يمن ايكو
تقارير

الوكالة الأمريكية ومركزي عدن.. تكريس النفوذ وبيع الوهم

تحليل خاص – يمن إيكو

ست سنوات من النفوذ الأمريكي في هيكلة القطاعات وإعادة تشكيل البنية الفنية للبنك المركزي بعدن، والتأثير المباشر في السياسات المالية، وذلك عبر الوكالة الأمريكية للتنمية، كانت ثمرتها هي مزيد من الانهيار المالي والتردي المزمن للعملة المحلية في مناطق سيطرة حكومة الرئاسي، فيما لم ينعكس على الواقع أي ما يشير إلى أن هناك خطوة تم اتخاذها لكبح تدهور العملة، ما يعني أن هذه الشراكة بين البنك والوكالة الأمريكية للتنمية، ليست في وارد إنقاذ الريال، والعمل على وقف التدهور المستمر له.

ومن وقت لآخر في فترة ما تدعوه الوكالة الأمريكية بـ “الشراكة وتقديم الدعم الفني” للبنك المركزي بعدن، والممتدة منذ عام 2017، تخرج الوكالة لتتحدث عن استراتيجيات وآليات وإصلاحات من قبيل إعادة هيكلة القطاعات الرئيسية، وتحديث اللوائح والأنظمة، وتعزيز الإشراف الميداني والخارجي على البنوك وشركات الصرافة، وبناء قدرات الموظفين، وغيرها من العناوين التي لم تنعكس على الواقع المالي، ولم يظهر معها أي أثر للأهداف المعلنة من وراء تلك الإجراءات، بل العكس هو ما حدث، حيث هبط الريال اليمني إلى أدنى قاع له في ذروة تدخل هذه الوكالة في سياسات وإدارة مركزي عدن.

وفي آخر نتاج لهذه “الشراكة” قالت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إن البنك المركزي بعدن “أطلق الإثنين الماضي استراتيجية اتصالات وتواصل لتعزيز شفافيته في التواصل مع الجمهور”، مشيرة إلى أنه تم تطوير هذه الاستراتيجية بدعم منها.

وأضافت الوكالة، عبر موقعها الرسمي على الإنترنت، أن هذه الاستراتيجية تتضمن طرقاً للمساعدة في تعزيز الشفافية وزيادة الوعي العام وفهم وثقة جهود البنك المركزي في السيطرة على المعروض النقدي، وضمان قدر أكبر من الاستقرار المالي، وقالت أيضاً إن “هذه الأنشطة تساعد في تعزيز النمو الاقتصادي، والسيطرة على التضخم، والسماح للشركات بخلق المزيد من فرص العمل”.

ونقلت الوكالة في التقرير الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، عن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي قوله “إن أهمية الاستراتيجية تكمن في أنها تعزز الشراكات مع الجهات ذات الصلة، فضلاً عن آليات التواصل مع الجمهور والمهتمين”.

وقالت الوكالة إنها “منذ عام 2017، عملت عن كثب مع البنك المركزي لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والتنمية في البلاد”، في حين أن البلاد طوال هذه الفترة لم تشهد سوى المزيد من الانهيار الاقتصادي، فيما سجلت مؤشرات التنمية في البلاد قيماً صفرية، بحسب التقارير والتصنيفات الدولية.

وفي حين أن فترة العلاقة المشبوهة بين مركزي عدن والوكالة الأمريكية، شهدت أسوأ إدارة للمعروض النقدي، واستمرار عمليات طباعة العملة، التي أغرقت السوق المصرفية بالمعروض النقدي، وأدخلت العملة المحلية في حالة غير مسبوقة من التضخم، انخفض معها سعر الصرف إلى أدنى مستوى في تاريخه، ليصل أواخر عام 2021 إلى أكثر من 1700 ريال مقابل الدولار الواحد؛ ذهبت الوكالة الأمريكية إلى القول: “ساعد هذا التعاون على إدارة المعروض النقدي بشكل أفضل لتشجيع معاملات القطاع الخاص واستثماراته بشكل أسهل. ساعد نهج جديد للتخطيط النقدي السنوي للبنك المركزي على استقرار الأسعار للشعب اليمني والشركات اليمنية”.

وتحدثت الوكالة عن أن ما قدمته من دعم قد ساعد البنك المركزي بعدن في “تحسين أنظمة الدفع الخاصة به لتوفير تحويلات مالية إلكترونية أكثر أماناً وسرعة بين البنوك، ولوائح حديثة لاستخدام الأموال عبر الهاتف المحمول في اليمن. بالإضافة إلى نشرة اقتصادية شهرية تقدم لمحة عن الوضع الاقتصادي الحالي لليمن من خلال تلخيص الأداء المالي الكلي والسياسات ذات الصلة والتطورات التنظيمية”، وهي جميعها إجراءات لا ترقى إلى الحديث عن شراكة من أجل تنفيذها، إذ إن هذه الإجراءات صار معمولاً بها حتى لدى شركات الصرافة وشبكات التحويلات المالية.

وقالت الوكالة إن الأنشطة والإجراءات التي نفذتها في البنك المركزي بعدن “ساعدت في تعزيز الإشراف المصرفي وإصلاحات مكافحة غسل الأموال لضمان نظام مصرفي أكثر أماناً للبلاد”، مضيفة: “والأهم من ذلك، أن هذا المستوى من الشفافية يبني الثقة لأصحاب المصلحة الماليين والمانحين الدوليين”. في حين أن فترة العلاقة بين الوكالة الأمريكية ومركزي عدن، شهدت سلسلة من الفضائح المتعلقة بالفساد وغسل الأموال، كان من بينها اتهام فريق الخبراء الدوليين التابع للجنة العقوبات الدولية بمجلس الأمن، مطلع عام 2021، للبنك والحكومة في عدن بعمليات فساد وغسل أموال نتجت عن صرف مبلغ ملياريِّ دولار أودعتها السعودية لدى البنك عام 2018.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً