تقرير خاص-يمن ايكو
بعد قرابة شهرين من غموض لم يُبِن عن حقيقة مماطلة السعودية والإمارات في وضع وديعة مالية لحساب بنك مركزي عدن في بنوك الخليج، اعترفت اليوم الأربعاء حكومة هادي بتلكؤ الرياض وأبو ظبي بشأن الوديعة، مؤكدة أن شروطاً جديدة سعودية إماراتية فرضت على الوديعة، ما يشير إلى أن النقاشات مع دول الخليج- التي أعلن عنها رئيس حكومة هادي في 28 ديسمبر الماضي- حول وديعة مالية لدعم اقتصاد البلاد، وصلت إلى طريق مسدود.
وقال رئيس الحكومة معين عبد الملك في تصريحات صحافية أن هناك شروطاً سعودية وإماراتية على الوديعة المالية يتم النقاش حولها مع حكومته، مشيراً إلى أن الوديعة لن تتأخر إذا التزمت الحكومة بالشروط، التي تجاهل ذكرها، ما يشير إلى أنها تتعلق بقضايا خلافية لا تريد الحكومة الإفصاح عنها، غير أن واقع ومجريات الأحداث في محافظة المهرة قد أبانت عنها من خلال توسع الاحتجاجات الشعبية الرافضة لمحاولات السعودية فرض سلطة الأمر الواقع كقوة وجود استعمارية جديدة في المحافظة.
وصعد الشيخ المناهض للوجود الأجنبي في المهرة علي الحريزي- رئيس لجنة الاعتصام السلمي بالمحافظة- من مواقفه الرافضة لسياسات السعودية والإمارات في المحافظات الشرقية، وفي مقدمتها المهرة، واصفاً تلك الممارسات بـ “الأجندة الخارجية التي تريد الهيمنة على اليمن”، لافتاً إلى أن السعودية لا تريد تمرير أنبوب النفط في المهرة عبر اتفاقية رسمية مع الدولة، في حال وجدت الدولة، بل تريد فرض أمر واقع.. مؤكداً عدم التراجع عن أهداف الحراك الشعبي ومطالبه المشروعة حتى رحيل كافة القوات الأجنبية من الأراضي اليمنية.
وكان الدولار قد تراجع- عقب تعيين قيادة جديدة لبنك مركزي عدن في السادس من ديسمبر الماضي- من سقفه 1750 ريالاً للدولار إلى أقل من 800 ريال، مقترباً من قيمته في صنعاء (600 ريال) مقابل الدولار الواحد، غير أن ذلك التعافي لم يكن ناتجاً عن معالجات عميقة، وفق المراقبين الذين أكدوا أن ذلك التحسن مجرد انعكاس لصخب إعلامي عن وديعة سعودية أو إماراتية ضخمة، مرتقب إيداعها لحساب البنك، غير مستدلين على ذلك بأن تأخر وصولها لأسباب غير معروفة، أفضى إلى انهيار جديد في قيمة العملة، حيث صعد الدولار بشكل متسارع من 800 ريال إلى 1200 ريال، ثم التذبذب بين 1000-1200 ريال خلال الأسابيع الماضية.
مماطلة أو تراجع السعودية والإمارات عن وعود الوديعة مؤشرات مؤامرة واضحة تستهدف الاقتصاد اليمني والعملة بصفة رئيسة، عبر ما يعرف بحيلة “الحصان والجزرة”، حيث تحفيز الحكومة على السير وفق سياسات اقتصادية ونقدية خاطئة، لتصل إلى الوديعة، لكن الحكومة لا تصل، بل تصل السعودية والإمارات إلى تحقيق أهدافهما الاستعمارية في عموم مناطق سيطرتهما، كقوتين استعماريتين تتقاسمان موارد اليمن بحُجة إنقاذ اقتصادها المنهك تحت ضربات التحالف.
وكان مراقبون قد حذروا في بدء التعافي الذي حدث للريال، من أن استنزاف الكتل الدولارية المتبقية لدى بنك مركزي عدن، قد تفضي إلى انهيار جديد، يوصل قيمة الريال إلى قاع ما بعد حاجز الـ2000 ريال يمني للدولار، لافتين إلى أن تشجيع رباعية الحرب (أمريكا بريطانيا السعودية الإمارات) قيادة البنك الجديدة على السير في إصلاحات سطحية وظاهرية على أمل وصول الوديعة السعودية أو الإماراتية وكذلك وعود الدعم الدولي، كان هدفه المنظور توجيه ضربة قاضية للريال اليمني، لا تسطيع بعدها الحكومة الفكاك من تداعياتها الاقتصادية إلا بتنازلات سيادية جديدة على الأرض رغم الاحتجاجات الشعبية، إلى جانب السيطرة المطلقة على القرار السياسي للحكومة المقيمة في الرياض.
مسؤول رفيع ببنك مركزي عدن أكد، الشهر الماضي، أن ما تبقى من الوديعة السعودية لا يزيد على 100 مليون دولار، لا يمكن استخدامها إلا بعد الحصول على إذن مسبق من الحكومة السعودية لإنفاقها.. غير أن الأهم في هذا المقام الإشارة إلى ما انتهجه البنك من سياسات خاطئة ارتكزت في مجملها على المزادات العلنية لبيع الكتل الدولارية، حيث تؤكد الإحصاءات أن البنك باع حتى اليوم في 12 مزاداً علنياً بقيمة 167 ملياراً و982 مليون ريال و414 ألف ريال.