يمن ايكو
تقارير

📃 حتى في ظل الهدنة.. الحظر التجاري لميناء الحديدة يفاقم أزمة الشحن والتأمين البحري

تقرير- يمن إيكو

لم يكن الإغلاق التام لميناء الحديدة من قبل التحالف والحكومة الموالية له، في وجه كامل الشحنات التجارية المتجهة للأسواق اليمنية، يستهدف قطع الواردات عن ثلاثين مليون يمني فحسب، بل كان إجراءً مقصوداً لإلحاق الضرر الكبير بالقطاع التجاري الذي يُعدُّ من أهم المقومات الاقتصادية والمعيشية لليمنيين، بما يوفره من كثرة كاثرة من فرص العمل.

اليوم، ومع اقتراب الهدنة- بفترتها الثالثة- على الانتهاء، لم يلمس القطاع التجاري اليمني الواسع أي تحسن على صعيد خفض تكاليف الشحن والتأمين البحري، وغرامات التأخير والتعنت والرسوم الجمركية المرتفعة 100% في ميناء عدن والمكلا، وغيرهما من الموانئ الواقعة تحت سيطرة التحالف، فالحظر التجاري لميناء الحديدة ظل قائماً حتى في زمن الهدنة.

تحويل مسار الشحنات التجارية من البضائع والسلع المختلفة، لم يعكس نفسه سلباً على تكاليف الشحن والتأمين البحري (النقل البحري)، بل تجاوز ذلك إلى تكاليف النقل الداخلي البري من موانئ عدن وحضرموت، حيث أثر ارتفاع تكاليف نقل المواد الخام من عدن إلى مصانعها في مناطق حكومة صنعاء؛ سلباً على كلفة المنتج اليمني لصالح منتجات دول التحالف.

رئيس الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة، حسن الكبوس، قال في مداخلة له عبر الزوم من ألمانيا لمنتدى الاستثمار الذي عقد دورته الأولى في صنعاء يوم الأربعاء الـ14 من سبتمبر الجاري: “في المصنع العربي المواد الخام رخيصة جداً، ونقلها أرخص، أما في اليمن فالنقل من عدن إلى صنعاء زاد بنحو ثلاثة ملايين ريال، وعندما تضع هذا المبلغ فوق تكلفة المنتج اليمني، تجده لا يقوى على منافسة أي منتج عالمي في الأسواق اليمنية، فكيف سينافس أي منتج في الأسواق المجاورة التي تريد أن تصدر إليها”.

وتكررت شكاوى التجار في ميناء عدن من المعاملات المعقدة التي ترافق معها ارتفاع رسوم الشحن البحري وتكاليف التأمين، بسبب طول المسافة البحرية المجبرون على عبورها بعد إغلاق ميناء الحديدة في وجه شحناتهم التجارية، وتحويل مسارها إلى ميناء عدن.

وأكد التجار أن رفع موانئ عدن للرسوم الجمركية 100%، وتأخر تفريغ السلع والبضائع وما يترتب عليه من كلفة باهظة، والجبايات المتعددة على الطرقات خارج الميناء، أدى إلى مسار تصاعدي جبري لكلفة الإنتاج، وتبعاً لذلك لأسعار المنتجات المحلية والمستوردة، ما ضاعف معاناة المواطنين في كل المحافظات.

ذلك يعني أن المشكلة الأكثر تعقيداً من المسلك البحري الطويل والمكلف، تبدأ من تردي كفاءة ميناء عدن الحالية، وتمر بسلسلة طويلة من المعاملات الرتيبة، وقد لا تنتهي بتعدد الجبايات في نقاط الأحزمة الأمنية، فالطرق الوعرة والملتوية في جبال الضالع وتعز ولحج تنتظرها، فيما العبور خلالها يعد مخاطرة قليلة الاحتمالات بالنجاة.

وفيما سمحت بنود الهدنة بفتراتها الثلاث التي بدأت في الـ2 من إبريل الماضي، وتنتهي في 2 أكتوبر الذي لا يفصلنا عنه سوى أيام، بدخول سفن معدودة من المشتقات النفطية بعد احتجاز في البحر.. ظل استمرار حظر الشحنات التجارية من البضائع والسلع المختلفة عن ميناء الحديدة، وتحويل مسارها إلى موانئ يمنية أخرى سبباً في تفاقم أزمة ارتفاع رسوم الشحن والتأمين البحري، وكذلك النقل البري الداخلي.

مشكلات التأمين البحري التي أفرزها قرار الحكومة المعترف بها دولياً بشأن تغيير وجهة الشحن التجاري من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن في نوفمبر 2017م وتزامن معه تعدد نقاط التفتيش البحري قبل مرور السفن التجارية إلى الموانئ اليمنية.

ومع ارتفاع أقساط التأمين البحري وتداعياته على الاستيراد من الخارج، أحجمت عدد من شركات الشحن والتأمين عن النقل البحري، وقلص كثير من التجار أنشطتهم الموصولة بالاستيراد، ما فاقم أزمة نقص المخزون الغذائي واختلال ميزان العرض والطلب في الأسواق اليمنية، خصوصاً وميناء الحديدة بمفرده كان يغطي 80% من احتياجات سكان اليمن، بينما لا تغطي الموانئ اليمنية الأخرى مجتمعةً- بما فيها ميناء عدن- سوى 20% من الاحتياجات المحلية.

وتقول التقارير الدولية: إن تكاليف الاكتتاب (أي تحمُّل المؤسسة المخاطر المالية مقابل الرسوم) من قبل شركات التأمين ارتفعت بعد اندلاع الحرب، مما ضاعف أجور الشحن التجاري إلى اليمن، وتسبب في ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية إلى مستويات تفوق القدرة الشرائية للمواطنين.

وتعمل الأمم المتحدة- وفقا لتلك التقارير- على إجراءات تخفف أعباء التأمين البحري مثل إنشاء صندوق ضمانة تحت إشرافها يخفض أقساط التأمين على الاستيراد لليمن، بالاتفاق مع شركات تأمين، لكن بدون تحديد الوقت الممكن لتنفيذ ذلك.

لكن الأخطر من ذلك هو أن القطاع التجاري يواجه معضلات فنية وملاحية في موانئ عدن وحضرموت، ناتجة عن التراجع الكبير في قدرات تلك الموانئ التجارية وخدماتها الملاحية، ما دفع بالحكومة المعترف بها دولياً إلى اللجوء لاستخدام المنح المالية والمشاريع الممولة أممياً في رفع كفاءة النقل البحري، وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة، مثل تحديث منظومة مراقبة حركة السفن بميناء عدن، وإنشاء رافعتين لميناء المكلا، لكن ذلك لم يُجدِ فمشكلات النقل البحري ما زالت مستمرة بدون حل جذري لها سوى هدر الأموال والمنح في نفقات لا تتصل بقضايا التحديث الرئيسة.

وحذر مراقبون في أكثر من مقام، من ضياع المنح الدولية المخصصة لتطوير الموانئ، والتي كان آخرها هذا الأسبوع الذي شهد إعلان طوكيو عن تقديم دعم بمبلغ 3.3 مليون دولار لمشروع تحسين كفاءة ميناء عدن عبر برنامج UNDP الأممي، بهدف تسريع نقل البضائع، فيما كان خبراء بميناء روتردام الهولندي قدموا تقييماً سابقاً، أكدوا عبره احتياج تلك الموانئ لنحو 50 مليون دولار لرفع قدراتها.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً