يمن إيكو| أخبار:
كشف الباحث وخبير الآثار اليمني عبد الله محسن عما أسماها “ملحمة صيد أسطورية في صحن أثري بديع” سيتم عرضها للبيع في مزاد عالمي في إبريل القادم، تعود سرقتها من اليمن وتهريبها إلى ألمانيا في بدايات السبعينيات.
وقال محسن في منشور له على حسابه بفيسبوك ورصده “يمن إيكو”: “إن مزاداً عالمياً سيعرض في أبريل القادم صحن نصف كروي من آثار اليمن، مع حافة سميكة مع إفريز مقبب لإثنين من المحاربين المدرعين يرتدي كل منهما درعاً واسع النطاق وخوذة، ويطلق قوساً على غريفون الفَتْخَاء (حيوان أسطوري له جسم أسد، ورأس وجناحي عقاب) يهاجم غزالاً هارباً، وأسداً يهاجم وعلاً وعقرباً وحيوانات جارية في الحقل، وفي المركز وردة؛ مع أربعة أحرف مسندية محفورة على الحافة الخارجية (عقرب)؛ ونقش مسند آخر فوق جسد الغريفون”.
وأوضح محسن أن الصحن من القرن الثالث قبل الميلاد، ومصحوب بتقرير أكاديمي لعالِم الآثار والمؤرخ الإيطالي الرائد الدكتور رافائيل داماتو.. مؤكداً ان المزاد أشار إلى أن مصدر الصحن الأثري من “مجموعة عائلة صالح، ألمانيا، تشكلت قبل عام 1972م” ، وهي مجموعة ورد ذكرها في أكثر من مزاد، ولا علاقة لها بعائلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، ومثلها مجموعة ناصر وغيرها من المجموعات العربية والفارسية والعبرية في سوق الفن، حسب تعبيره.
وفي وقت سابق من اليوم الإثنين أكد محسن- في منشور آخر رصده موقع “يمن إيكو”، أن مجموعة كبيرة من التحف الأثرية لعدد من الحضارات من بينها ثلاث قطع من آثار اليمن، بيعت أمس في مزاد أبولو الشهير عالمياً، مشيراً إلى أنه تابع ليلة أمس البث الحي للمزاد الذي شهد تنافساً حاداً على بعض التحف المعروضة في المزاد الذي بيعت فيه مجموعة جمال برونزية، وشاهد قبر رجل من المرمر، وزوج من تعليقة قلادة من الذهب.
ثلاثة جمال برونزية أثرية
وتبيِّن الصورة التي نشرها محسن (أطرها بالآثار التي بيعت) مجموعة من ثلاثة جمال واقفة من البرونز المصبوب من القرن الثاني قبل الميلاد لكل منها آذان مرتفعة وسنام واحد وذيل قصير، مع زنجار سطح مؤكسد مرقش باللونين الأزرق والأخضر والأحمر والبني.
وبحسب المزاد فإن مالكها الحالي؛ معرض الفنون القديمة في لندن، اقتناها من مجموعة أن واي سي. وتزخر المتاحف والمزادات العالمية بالجمال اليمنية الأثرية البرونزية والنحاسية، حسب محسن.
وأشار محسن إلى أن متحف ميونخ يحتفظ بعدد من الجمال البرونزية (موللر:1999م) وكذلك المتحف البريطاني ومتاحف أمريكية عدة، وقد أثبتت دراسة لأستاذ الآثار القديمة بجامعة إب، الدكتور منير العريقي أن “الموطن الأول للجمل أحادي السنام هو اليمن القديم، وأن اليمنيين القدماء هم أول من استأنسه واستخدمه لعدة أغراض في حياتهم، وكان الجمل أحد أسباب ازدهار الحضارة اليمنية في بداية الألف الأول قبل الميلاد. وقد أولى اليمنيون القدماء اهتماماً كبيراً بالإبل حياً أو ميتاً، ويظهر ذلك من خلال اختلاف طرق الدفن وتنوع المقابر، وكذلك الطقوس الدينية التي رافقت عملية الدفن.
شاهد قبر رجل من المرمر
كما اشتملت الصورة على رأس رجل من المرمر من آثار اليمن من القرن الثاني قبل الميلاد على الأرجح، أطلق خبير المزاد لخياله العنان فوصف الوجه في شاهد القبر بالتالي: “يقدم الوجه مظهراً خيالياً يتكون من التحديق، والعينين المفتوحتين على مصراعيهما، وخط الحاجب المقوس، والأنف، والشفاه المغلقة تشير إلى تداخل دقيق ومحبب”، ويقصد أن تعابير الوجه مزيج من التفكير العميق والأسى والحيرة وربما الحسرة. ربما انتهى به المطاف مبكراً دون أن يحقق نجاحه الذي ينشده بسبب الحروب التي لا تنتهي، وربما تكون كلها تفسيرات لا أساس لها من الصحة.
زوج من قلادة من الذهب
وحسب محسن، أرجع المزاد هاتين القطعتين إلى العصر الهلنستي، مشيراً إلى أن خبيرة تاريخ الفن والآثار البروفيسورة ليلى عقيل- التي حصلت على الدكتوراه عن أطروحتها الحلي اليمنية القديمة قبل الإسلام، في عام 1993- أكدت على أنها “صفائح ذهبية يمنية قديمة وهي على الأغلب مجوفة، تتماثل في كل عناصرها الشكل والتقنية والزخرفة وطريقة التعليق مع قطعا أخرى يمنية. استخدمت فيها الحبيبات الدقيقة التي تستخدم بكثرة على الحلي اليمنية القديمة وكذلك أشكال المثلث والمعين والزخرفة الوسطية التي صنعت من سلك دقيق مبروم.
ويؤكد أستاذ النقوش وتاريخ الفن القديم في جامعة عدن، الدكتور محمد باعليان أن “أسلوب الصناعة يبدو مألوفاً، التحبيب أو تقبيب حبيبات الذهب أسلوب معروف في الحلي اليمنية، أيضا أشكال المثلثات، وهو أسلوب يظهر بوضوح في المصوغات القتبانية “.
وقال محسن: إن زوج المعلقات الذهبية المخرمة، “يتكون كل منها من لوحة مستطيلة الشكل، مزينة بسجلات متحدة المركز من اللفائف، والتخريمات، والخيوط. تم تطبيق أقراص صغيرة تحتوي على أزهار ذات ثماني بتلات تزين الزوايا، مع أقراص أصغر تعرض نفس التصميم داخل المساحة المركزية المستطيلة. يوجد في الوسط شكل متقاطع يتكون من خمس حلي، بينما تعرض الحافة العلوية صفاً من خمس حلقات تعليق مزينة بألواح على شكل معيني. ويظل الجزء الخلفي من اللوحات مسطحاً وغير مشغول. وهي من مقتنيات رجل نبيل من غرب لندن، حسب ما أورده محسن.
يشار إلى أن خبير الآثار اليمني عبد الله محسن، وفي حوار سابق خصَّ به موقع “يمن إيكو” في ديسمبر الماضي، تطرق فيه لتفاصيل مثيرة عن ظاهرة نهب الآثار اليمنية وتهريبها إلى الخارج، وكيف تتم ومن يقف وراءها؟ عدد القطع المهربة وهل هناك تشريعات قانونية تحكم ذلك، وهل يمكن استعادتها بعد بيعها، وما حجم الاضرار الاقتصادية على البلاد جراء نهب وتهريب آثارها، مؤكداً أن الحرب ليست وحدها السبب في تزايد نهب الآثار، حيث هناك أسباب أخرى منها عدم الوعي المجتمعي بخطر النهب والتهريب للآثار، وضعف قوات إنفاذ القانون، ورداءة قانون الآثار الحالي الذي قال إنه يطمئن المهربين أكثر مما يخيفهم، وقبل كل ذلك الطلب الخارجي على الآثار والجشع.