يمن ايكو
تقارير

📃 إقصاء قطاع النقل الثقيل.. صورة من الحرب المدمرة التي طالت قطاعات اليمن الاقتصادية

تقرير خاص- يمن إيكو

في أقسى تداعيات الحرب المدمرة على قطاعات اليمن الاقتصادية بما فيها مناطق سيطرة التحالف، تعود قضية إقصاء قطاع النقل الثقيل من العمل بين اليمن ودول الجوار-من قبل التحالف الحكومة الموالية له- إلى الواجهة، لتكشف أضراراً أكثر تأثيراً على الآلاف من سائقي شاحنات نقل البضائع الكبيرة الذين تم منعهم من العمل دولياً عبر المنافذ الرابطة بين اليمن والسعودية وسلطنة عمان.

نهاية الأسبوع الماضي صعد مالكو شاحنات نقل البضائع في مدينة سيئون احتجاجاتهم، تنديداً باستمرار تجاهل الحكومة لمطالبهم المشروعة المتمثلة في تدخل الحكومة لدى التحالف، لإلغاء قرار المنع الصادر قبل ثلاث سنوات، والقاضي بعدم السماح للشاحنات اليمنية بنقل البضائع عبر المنافذ البرية الواصلة بين اليمن وكل من السعودية وسلطنة عُمان.

واستنكر المحتجون الذين تجمعوا أمام ديوان السلطة المحلية في مدينة سيئون، التجاهل المتعمد والمستمر لمطالبهم، وقطع أرزاقهم وأبنائهم من قبل الجهات المعنية، عبر منع الشاحنات اليمنية- فقط- من المرور عبر تلك المنافذ، أو نقل البضائع من مينائي شحن والوديعة البريين إلى تلك الدول أو إلى الداخل، بذرائع أنها شاحنات كبيرة وتشكل زحاما وحوادث مرورية.

وأكد مالكو الشاحنات أن هذه مبررات ليس لها أي مسوغ قانوني سوى مصادرة الحق السيادي اليمني على تلك المنافذ، واستهداف قطاع النقل اليمني الثقيل.. مستدلين على ذلك بسماح التحالف للقاطرات الأجنبية العملاقة بالدخول إلى الأراضي اليمنية، رغم ما تسببه أحجامها من قطع الطرق وعرقلة حركة السير، كون تلك الشاحنات طويلة جدا والتسبب في حوادث مرورية.

وبعد تثبيت قرار منع شاحنات نقل البضائع اليمنية، تم تعقيد عمل وسائل النقل اليمنية الكبيرة والمتوسطة والحاملة للركاب من العمل بين البلدين، وتحديداً في رحلة العودة، في مخالفة واضحة اتفاقيات نقل الركاب والبضائع الموقعة بين اليمن والسعودية، وكان آخر تلك الإجراءات التعقيدية ما صدر مؤخراً من تعليمات من المنفذ، بناء على توجيه من الرياض، بخصوص دخول السيارات اليمنية، حيث يتم التعامل معها وفق سياق تجزيئي يعكس مشروع التحالف التفكيكي، إذ تقضي التعليمات بالسماح بدخول السيارات التي يحمل مالكوها تأشيرة عمرة أو زيارة، وبلوحات خصوصي ولمحافظات محددة (حضرموت، مارب، شبوة).

منع شاحنات النقل الثقيل والمتوسط اليمنية من العمل، لم ينعكس على مالكيها فحسب بل تجاوز ذلك إلى مالكي وموظفي مالكي مكاتب النقل في الوديعة وشَحِن بعد تعطيل نشاطاتهم اليومية، واستحداث مكاتب جديدة محسوبة على مسؤولي الحكومة الموالية للتحالف، إذ تسبب قرار منع الشاحنات اليمنية والمضايقات التي تعرضت لها مكاتب النقل ملحقة بها خسائر كبيرة، ما أفضى بعدد منها إلى الإفلاس.

الحديث عن ملف النقل الثقيل ليس جديداً، فعلى امتداد الأعوام 2019م و2020م وحتى العام 2023م شكا عدد من مالكي شاحنات نقل البضائع وكذا مكاتب نقل البضائع والركاب عبر منفذ الوديعة الرابط بين اليمن والسعودية – لمئات المرات- من فساد مدير عام المنفذ مطلق الصيعري المحسوب على هاشم الأحمر والمعين بتوجيه من الرياض التي باتت تفرض سيطرتها على منافذ الوديعة وشحن وصرفيت في المهرة.

وأشار مالكو المكاتب إلى أن “الصيعري” يفرض رسوما غير قانونية، ويختلق مشكلات من شأنها إقصاء شاحنات نقل البضائع والركاب التي يملكها يمنيون، من وإلى السعودية والعكس، ولصالح وسائل وشاحنات النقل الأجنبية المحملة بالبضائع (من وإلى اليمن).. مؤكدين أنه يسمح لها بالمرور دون فرض أي رسوم أو غرامات عليها، حسب ما تنص عليه القوانين واللوائح وتوجيهات وزارة النقل، والهيئة العامة لتنظيم شئون النقل البري، واتفاقية نقل الركاب والبضائع بين اليمن والسعودية.

وتشير الشكاوى، إلى تدخل الصيعري في مهام الميزان العامل في المنفذ، الذي يفترض أن يكون هذا الميزان تابعاً لوزارة الأشغال العامة والطرق حسب نص المادة الخامسة من القانون رقم (23) لسنة 1994م بشأن الأوزان والأبعاد الكلية لمركبات النقل.. مؤكدة أن ميزان منفذ الوديعة، بعد بدء الحرب عام 2015م تم تركيبه بعد إعادة تشغيل المنفذ، وبإيعاز من الرياض، والدليل أنه ليس ملكا لوزارة الأشغال التابعة لحكومة هادي، بل يتبع شخصا مقربا من مدير المنفذ الموالي للتحالف.

أخيراً.. رغم تكرار الشكاوى التي رفعها مالكو تلك المكاتب إلى هيئة تنظيم النقل البري، ووزارة النقل التابعتين للحكومة الموالية للتحالف، إلا أن تلك الشكاوى لم تلق سوى التجاهل، في إشارة واضحة بأن التحالف بقيادة الرياض بات هو المتحكم بحركة وفرص النقل الثقيل في منفذ الوديعة وغيره من المنافذ البرية المفتوحة على عمان، في انتهاك واضح للسيادة اليمنية، ومصادرة إجرائية لحق العاملين والسائقين اليمنيين في قطاع النقل الدولي.

هذا الانتهاك لم يعد سراً خفياً، بل باعتراف صريح من وزير النقل المقال صالح الجبواني – الذي أماط اللثام في لقاء تلفزيوني مع قناة “يمن شباب” في ديسمبر الماضي، عن خفايا سيطرة التحالف على الموانئ والمنافذ البرية والبحرية والجوية اليمنية؛ موضحاً أنه قام بزيارة المنافذ البرية (الوديعة، وشحن، وصرفيت) 3 مرات خلال عامين، وكان يواجه برفض من قبل ضباط التحالف (السعوديين).

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً