تقرير خاص-يمن ايكو
للعام الثاني على التوالي، تقصر السعودية أداء مناسك الحج على عدد محدود من المواطنين والمقيمين داخل البلاد، عوضاً عن العدد الكبير من الحجاج الذين كانت تستقبلهم المشاعر المقدسة كل عام، والمقدر عددهم بـ 2.5 مليون حاج، من جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذي تترتب عليه خسائر للاقتصاد السعودي قُدرت بأكثر من 12 مليار دولار سنوياً، بحسب تقارير.
جهات عاملة في قطاع السياحة والسفر في المملكة، أكدت لوسائل إعلام أن الخسائر الناجمة عن قرار تحديد عدد الحجاج واقتصارهم على مواطنين ومقيمين داخل البلاد، قد تفوق ذلك الرقم، وهو ما سينعكس بشكل سلبي على شركات السياحة والسفر، والتي تمثل أولى الضحايا، يضاف إليها مشاريع الإسكان والنقل والمطاعم وخدمات الحجاج المختلفة.
ذهبت السلطات السعودية هذا العام إلى إتاحة التسجيل للراغبين في أداء مناسك الحج من المواطنين والمقيمين داخل المملكة فقط، بإجمالي 60 ألف حاج، حيث جاء قرار منع أو قصر الحج على عدد محدد من داخل السعودية، والذي تبرره السلطات بمواجهة التحديات الصحية التي فرضها تفشي جائحة كورونا، مخيباً لآمال مئات الآلاف من المسلمين على اختلاف جنسياتهم والدول التي يقيمون فيها.
وجاء القرار السعودي، بحسب ما أعلنته السلطات المعنية، بهدف الحفاظ على الحالة الصحية للحجاج ومنع تفشي فيروس كورونا بينهم، رغم حصول عدد من المسلمين على اللقاحات المضادة للفيروس، وهو ما لاقى إشادة من عدد من الدول الخليجية.
وقالت وزارة الحج إنه سيُسمح لحوالي 60 ألف شخص فقط بتأدية مناسك الحج هذا العام، وستتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً، وجميعهم تلقوا التطعيم، وستكون الأولوية لمن لم يحج سابقاً.
واقتصر عدد الحجاج العام الماضي 2020 على نحو 10 آلاف من داخل السعودية فحسب، مقارنة بنحو 2.5 مليون حاج في 2019 من كل أرجاء العالم.
وأمام القرار السعودي الجديد لقصر الحج على المواطنين والمقيمين تتوقع شركات السياحة السعودية أن تصل خسائرها إلى الملايين، خاصة أن إيرادات الحج والعمرة كانت تبلغ حوالي 12 مليار دولار سنوياً.
ويمثل اقتصار الحج على المواطنين والمقيمين تحدياً أمام تطبيق مشروع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “رؤية 2030″، التي تشمل تطوير السياحة الدينية التي تدر مليارات الدولارات، حيث كانت الخطة هي استقبال ستة ملايين حاج و30 مليون معتمر بحلول 2030، لتتجاوز عائداتها المتوقعة 50 مليار ريال سنوياً مع تحقيق أهداف الرؤية.
وسيحرم إلغاء استقبال حجاج الخارج المملكة من عائدات كبيرة، حيث يبلغ متوسط إنفاق الحاج في الداخل 7 آلاف ريال سعودي (1866 دولاراً)، فيما يبلغ إجمالي تكلفة الحج بالنسبة للشخص الواحد من حجاج الخارج بين 4 و5 آلاف دولار في المتوسط.
وسيفقد قرار اقتصار الحج على المواطنين والمقيمين الخزينة السعودية قيمة استصدار التأشيرة، التي تبلغ 300 إلى 500 ريال سعودي (80-135 دولاراً).
وأظهرت دراسة لمركز “السجيني” للاستشارات الاقتصادية والإدارية أن 40% من إنفاق الحجاج يذهب إلى السكن وأماكن الإقامة، التي تمثل عدة شرائح ومستويات متباينة، فيما يذهب 31% لصالح النقل والمواصلات، أما الهدايا فتبلغ نسبة الإنفاق عليها 14% من إجمالي الإنفاق، يليها الغذاء بنسبة 10%، في حين يتذيل القائمة بقية أوجه الإنفاق الأخرى التي تمثل 5% من الإجمالي.
وينعش حجيج الخارج قطاعات عدة أبرزها تجارة اللحوم (ذبح الهدي)، والمواصلات، والمطاعم، وغيرها من المجالات التي تدر إيرادات كبرى للبلاد، كما يسهم هؤلاء الحجاج في رفع الطلب على الريال السعودي بقوة في مختلف بلدان العالم؛ وهو ما سيفقده العام الجاري.
وسيتسبب غياب حجاج الخارج في خسارة 200 ألف فرصة عمل وفق تقديرات غير رسمية، تشمل قطاع الخدمات مثل مرافقة الحجاج، وحراسة المخيمات، وقيادة المركبات، وأعمال النظافة، وكذلك قطاعات النقل، والضيافة، والتغذية، والتجارة، والتسويق.
ووفق تصريحات صحافية لعضو لجنة الحج في الغرفة التجارية والصناعية بمكة المكرمة، محمد سعد القرشي، فإن العوائد المالية لـ 300 شركة نقل داخل مكة فقط تعمل في نقل الحجيج وصلت إلى 900 مليون ريال (ما يعادل 240 مليون دولار) خلال موسم حج 2019، قبل تفشي الجائحة.
وسبق أن أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن موسم الحج، الذي ينظم كل عام ويستمر خمسة أيام، والذي توافق بدايته هذا العام أواخر يوليو المقبل، يمثل مصدراً لهيبة السعودية على الصعيدين السياسي والديني، علاوة على أنه يساعدها في جني إيرادات سنوية تقدر بنحو 8 مليارات دولار.