موجة عارمة من الضجيج الإعلامي، صاحبت تراجع فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، عن الاتهامات التي وجهها إلى البنك المركزي في عدن، والتي تضمنت انخراط البنك في عمليات فساد وغسل أموال، نتج عنها ذهاب 423 مليون دولار لصالح تجار وشركات تجارية لها ارتباطات بنافذين في الحكومة المدعومة من التحالف.
ورغم تأكيد الفريق الأممي في رسالته إلى مجلس الأمن الدولي أواخر مارس الماضي، والتي تضمنت إسقاط الاتهامات عن البنك المركزي بعدن والحكومة المدعومة من التحالف، على أن ذلك يأتي بعد الأخذ بعين الاعتبار تأثير تلك الاتهامات “على الاقتصاد والأمن الغذائي لليمنيين، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويقوض أمن البلد واستقراره عموماً”، إلا أن الحكومة المدعومة من التحالف، سوقت الأمر على أنه انتصار ضد الفريق الأممي، الذي أقيل أبرز أعضائه “المنسق المالي، التونسي مراد بالي”.
وكان تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي، اتهم في تقريره الصادر في 19 يناير الماضي، الحكومة المدعومة من التحالف، بـالانخراط في ممارسات تبييض أموال وفساد، قال إنها “أثرت سلباً في حصول اليمنيين على الإمدادات الكافية من الغذاء”.
واتهم الفريق الأممي في تقريره البنك بـ “تسهيل عمليات غسل أموال” بالتعاون مع “نافذين في الحكومة” لم يسمهم، الأمر الذي “أثر سلباً على وصول الإمدادات الغذائية الكافية”.
مشيراً إلى أن البنك المركزي اليمني بعدن، قام بشكل “غير قانوني” بتحويل 423 مليون دولار إلى رجال أعمال من وديعة سعودية بلغت قيمتها ملياري دولار، كانت تهدف إلى استقرار العملة اليمنية، واستيراد عدد من المواد الغذائية الأساسية.
وبعد أيام من تراجع الفريق التابع للأمم المتحدة عن تهم الفساد وغسل الأموال التي وجهت له علق البنك المركزي بعدن، على الخطوة قائلاً بأنها منطقية لـ “عدم وجود أدلة تثبت ذلك”.
وقال أحمد بافقيه، مدير المركز الإعلامي والثقافة المصرفية بالبنك المركزي اليمني بعدن، خلال حديث لموقع “اندبندنت عربية”، إن “البنك عمل طوال الأشهر الثلاثة الماضية بصمت للرد على التهم التي طاولت النظام المصرفي”، ابتداءً من رفض ما ورد في التقرير وقيامه بتفنيده من خلال الاجتماعات الافتراضية مع فريق الخبراء.
وأضاف، “قدمنا ردوداً مكتوبة تم إرسالها على ثلاث جولات مختلفة، وقدمنا الأدلة والبراهين من خلالها على سلامة إجراءاتنا”.. بدون الإفصاح عن فحوى هذه الأدلة والبراهين.
وأثار تقرير الخبراء الصادر في يناير الماضي موجة من السخط في الأوساط السياسية والشعبية في البلاد، إزاء الفساد الحكومي الذي كشفه التقرير، كما كان سبباً في تراجع ثقة المانحين بالمؤسسة المالية الرسمية التي تعاني كثيراً من المشاكل الإدارية المتعلقة بمعايير الشفافية والنزاهة، وتثار ضدها العديد من تهم الفساد على المستوى المحلي.
كما واجهت الحكومة المزيد من النقد لأدائها في الملف الإنمائي والاقتصادي، واتهامها من قبل قطاع واسع في الداخل اليمني ومراقبين اقتصاديين بعدم حزمها في ملفات الفساد والإثراء غير المشروع والمحاباة، ما فاقم الصعوبات المعيشية للمواطنين وأسهم في انهيار الاقتصاد، في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ على مستوى العالم، بحسب تصنيف الأمم المتحدة.
وبعد محادثات غير معلن عنها، ترددت حولها معلومات عن تدخلات من قبل جهات إقليمية، بهدف الضغط على الفريق الأممي لإجراء تعديلات على تقريره الذي يدين الحكومة المدعومة من التحالف، أجرت الأمانة العامة للأمم المتحدة تعديلاً على التقرير، بعد أن طلب الفريق عبر رسالة إلى لجنة العقوبات “اتخاذ الخطوات اللازمة لتحديث النص النهائي المقدم إلى مجلس الأمن”، بعد الأخذ في الاعتبار “المعلومات الجديدة التي تلقاها بعد صدوره”، وملاحظة الفريق “تأثير أعمال تحويل الأصول على الاقتصاد والأمن الغذائي لليمنيين، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية، ويقوض أمن البلد واستقراره عموماً.
وكان خبراء اقتصاد أشاروا إلى احتمال أن ضغوطاً من جهات إقليمية بينها السعودية التي تدعم الحكومة، أسهمت في تراجع الفريق الأممي عن الفقرات التي تضمنت الاتهامات المشار إليها ضد الحكومة المدعومة من التحالف والمؤسسة المالية الرسمية التابعة لها، ومن ثم التقدم بطلب إلى لجنة العقوبات في مجلس الأمن لإجراء تعديلات على تلك الفقرات، مشيرين إلى أن الاعتبارات الإنسانية جراء الوضع الذي تمر به البلاد ربما كان لها هي الأخرى دور في تغيير الموقف الأممي.