تقرير خاص- يمن إيكو
مع اقتراب لحظة البدء في إعادة تشغيل القطاع النفطي رقم (5) تتجه مؤشرات خلاف شركاء نهب النفط الخام إلى الاحتدام، وربما المواجهات المسلحة، التي بدأت بوادرها بتواتر الأحداث التي كان آخرها الاعتداء على أنبوب نقل النفط الخام في منطقة جول الريدة بمديرية ميفعة، مساء أمس، من قبل مجاميع مسلحة مجهولة.. حسب مصادر محلية بشبوة.
تزامن الحدث- الذي تضاربت الأنباء حول طبيعته ونتائجه- مع إعلان وزارة النفط في الحكومة المعترف بها دولياً، بدء الترتيبات لاستئناف تشغيل القطاع، جعل الناشطين يرجعونه للسخط الشعبي والقبلي في المحافظة، والرفض التام لما أسماه الموقعون على عريضة احتجاج- قبل أيام- بالوصاية على موارد المحافظة النفطية من قبل شركتي: “بترومسيلة” و”صافر”. مطالبين بتأسيس شركة نفطية خاصة بالمحافظة أسوةً بشركتي “بترومسيلة” و”صافر”.
قضية النزاع على القطاع رقم (5) في محافظة شبوة، لم تعد مقصورة على الرفض الشعبي والقبلي لتحركات وزارة النفط التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، والشركات الأجنبية بلباسها الوطني، فحسب، بل أصبح الصراع محتدماً بين شركاء نهب النفط الخام المحسوبين جميعهم على التحالف، ومن ورائها أمريكا التي تستحوذ عبر شركاتها على معظم منابع النفط والغاز.
الصراع القائم بين الشركاء لم يعد خفياً، فقد كشفه بيان لموظفي وعمال وكوادر شركة الاستثمارات النفطية والمعدنية والقطاعات والشركات التابعة لها، صدر أمس الأربعاء، منتقداً وبلهجة شديدة التدخل السافر وغير القانوني في مهام الشركة في القطاع 5 من قبل شركة بترومسيلة، التي تسعى علناً للاستحواذ على حصص بعض الشركاء في القطاع 5 بعرض مبالغ خيالية للتنازل عن حصصهم لصالحه، دون علم أو موافقة الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية.. مؤكداً أن هذه المساعي تتنافى مع مهام شركة بترو مسيلة التي اقتصر دورها في الاتفاق على عملية التشغيل فقط، وبدون أي نصيب للمشاركة في حصة المقاول.
وفي ما يشبه الاعتراف الضمني باحتدام الخلاف بين شركاء نهب عائدات النفط الخام اليمني، وإيداعها في أرصدة وحسابات خارجية، اتهم البيان بترومسيلة بمحاولة إفشال شركة وايكوم التابعة لشركة الاستثمارات النفطية، وعدد من الشركاء الدوليين كتوتال الفرنسية وإكسون الأمريكية.. موضحاً أن شركة بترومسيلة تورطت في مفاوضات مشبوهة مع شركة إكسون الأمريكية لتغيير اسمها من إكسون إلى نور يمن، ومن ثم إعلان بترومسيلة الاستحواذ على هذه الحصة بدون عرضها على شركاء القطاع 5 وممثل الدولة فيه (وايكوم).
وقال البيان: “إن شركة بترومسيلة فاقدة الأهلية القانونية في تشغيل قطاع 5، وقد فشلت في تنفيذ التزاماتها المنصوص عليها في اتفاقية التشغيل”.. مؤكداً أنه تم إنشاء خط أنبوب بطول 82 كيلو متراً يربط بين قطاعي 4-5 التي تملك وايكوم حقوق الامتياز فيهما، ومع ذلك تم تسليم تشغيل هذا الأنبوب لشركة بترومسيلة التي فشلت في إدارته وتشغيله في الوقت الحالي.
وأيّاً كانت الاتهامات المتبادلة بين شركاء نهب النفط الخام اليمني، فإن من الواضح أن سنوات التفريط بالسيادة اليمنية على منابع النفط في مختلف القطاعات، قد فتح الباب واسعاً أمام الشركات الأجنبية للتنصل عن التزاماتها تجاه المجتمعات المحلية والبيئة المحيطة بمشاريعها الاستثمارية الإنتاجية للنفط الخام، وما ترتب على ذلك من تلوث بيئي ألحق أضراراً بالغة بالأراضي الزراعية والمجتمع المحلي، ناهيك عن تركيز تلك الشركات على كل ما يخدم مصالحها ويدعم مراكزها المالية، متنصلة عن القيام بأعمال توسعة وتطوير الحقول مقابل ما حصلت عليه من امتيازات.. حسب الباحث الاقتصادي عبد الغني جغمان.
وأضاف جغمان في معرض حديثه عن فساد الشركات وظروف التفريط بالسيادة وغياب أي من مظاهر الرقابة: ما حصل في الأشهر الماضية أن هذه الشركات وجدت الفرصة للتهرب من هذه الالتزامات، وساعدها في ذلك شِلل الفساد في قيادة الحكومة المعترف بها دولياً ووزارة النفط التابعة لها، في قطاع 5 بشبوة، وهو الحقل الذي يصل الإنتاج فيه إلى ثلاثين ألف برميل يومياً، حيث قامت الشركات الأجنبية بعرض حصصها للبيع بدولار واحد، بل إنها أبدت استعدادها لدفع خمسة ملايين دولار لمن يقبل بتوقيع عقد معه لبيع حصتها.
السؤال الأهم في احتمال النزاع والمواجهات بين الأطراف الموالية للتحالف، والتي لها المصالح المالية غير المشروعة في تلك الشركات ذات اللباس المحلي الخادم للشركات الأجنبية، أين سيكون التحالف..؟ .. للإجابة على ذلك السؤال يجب النظر إلى المعادلات القائمة في مشهد الصراع الذي جرى في العراق ببصمات أمريكية، فدول التحالف التي تُعدُّ أدوات لأمريكا ستجد نفسها خارج الحسبة، والأطراف المحلية تتصارع خارج منابع النفط، بينما الشركات الأجنبية تمارس أعمالها الإنتاجية خارج ضجيج الصراعات بين الأطراف التابعة للتحالف.