يمن إيكو/ وكالات
“تصاعد القلق الأوروبي الأمريكي من الصعود المتنامي للصين على المستوى الاقتصادي”، حقيقة أكدتها مباحثات قمة الدول السبع الصناعية التي اختتمت أعمالها اليوم الأحد، والتي بدا التأثير الأمريكي فيها واضحا، حيث حضرت الاستراتيجية التي حددها الرئيس الأمريكي جو بايدن، منذ دخوله إلى البيت الأبيض، لما أسماه “احتواء التمدد التجاري والاقتصادي للصين، ووقف مشاريعها التوسعية في العالم”، وهي الاستراتيجية التي تقوم على بناء تحالف “الديمقراطيات الرأسمالية” ضد بكين، حيث كانت هذه القمة قد اعتُبرت أول اختبار حقيقي لمدى نجاح بايدن في تنفيذ هذه الاستراتيجية.
ومثّلت مواجهة التمدد الاقتصادي الصيني، المحور الذي استأثر بالنقاش خلال اليوم الثاني من القمة، بحسب ما كشف عنه تصريح مسؤول كبير بإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بأن مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ستعلن عن مشروع جديد يخص البنية التحتية العالمية، رداً على مبادرة الحزام والطريق الصينية. مضيفاً: “هي مبادرة بنية تحتية عالمية جديدة طموح مع شركائنا في مجموعة السبع، لن تكون مجرد بديل وحسب عن مبادرة الحزام والطريق”.
ورغم تعدد القضايا التي تمحورت حولها المباحثات في القمة، التي انطلقت أعمالها الجمعة، واختتمت اليوم الأحد، في مقاطعة كوروال البريطانية، وما تخللها من تجاذبات وانقسام، مبعثها الخلافات التي برزت بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في فترة ما بعد “البريكست”، إلا أن مدى التأثير الأمريكي بدا واضحاً في مخرجات القمة التي عبر عنها البيان الختامي، وذلك من خلال الانتقادات التي وجهها للصين.
وبحسب ما نقلته وكالات أنباء أجنبية، فإن الرئيس الأميركي، جو بايدن، قدم مقترحاً لتخصيص 40 تريليون دولار من دول مجموعة السبع الصناعية، لمشاريع بنى تحتية في الدول الفقيرة والناشئة لمواجهة مبادرة الحزام والطريق.
وقال بايدن، على هامش قمة مجموعة السبع في لندن: “لقد تعهدت الدول السبع في هذه القمة بالمساهمة في تغطية المشاريع الضرورية للبنى التحتية للبلدان الناشئة والفقيرة، والتي تصل تكلفتها إلى أكثر من 40 تريليون دولار”.
وأضاف الرئيس الأميركي: “لقد اقترحت خطة اقتصادية نواجه بها الخطط الصينية لطرق الحرير، والخطط التي نضعها ستكون أكثر شفافية وفاعلية لأربعة محاور هي: الصحة، والمناخ، والتكنولوجيا الرقمية والمساواة بين الجنسين”.
وكانت وكالة رويترز أكدت أن المسودة النهائية تقريباً للبيان الختامي لقمة الـ G7 تنص على دعوة الصين إلى “احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية” في منطقة سنجان ذاتية الحكم التي تقطن فيها أقلية الأويغور، بالإضافة إلى الحقوق والحريات والدرجة العالية من الحكم الذاتي الممنوحة إلى هونغ كونغ بموجب الإعلان الصيني-البريطاني المشترك والقانون الأساسي المحلي.
كما شددت مجموعة السبع في مسودة البيان، حسب الوكالة، على أهمية ضمان السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وشجعت على التسوية السلمية لجميع المسائل العابرة لهذا المضيق.
وأشارت الوكالة إلى أن دول G7 أعربت، في مسودة البيان أيضاً، عن قلقها البالغ المستمر إزاء الوضع في بحري الصين الشرقي والجنوبي، مبدية معارضتها الحاسمة لأي خطوات أحادية الجانب رامية إلى تغيير الوضع القائم وزيادة التوترات هناك.
كما دعت السباعية، في مسودة البيان، إلى إجراء المرحلة الثانية من الدراسة التي تجريها منظمة الصحة الدولية بهدف معرفة منشأ كورونا “في الوقت المناسب وبشكل شفاف واستناداً إلى القاعدة العلمية”، مشيرة إلى ضرورة أن يشمل هذا التحقيق الصين، حسب توصيات الخبراء.
وسبق أن نقلت “رويترز” عن مصدر دبلوماسي قوله إن بعض الخلافات برزت بين دول المجموعة خلال تنسيق البند المتعلق بالصين في البيان الختامي، حيث أصرت اليابان على اتخاذ موقف أشد صرامة إزاء الصين.
من جهتها، وكردٍ على ما تمحورت حوله مباحثات قمة الـ G7 بخصوص التمدد الاقتصادي الصيني، ومواجهة مبادرة “الحزام والطريق”، حذرت الصين، اليوم الأحد، زعماء مجموعة السبع من أن الأيام التي كانت تقرر فيها مجموعات “صغيرة” من الدول مصير العالم قد ولّت منذ فترة طويلة، في هجوم على أغنى ديمقراطيات في العالم بعدما سعت لاتخاذ موقف موحد إزاء بكين.
وبحسب “رويترز” قال متحدث باسم السفارة الصينية في لندن “لقد ولّت الأيام التي كانت تملي فيها مجموعة صغيرة من الدول القرارات العالمية”.
وأضاف: “نعتقد دائماً أن الدول، كبيرة كانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، فقيرة أم غنية، متساوية، وأنه يجب معالجة الشؤون العالمية من خلال التشاور بين كل الدول”.
تأتي أهمية مبادرة الحزام والطريق الصينية، باعتبارها مشروعاً منفتح الآفاق للبنية التحتية في العالم، تقدَّر تكلفته بتريليونات الدولارات، ويتضمَّن مبادرات تنموية واستثمارات، تستهدف الدول النامية في مختلف أرجاء العالم، ترى فيه القوى العظمى أداة لتوسع النفوذ الصيني، وتعتبره الولايات المتحدة وبعض شركائها الأوروبيين، وسيلة لبسط نفوذ بكين، على الصعيدين السياسي والاقتصادي في العالم.
ما زاد مخاوف أمريكا وحلفائها، هو توقيع أكثر من 100 دولة اتفاقات وشراكات استراتيجية مع الصين، ومشاريع ضخمة مثل مد خطوط سكك حديدية، وإقامة موانئ وطرق سريعة، وغيرها من مشروعات البنى التحتية، بينما تشير قاعدة بيانات “ريفينيتيف”، إلى أنه حتى منتصف العام الماضي، كان هناك أكثر من 2600 مشروع مرتبط بالمبادرة، بـ 3.7 تريليون دولار، رغم تأثُّر نحو 20% من المشروعات بجائحة كورونا، بحسب بيان الخارجية الصينية.