يمن إيكو| متابعة خاصة:
كشفت مديرة نشاط التمريض في منظمة أطباء بلا حدود “إميلي كالي كالاهان” (ممرضة أمريكية الجنسية تم إجلاؤها من خان يونس بغزة) عن صورة من صور المعاناة الإنسانية والظروف المأساوية التي يعيشها أهل غزة، وتعيشها معهم طواقم الإغاثة والتمريض في المستشفيات وأماكن النزوح، جراء العدوان الإسرائيلي والقصف المتواصل على القطاع،
والحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على دخول المواد الإغاثية والوقود والمياه، متطرقة إلى ظروف عمل الأطباء والممرضين الذين اختاروا الموت لإنقاذ حياة أكبر عدد من الناس، ومشيرة إلى الدور الإنساني لزملائها الأطباء العرب والفلسطينيين في تأمين حياتها وزملائها الأمريكان وانقاذهم من غضب اليائسين الذين فقدوا أحبائهم، حتى تم إجلائهم.
وقالت كالاهان- في مقابلة أجرتها معها قناة “سي إن إن” عربية:” منذ بداية طوفان الأقصى تم نقلنا حوالي 5 مرات على مدار 26 يوماً بسبب مخاوف أمنية، حتى انتهى بنا المطاف إلى مركز التدريب في خان يونس بغزة، الذي يكتظ فيه عشرات الآلاف من النازحين والجرحى، مضيفة: “كان هناك أطفال يعانون من حروق شديدة في وجوههم وأسفل أعناقهم وفي جميع أطرافهم، ولأن المستشفيات مكتظة للغاية، كان يتم إخراجهم فوراً وإرسالهم إلى المخيمات التي تفتقد إلى خدمات المياه والكهرباء”.
وقالت أيضاً: “في مركز التدريب بخان يونس، كنا نعيش إلى جانب 50 ألف شخص من النازحين، ويوجد 4 دورات مياه فقط، ويتم توفير المياه لهم لمدة ساعتين كل 12 ساعة.. وكنا نشاهد الأطفال بتلك الحروق والجروح المفتوحة وتجرى لهم عمليات بتر الأطراف الجزئية، والآباء يحضرون أطفالهم إلينا قائلين” من فضلكم! هل يمكنكم المساعدة؟ لكننا لم يكن لدينا إمدادات طبية”.
وأوضحت كالاهان أنه لا يوجد في قطاع غزة مكان آمن، “فقد كانت الانفجارات من حولنا، كان زملاؤنا يكافحون بأنفسهم لأجل إيصالنا إلى الحدود حتى لا نتعرض لغضب الفلسطينيين الذين فقدوا أحباءهم، لقد كنا نسمعهم يقولون: “هل يمكن أن نسمح لأمريكية تمشي بيننا؟” وكانوا يصرخون بالعبرية للتأكد من أننا لسنا إسرائيليين. مضيفة: “لكن زملاءنا من الأطباء العرب والفلسطينيين كانوا يهدئونهم ويقولون لهم: ” إن هؤلاء يعيشون نفس الأوضاع التي نعيشها، ليس لديهم الإمدادات وليس لديهم طعام وماء إنهم ينامون أيضا في الخارج على الخرسانة. وقد تمكنوا من تهدئتهم”.
وعن نقص الإمدادات والغذاء والماء بشكل خاص، والتي عانى من نقصها الجميع في قطاع غزة، بمن فيهم الأطباء الأجانب، تابعت قائلة: “غزة مدينة صغيرة، الجميع يعرفون بعضهم، وكان زملاؤنا يتصلون بأصدقائهم: هل لديكم ماء؟ هل لديكم طعام هل تعرفون أحد متجره مفتوح؟ كانوا يتجولون في كل مكان بحثا عن الماء؟ وعندما نفد الماء المعبأ لدينا تمكنوا من معرفة أن شاحنة المياه كانت قادمة في الوقت المعين، وأوضحت قائلة: “عندما أقول إننا كنا سنموت جوعاً، لولا زملاؤنا، فأنا لا أبالغ”.
وفي ما يشير إلى أن إسرائيل لم تستثن من القصف حتى المستشفيات وسيارات الإسعاف، تضيف “كالاهان”: “قبل إجلائنا كنا قد فقدنا ممرضا في نهاية الأسبوع، لقد قتل عندما تم استهداف سيارة الإسعاف خارج المستشفى. وتتابع الحديث عن زملائها من الأطباء وطواقم التمريض المحليين قائلة: “وبعد خروجنا من المكان كنت أبعث رسالة نصية لزملائنا الفلسطينيين والعرب في المنظمة هل غادر أحدكم باتجاه الجنوب؟ هل خرج أحد منكم؟ هل سيأتي أحدكم إلى هنا؟ وكان الجواب الوحيد من قبلهم: “هذا مجتمعنا وهذه عائلتنا وهؤلاء هم أصدقاؤنا.. وإذا كان سيقتلوننا فسنموت لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس”. حسب تعبيرها.
فكنت أقول- ردا على تلك الإجابة الوحيدة-: “إذا كان بإمكاني الحصول على ذرة مما في قلوبكم فسوف أموت سعيدة”.
وفي ختام حديثها لقناة “سي إن إن عربية” وجهت مديرة نشاط التمريض في منظمة أطباء بلا حدود الممرضة الأمريكية “إميلي كالي كالاهان” رسالة إلى من يقفون خلف الحرب على غزة قائلة: “هناك مدنيون يبحثون عن مأوى هناك الأطباء والممرضات لم يغادروا المكان بسبب ولائهم لمجتمعهم، وأنا أعلم أن هناك فكرة يتم الترويج لها الآن مفادها أن أي شخص يتخلف عن الركب، سيعتبر بمثابة تهديد من نوع ما. مؤكدة أن الأشخاص الذي بقوا في الخلف، في إشارة إلى زملائها الأطباء والممرضين الفلسطينيين، يعرفون أنهم سيموتون ويختارون البقاء على أي حال”.