تقرير خاص – يمن إيكو
في مقابل الترحيب الواسع الذي قوبلت به مؤشرات عودة النشاط التجاري إلى ميناء الحديدة، نظرا لما تبشر به هذه المؤشرات من انفراجة مهمة على الصعيدين الاقتصادي والإنساني في البلد، أبدت حكومة الرئاسي الموالية للتحالف رد فعل معاكساً تماماً، حيث اندفعت نحو تصوير تلك المؤشرات كـ”تهديد” اقتصادي، وحاولت الضغط على التجار وتهديدهم لمنعهم من العودة للاستيراد عبر الحديدة، الأمر الذي يؤكد أن معالجة الأزمة الاقتصادية والإنسانية لا تمثل أولوية بالنسبة للسلطة الموالية للتحالف.
وقالت وكالة “سبأ” التابعة لحكومة الرئاسي، الأربعاء، إن وزارتي النقل والصناعة في عدن تعتزمان “اتخاذ إجراءات رادعة بحق التجار ووكلاء الملاحة” الذين يعتزمون العودة إلى الاستيراد عبر ميناء الحديدة، باعتبار ذلك “مخالفاً” لقرارات حكومة الرئاسي.
وقالت الوزارتان في بيان مشترك إنه “لا يوجد أي تعديل في إجراءات دخول البضائع إلى موانئ البلاد المختلفة بما في ذلك ميناء الحديدة”، وهو ما يعارض حديث وسائل الإعلام السعودية هذا الأسبوع عن تقديم التحالف “تسهيلات” لدخول السفن عبر ميناء الحديدة، من خلال “تخفيف” إجراءات التفتيش، كما يعارض حقيقة وصول بعض السفن التجارية التي لم يكن لها أن تدخل ميناء الحديدة بدون وجود تغييرات في آلية وصول البضائع.
وقال بيان الوزارتين إن الأخبار المتداولة عن تخفيف القيود على ميناء الحديدة، والسماح بدخول السفن التجارية بدون احتجاز “محض إشاعات وأكاذيب” محذراً من أن “الانجرار وراءها” سيؤدي إلى الإدراج في ما أسمته “القائمة السوداء”.
ويعبر هذا البيان بوضوح عن سعي حكومة الرئاسي لمنع التجار من توجيه نشاطاتهم التجارية نحو الحديدة، حتى ولو كان التحالف قد سمح بذلك، وهو موقف يؤكد أن حكومة الرئاسي حريصة على استمرار الحصار والقيود المفروضة على ميناء الحديدة، ولو على حساب استمرار معاناة الشعب اليمني.
وكانت وسائل إعلام تابعة وموالية لحكومة “الرئاسي” أكدت، خلال الأيام الماضية، أن القطاع الخاص هدد بوقف الاستيراد عبر ميناء عدن احتجاجاً على قرار رفع سعر الدولار الجمركي، مشيرة إلى أن “الرئاسي” يحاول امتصاص غضب التجار وإقناعهم بالبقاء، وهي مهمة يبدو أنه فشل فيها بالنظر إلى لهجة بيان وزارتي النقل والصناعة في عدن.
ومن وجهة نظر المراقبين يمثل موقف حكومة الرئاسي “فضيحة” بالمقارنة مع الترحيب الشعبي الواسع الذي قوبلت به أنباء وصول السفن التجارية إلى ميناء الحديدة، بدون تأخير أو احتجاز، حيث يجمع كل الخبراء والمراقبين على أن رفع القيود عن ميناء الحديدة سيشكل انفراجة إنسانية واقتصادية مهمة، لأن الميناء يمثل الشريان الرئيسي للجزء الأكبر من البلد، حيث يمد 80% من سكان اليمن بالوقود والغذاء والدواء، كما أن السلع التي تصل عبره ستكون أرخص سعراً من تلك التي تصل عبر ميناء عدن.
وتحاول حكومة الرئاسي الإبقاء على الحظر التجاري على ميناء الحديدة واستمرار الحصار لضمان مصالحها الخاصة على حساب احتياجات ومصالح المواطنين، وفق ما يراه مراقبون اعتبروا سعيها لمنع التجار من التوجه إلى ميناء الحديدة يأتي مدفوعاً بحرصها على تحقيق إيرادات مضاعفة من خلال قرار رفع سعر الدولار الجمركي على السلع المستوردة عبر ميناء عدن، لكن الثمن سيكون رفع أسعار السلع والتسبب بأزمة غذائية جديدة في البلد الذي يشهد بالفعل أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم.