يمن ايكو
تقارير

📃 في ظل منطقتين اقتصاديتين خلقتهما الحرب في اليمن.. الأسعار مقياساً لحضور الدولة

تقرير خاص – يمن إيكو

تتعالى الأصوات حيال خطورة استمرار حالة الحرب والحصار في اليمن على الاقتصاد اليمني الذي شهد مساراً حاداً من الانحدار والتردي خلال ثماني سنوات من الحرب والحصار، غير أن الأخطر على الاقتصاد اليمني، وعلى 30 مليون نسمة، هو انقسامه بين منطقتين: منطقة حكومة صنعاء ويسكنها 75% من اليمنيين، ومنطقة حكومة المجلس الرئاسي ويسكنها 25% من اليمنيين.

عُمق تداعيات هذا المشهد وهذا الانقسام ومفارقاته بين المنطقتين- اللتين خلقتهما الحرب والحصار- لم تتكشف آثاره على حياة المواطنين اليمنيين إلا عندما تنفس اليمنيون الصعداء خلال أشهر الهدنة بين 2 إبريل و2 أكتوبر الماضيين، ومن خلال التفاوت الكبير والفجوة القائمة في أسعار السلع الأساسية والاستهلاكية التي صارت مقياساً حقيقياً لحضور المعنى الإجرائي والرقابي لمؤسسة الدولة.

ومن المهم عند الحديث عن حضور المؤسسات الرقابية للدولة في مناطق سيطرة التحالف ومناطق حكومة صنعاء، الأخذ في الاعتبار مسار الزمن الموصول بالأشهر الثمانية الأخيرة التي شهدت الهدنة الاقتصادية منذ 2 إبريل الماضي، والتي رغم جزئيتها من الحظر الشامل لميناء الحديدة، إلا أنه ترتب عليها مسارٌ قرن بالتحسن للأسعار في مناطق حكومة صنعاء، على عكس الصعود المستمر لأسعار السلع الأساسية والاستهلاكية في مناطق سيطرة التحالف والحكومة الموالية له.

ومن الناحية الإجرائية، فإن الغياب التام والصعود السعري المتسارع لكافة السلع الأساسية والاستهلاكية حتى مع عودة سعر الصرف من سقف 1750- 1200 ريال للدولار، ظل هو الانعكاس الحقيقي لغياب مؤسسات الدولة الرقابية على الأسواق في مناطق سيطرة التحالف، وبما يثبت صورة ذهنية للمشروع الذي أراده التحالف والمتمثل في اللادولة واللاقانون.

في مقابل ذلك، بدا الارتباط الوثيق لمسار التحسن والشفافية في قوائم أسعار السلع الاستهلاكية في المحال التجارية والمولات والأسواق المركزية، سمة واضحة في كافة مدن وأسواق حكومة صنعاء، وبشكل يعكس حضور مؤسسة الدولة، الرقابية والضابطة لمؤشر الأسعار في الأسواق.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، تجد في أسواق أمانة العاصمة قوائم الأسعار المعتمدة المحدثة من قبل مكاتب وزارة الصناعة والتجارة التابعة لحكومة صنعاء التي خاضت معركة مع تجار الجملة والتجزئة حتى إقرار تلك القوائم التي وجهت الحكومة بإشهارها، ووضعها أمام المستهلكين على أبواب المحال ومراكز التسوق والمولات التجارية وغيرها ومن المنشآت والتجمعات التجارية المختلفة.

وزارة الصناعة والتجارة بحكومة صنعاء، أصدرت في الرابع من ديسمبر الجاري لائحة سعرية مخفضة لأكثر من (54) صنفاً من السلع الغذائية الأساسية والاستهلاكية، محددة السقوف العليا لأسعار تلك السلع التي شملت منتجات القمح والدقيق والسمن والزيوت والأرز والأجبان والبقوليات، كما حددت سعر كيس القمح، عبوة50 كيلو جراماً للمستهلك بـ 15,100 ريال، وكيس الدقيق، عبوة50 كيلو جراماً، بـ 17,600 ريال.

هذه القوائم السعرية ليست الأولى بل هي المحدثة عن القوائم السعرية الصادرة في أواخر سبتمبر الماضي التي قضت بتعديل قائمة السقوف العليا لأسعار السلع الغذائية الأساسية والاستهلاكية، إلى الأفضل.. غير أن الأهم ليس تلك القوائم التي أقرتها الوزارة وقضت بإشهارها، بل في التزام المولات والأسواق والمحال التجارية بخفض الأسعار ومواءمتها مع مستوى ما تم خفضه من خدمات النقل وتدفق السلع الأساسية والاستهلاكية بعد تخفيف القيود والحظر التجاري على موانئ الحديدة.

خلاصة القول: إن المقارنة بين مؤشر أسعار السلع الأساسية والاستهلاكية في منطقتين اقتصاديتين خلقتهما سنوات الحرب والحصار في اليمن، لم يعد متكافئاً ومتقارب الكفتين، بفعل ما تشهده مناطق سيطرة التحالف من تردٍ في الخدمات وضياع واضح في المقدرات الموصولة بمؤسسات الدولة الرقابية، وخروج المنظومة السعرية عن معادلة الارتباط بسعر صرف الدولار، الذي رغم عودته من 1750 ريالاً للدولار، إلى ما دون الـ 1000 ريال مطلع 2022م إلا أن الأسعار لم تتراجع، وعندما عاود الارتفاع إلى 1200 ريال للدولار، واصلت الارتفاع معه لتدخل في فوضى سعرية تسير بلا حسيب ولا رقيب.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً