يمن إيكو | تقارير:
استمرت خسائر الجيش الإسرائيلي بالتصاعد بعد مرور أسبوع على بدء عملية اجتياح قطاع غزة، وبثت المقاومة الفلسطينية مشاهد مصورة تظهر جانباً من تفاصيل المواجهات الدائرة على محاور التوغل، بما في ذلك استهداف آليات عسكرية إسرائيلية، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه عجزاً كاملاً عن تحقيق أي إنجاز على الأرض، وأن حديثه عن الاستعداد لمعركة طويلة ليس إلا محاولة للتغطية على واقع الفشل، خصوصاً وأن الخسائر كانت دائماً المعيار الأهم فيما يتعلق بالسقف الزمني للعمليات العسكرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى تزايد الاحتجاجات داخل إسرائيل للمطالبة بضرورة الإسراع في إطلاق الأسرى.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان رصده موقع “يمن إيكو” مساء السبت، إن “أربعة جنود بينهم قائد سرية قتلوا خلال المواجهات في غزة ما يرفع عدد قتلى الجيش إلى 29 منذ بدء العملية البرية”.
وأوضح أن “الجنود الأربعة القتلى هم 3 من لواء جفعاتي والرابع من وحدة شالداغ المختصة بجمع المعلومات”.
وأعلن أن عدد جنود وضباط الجيش الإسرائيلي الذين قتلوا منذ 7 أكتوبر الماضي وصل إلى 345 قتيلاً.
ونظراً لغياب أي إنجاز واضح وعدم تحقيق تقدم في القطاع، فإن هذه الأرقام تشير بوضوح إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه أفقاً مسدوداً بالكامل على كافة محاور التوغل، وأنه “يقامر بجنوده” بحسب ما قالت وسائل إعلام عبرية قبل أسبوع.
هذا أيضاً ما أكدته تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، رصدها موقع “يمن إيكو” قال فيها: “لدينا أيام قادمة صعبة جداً” و”نخوض معارك ضارية وصعبة”.
وبرغم أن غالانت قال إن الجيش “مصمم على الانتصار في غزة وإن طالت الحرب لسنة”، وتوعد بأنه “لن تكون هناك حماس في غزة بنهاية هذه الحرب وتم الاتفاق مع الولايات المتحدة على ذلك” فإن هذه التصريحات تفتقر بشكل كامل إلى معطيات ميدانية تساندها، وهو ما يجعلها مجرد عناوين لطمأنة المستوطنين، والتغطية على واقع العمليات في غزة.
كان هذا قد بدا جلياً في تصريح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، والذي قال فيه إن “استهداف مدرعة إسرائيلية في غزة شيء لا يشبه أي شيء حدث من قبل”.
وفي هذا السياق أيضاً نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، السبت، عن “مسؤولين مطلعين” قولهم إن “الجنود الإسرائيليين يقتلون في المعركة بأكثر من ضعف معدل قتلاهم في عملية 2014”.
وأضاف المسؤولون للصحيفة الأمريكية أن “مقاتلي القسام يبدون جهوزية وقدرات أكبر من التي كانوا عليها عندما غزت إسرائيل غزة 2014”.
وقد بثت المقاومة الفلسطينية، اليوم، مشاهد مصورة أظهرت جانباً من تفاصيل المواجهات مع الجيش الإسرائيلي عند مشارف مخيم الشاطئ وحي الشيخ رضوان شمالي غزة، حيث قام مقاتلو المقاومة في المشاهد باستهداف وتدمير 10 آليات عسكرية إسرائيلية، وإحراق مدرعة بالولاعة.
وأعلن المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة في كلمة جديدة أن المقاومة دمرت 24 آلية عسكرية إسرائيلية منذ بدء الاجتياح، مؤكداً “تنفيذ عمليات التفاف خلف خطوط العدو والالتحام مع جنوده من مسافة صفر في مختلف المحاور”.
وكانت المقاومة قد بثت في وقت سابق مشاهد لتدمير آلية إسرائيلية من مسافة صفر بواسطة عبوة “العمل الفدائي”.
وواصلت المقاومة إطلاق الرشقات الصاروخية على المدن والمستوطنات الإسرائيلية، مؤكدة من خلال ذلك عدم تأثر قدراتها بالقصف الجوي المكثف وغير المسبوق على غزة.
وأعلنت “القسام” السبت، إطلاق صاروخ من نوع “عياش 250” على إيلات، الأمر الذي أكد احتفاظ المقاومة بقدرتها على تصعيد خيارات استهداف المناطق والمستوطنات الإسرائيلية.
هذه العمليات المتنوعة التي تؤكد إحصائيات خسائر الجيش الإسرائيلي فاعليتها ونجاحها في إفشال خطط التوغل والاجتياح الإسرائيلية، تجعل الحديث عن “حرب طويلة” غير واقعي، لأن الخسائر المتصاعدة في صفوف الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى العدد الكبير الذي تم تسجيله في بداية المعركة من قتلى المستوطنين، يشكل حاجزاً لا يمكن أن تتجاهله إسرائيل في حسابات السقف الزمني للقتال، خصوصاً وأن الاستراتيجيات الحربية الإسرائيلية في كل معاركها تضع في الحسبان وقبل كل شيء آخر، سقف الخسائر البشرية.
وإضافة إلى ضغط الخسائر المتزايدة بدون أي إنجازات، شهدت “تل أبيب” السبت تظاهرات هي الأكبر من نوعها منذ بدء الحرب للضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل الإفراج عن الأسرى لدى المقاومة.
واصطدمت الشرطة الإسرائيلية مع حشود من المحتجين أمام مقر إقامة “نتنياهو” في القدس المحتلة أيضاً.
وتمثل هذه الاحتجاجات ضغطاً إضافياً على الحكومة الإسرائيلية التي كانت قد أعلنت أن من ضمن أهداف توغلها في غزة هو “تحرير الرهائن” لكنها لم تنجح إلى الآن حتى في معرفة أماكنهم، برغم المساعدة الأمريكية المعلنة، حيث قال مسؤولان أمريكيان يوم الخميس لوكالة “رويترز”، إن الولايات المتحدة “تنفذ طلعات بطائرات استطلاع مسيرة في سماء غزة بحثاً عن الرهائن الذين احتجزتهم حركة حماس خلال هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر”.
وبرغم الرفض الأمريكي المستمر لوقف إطلاق النار، فقد دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، يوم الجمعة، إلى “هدنة إنسانية تسمح بدخول المساعدات إلى غزة وتعزز جهود إطلاق سراح الرهائن بينما تمكن إسرائيل من تحقيق هدفها المتمثل في هزيمة حماس”.
لكن هذا الهدف يبدو “غير قابل للتحقق” أيضاً، شأنه شأن أهداف خطة الاجتياح التي لجأت إسرائيل لتحويلها إلى “توغل محدود” بضغط أمريكي، فالمقاومة الفلسطينية قد أعلنت عدة مرات أن ملف الأسرى لن يتم تسويته إلا بمفاوضات تقود إلى “تبييض السجون الإسرائيلية من كافة الأسرى”، وذلك بعد انتهاء الحرب أصلاً، الأمر الذي يجعل الحديث عن “إطلاق الرهائن” ضمن هدنة، عنواناً آخر من عناوين التغطية على معطيات الواقع الذي يبدو أنه محسوم تماماً لصالح المقاومة من ناحية موازين النصر والهزيمة.