبيرة في جميع أنحاء البلاد، والتي تعيق الوصول الإنساني والأنشطة التنموية.
وتتواصل تعقيدات الوضع الاقتصادي في اليمن تبعاً لتعقيدات الأزمة في البلاد، وخاصة في ظل تعثر تجديد الهدنة الإنسانية التي رعتها الأمم المتحدة لثلاث فترات على التوالي، بدءاً من 2 أبريل الماضي، وانتهاء بـ 2 أكتوبر، وفي غضون ذلك يراوح الموقف الأممي مكانه، بدون السعي لتجاوز العقبات التي حالت دون التوقيع على اتفاق الهدنة التي كان قد أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن غروندبيرغ أنها ستكون هدنة موسعة، تشمل رفع الحظر عن الموانئ والمطارات ودفع رواتب موظفي الدولة المنقطعة منذ سبتمبر 2016، جراء نقل وظائف وعمليات البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، رغم تعهد السلطة الموالية للتحالف في حينه بتسليم الرواتب لكافة الموظفين اليمنيين، تبعاً لما يقتضيه نقل البنك من مسئولية عن تولي كافة المدفوعات للدولة وعلى رأسها الرواتب.