تقرير خاص – يمن إيكو
مع استمرار حالة الحرب والحصار في اليمن، تظل مؤشرات الأمن الغذائي تنذر بمزيد من اتساع رقعة الفقر، وحتمية الوصول إلى مجاعة قاتلة يقف خلفها التردي الاقتصادي والمعيشي، الناجم عن حرب وحصار التحالف بقيادة الرياض في اليمن، أفقر دول الشرق الأوسط حسب تصنيف ما قبل سنوات الحرب المدمرة.
ووصفت تقارير دولية ما شهدته اليمن من حرب وحصار للعام الثامن على التوالي من قبل التحالف الذي تقوده الرياض، بالكارثة الإنسانية غير المسبوقة في العالم، محذرة من أن استمرار حالة الحرب والحصار، سيضاعف مؤشرات الفقر والبطالة، ويظل عائقاً عصياً على المعالجات أيّا كانت بهدف تحقيق التعافي الاقتصادي.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي قالت في تصريحات اليوم السبت: “إن 19 مليون يمني من أصل 30 مليون فقدوا الأمن الغذائي، وأن اليمن بحاجة عاجلة لتحقيق التعافي الاقتصادي”.. مؤكدة أهمية ضمان استمرار الدعم الذي تتلقاه المنظمات العاملة في اليمن من المانحين والشركاء، لتتمكن من مواصلة أعمالها الإغاثية والإنسانية.
واستبعد مدير عمليات اللجنة مارتن شويب، الذي يزور اليمن حالياً- في مقطع فيديو نشره على حساب اللجنة في تويتر- إمكانية تحقيق التعافي الاقتصادي الكامل على المدى الطويل في اليمن، دون التوصل لحل سياسي ينهي الحرب.. مؤكدا أنه خلال زيارته لليمن قابل مزارعين ممن تعرضت مصادر رزقهم لأضرار بالغة خلال أعوام الحرب والحصار.
وأياً كان الهدف من إطلاق مارتن شويب لهذه الانطباعات القاتمة، خصوصاً وزيارته لليمن تأتي في سياق التحضيرات الأممية لعقد مؤتمر دولي لحشد الدعم الإنساني لليمن، من المقرر أن تستضيفه مدينة جنيف السويسرية في نوفمبر المقبل، فإنه من غير المنطقي تعويل اليمنيين على المنظمات الأممية والمدنية الدولية في حل مشكلة انعدام الغذاء، خصوصا وتلك المنظمات وبعد ثمان سنوات من الحرب، قد ترهلت بالفساد وغياب الشفافية، وتجاوزت نفقاتها التشغيلية 70% من مبالغ التمويل المقدم من المانحين للاستجابة الإنسانية في اليمن على حساب مشاريع الاستجابة الإنسانية، ناهيك عن أن إنفاق الـ30% المتبقية لا يذهب إلى مشاريع مستدامة تساهم بالقدر الممكن في إنتاج الغذاء.
الأهم في ما أشار إليه شويب من تداعيات الحرب الاقتصادية خلال الثمان السنوات، يتمثل في أنه كشف جانباً من تضرر مقومات أمن اليمن الغذائي، حيث تراجع الإنتاج الغذائي تحت تأثير القصف الذي طال المزارع والمنشآت الموصولة بالإنتاج الزراعي، فيما ساهم الحصار الشامل في خلق أزمة غذاء كبيرة عبر القيود المفروضة على الواردات عبر ميناء الحديدة، وهو الميناء الذي يمون أكثر من 75% من سكان اليمن بالوقود والغذاء والدواء.
المؤشر الخطير على ما يشكله استمرار حالة الحرب على الاقتصاد اليمني، يتمثل في تفويت الفرص العملية لإحداث نهضة إنتاجية يمكن أن تحققها اليمن، سواء في مناطق حكومة صنعاء، وذلك بسبب الحصار الذي يمنع مدخلات الإنتاج، ويعيق انسيابية وصول الوقود بتدفق آمن يغذي المشاريع الإنتاجية للغذاء، أو في مناطق سيطرة الحكومة الموالية للتحالف بسبب استمرار الصراع بين الفصائل الموالية للخارج، والتي ألقت بظلالها على مختلف الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والتجارية وبيئة الأعمال.
خلاصة القول: إن استمرار حالة الحرب والحصار في اليمن سيفاقم من أزمة انعدام الغذاء، خصوصا إذا ما أدركنا أن إحصاءات التقارير الدولية تشير إلى أن ستة من كل عشرة أشخاص في اليمن، يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما يعاني 3.5 مليون شخص من سوء التغذية الحاد، فيما معدل سوء التغذية بين النساء والأطفال، يعد من بين أعلى المعدلات في العالم، وسط توقعات بأن يقع 1.6 مليون شخص إضافي في البلاد في مستويات طارئة من الجوع، عام 2022م، وفقًا لوكالات الأمم المتحدة، وتبعاً لذلك لا جدوى من المؤتمرات الدولية للمانحين، والمساعدات والقروض، دون التوصل إلى حل سياسي يرفع الحصار عن الواردات ومدخلات الإنتاج.