تقرير خاص – يمن إيكو
بعد انتظار للإفصاح عن الأرقام التي اعتمدت عليها الحكومة الموالية للتحالف، في بناء مشروع الموازنة المالية العامة للدولة للعام 2022م، الذي كرس الانقسام المالي في البلاد، كشفت تقارير مالية صادرة عن البنك المركزي بعدن وأخرى عن وزارة المالية التابعة للحكومة الموالية للتحالف، عن تضارب واضح في الأرقام حول حقيقة الإيرادات والنفقات خلال العام الماضي.
وقدّر بيان مالي نشرته وكالة “سبأ” التابعة للحكومة الموالية للتحالف، عن وزارة المالية إجمالي إيرادات الموارد العامة للسنة المالية 2022 بمبلغ 3 تريليونات و243 مليار ريال، بزيادة عن العام الماضي 2021م بنحو 1086 وبنسبة 50%، وقدّر إجمالي النفقات بمبلغ 3 تريليونات و645 مليار ريال، وبعجزٍ في مشروع الموازنة قدر بمبلغ 401 مليار ريال.
وعلى النقيض من تلك التقديرات وبالمقارنة بين أرقام رسمية سابقة، أفاد تقرير مالي صادر عن البنك المركزي بعدن- نشره على موقعه الإلكتروني الرسمي- بأن إيرادات 2021م بلغت تريليوناً و96 مليار ريال فقط، في حين أنها بلغت وفق وزارة المالية تريليونين و157 مليار ريال، مقابل نفقات 3 تريليونات و112 مليار ريال، في حين أن تقرير البنك يقول إنها تريليون و628 ملياراً فقط.
المفارقة الأهم في تلك التناقضات في البيانات لا تتمثل في تأكيد البنك أن “أرقامه فعلية أولية”، وأن قطاعاً كبيراً من الإيرادات خارج سيطرته، فهذا أمر مفروغ منه، خصوصاً مع تعدد نوافذ وأبواب الفساد القائمة في تعددية الأطراف المسيطرة في مناطق التحالف على روافد الإيرادات، بقدر ما تؤكد عجز وفشل البنك واستحالة قدرته على استيعاب إيرادات النفط والغاز التي تذهب إلى أرصدة في البنوك السعودية.
وكتعبير واضح على المغالطات التي تنتهجها الحكومة الموالية للتحالف، أكد وزير ماليتها سالم بن بريك، أن إجمالي النفقات لا يتضمن أي منح أو قروض خارجية، وهو ما اعتبره مراقبون تناقضاً كبيراً ومفارقاً لواقع مجريات فساد الحكومة، وتبديدها المتعمد لأموال القروض والمنح وبشهادات دولية وأممية دمرت ما تبقى من ثقة المانحين بأداء الحكومة.
وكان المراقبون الاقتصاديون حذروا في أكثر من مقام توقف تفكير الحكومة عند انتظار الدعم الخارجي، فيما هي تبقى على حالها تنفق ذلك الدعم في السفريات والاجتماعات الخارجية ورواتب جيشها الكبير من الوزراء والنواب والمستشارين، وبما يصل إلى 7 ملايين دولار شهرياً، متنصلة عن مسؤوليات شرعيتها المزعومة كممثل لليمن المنهك تحت الحرب والحصار.
ولفت المراقبون إلى أن تقرير الحكومة الموصول بالموازنة ذاته أورد معلومات متناقضة بدون توضيح لها، حيث يقول التقرير بأن عائدات النفط والغاز خلال العام الماضي بلغت 397 مليار ريال فقط، إلا أنه يشير في فصل آخر إلى أن صادرات النفط والغاز خلال العام الماضي بلغت أكثر من مليار و400 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل نحو تريليون و400 مليار ريال.
ويرى المراقبون أن أرقام البنك نفسها مشكوك بصحتها، مؤكدين أن البنك المركزي بعدن لجأ من وقت مبكر إلى الاقتراض المحلي من القطاع الخاص اليمني، حيث اقترض في أواخر أكتوبر 2018م نحو 100 مليار ريال يمني من السوق المحلية لسد عجز الموازنة، وبحُجة عدم وجود السيولة الكافية، ليرتفع الدين العام (الداخلي والخارجي) المستحق على اليمن إلى قرابة 10 مليارات دولار نهاية 2021م، هذا غير الدين الداخلي المستحق على الحكومة والبنك للقطاع الخاص اليمني.
وكانت الحكومة أعلنت في منتصف أبريل الماضي عن تقديم موازنة العام 2022م بدون الإفصاح عن تفاصيلها أو نشرها على وسائل الإعلام، وهو ما اعتبره المراقبون غموضاً يعكس حالة من الارتباك والابتعاد الكامل عن معالجة المشكلات الاقتصادية والمعيشية عبر تكرار الرهان على الدعم الخارجي، والمغالطة بأرقام داخلية مهولة، لا تعكس سوى الفساد أو ذهاب الإيرادات إلى أرصدة خارجية.