تقرير خاص- يمن إيكو
صدَّق مجلس وزراء حكومة الرئاسي، برئاسة معين عبد الملك أمس الأربعاء، على إقرار المجلس الاقتصادي للجرعة الجديدة المتمثلة في رفع تعرفة الدولار الجمركي بنسبة 50% من 500 إلى 750 ريالاً، وزيادة أسعار المشتقات النفطية والغاز المنزلي في منبعه مأرب، ورفع تعرفة استهلاك الكهرباء والمياه خارج قدرات المواطن الشرائية.
المصادقة العلنية التي لم تراعِ أوضاع ومعاناة المواطنين، وسّعَت من حالة السخط الشعبي، وفتحت الباب على متوالية جديدة من المعاناة الاقتصادية والمعيشية للمواطن، لكنها إلى جانب ذلك خلقت وضعاً جديداً من الفرز السياسي الذي ينذر بمزيد من التصدع بين الفصائل المنضوية في تشكيلة المجلس الرئاسي المعين من الرياض، والحكومة الموالية للتحالف، حيث تنصلت تلك الفصائل عن مسؤولياتها إزاء قرارات الرفع الجائرة للأسعار، ملقية بالمسؤولية على رئاستي: مجلس العليمي وحكومة معين.
وفي سياق تنصل تلك الفصائل عن مسؤوليتها إزاء رفع الأسعار ومضاعفة معاناة المواطنين، أعلنت الأمانة العامة لهيئة رئاسة الانتقالي (المدعوم إماراتياً ونصيف حكومة الرئاسي) رفضها للقرارات.. مستنكرة مصادقة حكومة معين على قرارات المجلس الاقتصادي بشأن رفع تعرفة الدولار الجمركي للبضائع المستوردة بنسبة 50% ورفع سعر بيع المشتقات النفطية والغاز المنزلي، وتعرفة المياه والكهرباء.
وطالبت المجلس الرئاسي بإلغاء هذا القرارات.. موضحة– في اجتماع عقدته برئاسة فضل الجعدي نائب الأمين العام عضو هيئة الرئاسة- أن الانتقالي لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه القرارات، في تهديد ضمني بمسار تصعيدي جديد وصراع مسلح بين الانتقالي والفصائل الأخرى الممثلة في الحكومة، كالمؤتمر والإصلاح وغيرهما من الأحزاب الموالية للتحالف، وهو ما سيفضي إلى مزيد من المعاناة الاقتصادية والمعيشية التي سيتضرر منها اليمنيون في كل محافظات الجمهورية.
حزب الإصلاح الموالي للتحالف هو الآخر تنصل صراحة عن مسؤوليته إزاء القرارات وإزاء ما يعانيه المواطنون من تبعات الحرب والحصار، محملاً الحكومة مسؤولية تبعات هذه القرارات.. حيث تناست القيادات الإصلاحية دورها- كشريك رئيسي مع فصائل التحالف الأخرى- في العبث بموارد البلاد وإسناد التحالف حتى تمكينه من السيطرة على الموارد اليمنية السيادية، إذ وجهت اتهامها لحكومة معين بالفساد والصرف الترفي على السفريات والاجتماعات في الخارج.
وفي تعليقه على قرارات المجلس الاقتصادي- التي صادقت عليها الحكومة- قال رئيس المكتب التنفيذي للإصلاح بحضرموت البرلماني محسن باصرة: “كنت أتوقع من المجلس الاقتصادي الاعلى ومجلس الوزراء أن يقوما بتحسين الموارد من خلال إيجاد وسائل وإجراءات بديلة لبيع النفط الخام، وإيقاف الرسوم والضرائب التي تؤخذ بغير حق (في اعتراف ضمني بما تفرضه فصائل التحالف، والإصلاح أحدها، من جبايات ورسوم متعددة) وليست دستورية ولا قانونية سواء كانت رسوماً بين المحافظات أو رسوم ميازين أو رسوم حاويات ….الخ”.
وأضاف باصرة: كنا نتوقع أن يحسنوا الموارد بعصب بطونهم كسلطات تنفيذية وإيقاف الصرف الترفي الشهري لهم ولوزاراتهم، وإيقاف الصرافين غير المرخصين وهم بالمئات الذين يعبثون ويتلاعبون بسعر العملات، وأن يصدروا قرارات بتشغيل المطارات المعطلة لتحسين الموارد..
وفيما شدد البرلماني باصرة على ضرورة أن يقف البرلمانيون كسلطة تشريعية ورقابية مع كل ما من شأنه إلغاء هذه القرارات التي وصفها بـ “الظالمة” التي لا تمت للاقتصاد ولا الاقتصاديين بصلة. حسب تعبيره.. كان علي الجرادي رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح الموالي للتحالف، قد أكد في وقت سابق أن حكومة الرئاسي تمر بوضع اقتصادي صعب، لكنها تتجه نحو الإجراءات السهلة لها والمميتة للمجتمع.. مشيراً إلى تعمد الحكومة تغييب إجراءات مثل تقليص عدد السفارات ورواتب المسؤولين بالدولار ومكافحة الفساد”.
وفي سياق تنصل المسؤولين التنفيذيين في الحكومة عن مسؤولياتهم إزاء القرارات الجائرة بشأن رفع الأسعار؛ أصدر نائب محافظ عدن بدر معاون (المحسوب على الانتقالي) توجيهاً لرئيس هيئة النقل البري طالبه فيه بوقف الزيادة في الرسوم على شاحنات نقل البضائع في عدن.. مؤكداً أن القرار تسبب بإرباك عمل مؤسسة موانئ خليج عدن وما يترتب عليه من تبعات يتحملها المواطن.
الأهم أن مواقف الأمانة العامة للانتقالي أو المسؤولين التابعين له في المناصب التنفيذية لحكومة المناصفة (بين الانتقالي المدعوم إماراتياً من جهة، والإصلاح والمؤتمر والأحزاب الأخرى الموالية للتحالف من جهة ثانية)، لم تأتِ بهدف الانتصار للمواطن المغلوب وقدرته الشرائية المنهارة ومعاناته المعيشية، وإنما جاءت في سياق الاستعداد لمرحلة جديدة من الصراعات على مناصب خدمة التحالف، ولكنها هذه المرة تحاول تغليف مواقفها بمساندة الرفض الشعبي.