تقرير خاص
يظل الريال اليمني مهدداً بمعاودة الانهيار في مناطق سيطرة التحالف وحكومة هادي، عقب التحسن الوهمي الذي حققه بناء على قرار تعيين إدارة جديدة للبنك المركزي بعدن، وتردد الأنباء عن وديعة سعودية جديدة، في حال لم تحصل أي إجراءات واقعية وإصلاحات حقيقية تتضمن حشد الموارد ومكافحة الفساد، إلى جانب التعجيل بالدعم المالي، لتغذية الاحتياطي لدى البنك المركزي بعدن من العملة الصعبة.
وتترقب حكومة هادي والقيادة المعينة حديثاً للبنك المركزي بعدن، وعود الدعم غير المحدد الذي تحدثت عنها الرباعية، والتي تضم أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات، لجهود الإصلاحات الاقتصادية، فيما تناقلت وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية أنباء عن موافقة بشكل مبدئي من قبل السعودية على وديعة جديدة للبنك المركزي بعدن، وفق اشتراطات معينة تتعلق بالالتزام بالشفافية، وحشد الموارد، وإصلاح الموازنة والحد من الهدر والفساد.
ويأتي الحديث عن الوديعة المشروطة ليؤكد الشكوك لدى الرباعية، بإمكانية إدارة هذه الوديعة بكفاءة، بعيداً عن الممارسات التي شابت عملية صرف الوديعة السعودية السابقة، وما اكتنفها من إجراءات تدخل في دائرة الفساد المالي وغسيل الأموال، بحسب ما أوردته تقارير دولية وأممية، أهمها تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للجنة العقوبات في مجلس الأمن الدولي، مطلع العام الجاري.
وفي مساعيها للتعجيل بالحصول على الوديعة السعودية الموعودة، تجري القيادة الجديدة للبنك المركزي بعدن، مباحثات مع الجانب السعودي، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام، مشيرة إلى اجتماع ضم الجانبين، الأربعاء، جرى فيه استعراض جملة من الاشتراطات التي التزمت بها حكومة هادي.
وقالت وسائل الإعلام إنه الاجتماع الذي ضم محافظ البنك المُعين من قبل هادي، أحمد غالب، مع مساعد وزير المالية السعودي عبدالعزيز الرشيد، تم فيه استعراض جملة من الإصلاحات المطلوب من حكومة هادي القيام بها لمعالجة الاختلالات وتعبئة الموارد ورفع كفاءة الإنفاق، إضافة إلى الإصلاحات التي المفترض على قيادة البنك المركزي بعدن القيام بها في المرحلة القادمة، والتي أهمها انتهاج مبادئ الشفافية والحوكمة في جميع أعماله وأنشطته، كما قدم المحافظ الجديد للبنك المركزي بعدن وعوداً للسعودية بتنفيذ اشتراطاتها، لاستعجال الحصول على الوديعة الموعود بها.
ويأتي ذلك- بحسب محللين- فيما لا تزال قدرة حكومة هادي على إنجاز التزاماتها المعلنة أمام السعودية والمانحين، محل شكوك، بعد تجربة مخيِّـبة للآمال، بشأن الإصلاحات الاقتصادية وتُحسين قدرات البنك المركزي بعدن لإدارة الدعم المالي الخارجي، سيما وأن الوعود بالإصلاحات المالية مسألة قديمة، ترافقت مع انهيار سعر العملة المحلية عام 2018، والذي أعقبه حصول البنك المركزي بعدن على وديعة سعودية مقدارها مليارا دولار، إلا أن حكومة هادي، لم تنفذ أياً من تلك الوعود، متعمدةً حماية مصالحها القائمة على الفساد، بحسب مراقبين.
وكانت السعودية قدمت وديعة، في مارس 2018، بقيمة 2.2 مليار دولار، ودعم وقود الكهرباء بنحو 180 مليون دولار، لكن الرياض أبدت عدم رضاها عن أداء حكومة هادي في ما يخص الدعم الذي تسلمته، وعدم توجيهه لإنعاش الاقتصاد، حيث لم تنفذ أي اشتراطات سابقة في هذا الصدد قدمتها الجهات الدولية الفاعلة وبينها البنك وصندوق النقد الدوليان، تتعلق بـ “الالتزام بالشفافية، وحشد الموارد، وإصلاح الموازنة والحد من الهدر والفساد والتدخلات المسيسة”.
وتعكس الاشتراطات السعودية الأخيرة على حكومة هادي مقابل الحصول على وديعة جديدة، حالة عدم الثقة التي تتسم بها هذه الحكومة والبنك الخاضع لها، وكذا حالة العجز والفشل التي اكتنفت عملها في ما يخص تحسين قدرات المؤسسات الاقتصادية والجهات الإيرادية، وما اشتهرت به من الفساد وغياب الشفافية في صرف الأموال، وانعدام المساءلة، رغم قضايا الفساد التي تكشفت تباعاً خلال السنوات الماضية.
ومهما تكن الوعود والتعهدات التي ستتقدم بها الإدارة الجديدة للبنك المركزي بعدن، بتنفيذ الاشتراطات السعودية، إلا أن ثمة شرطاً أساسياً للحصول على الوديعة الموعودة، لن يكون بيد هذه الإدارة الوفاء به، وهو الشرط الذي يخص تنفيذ اتفاق الرياض، المتعثر منذ نوفمبر 2019، حيث تشير المعلومات إلى أن السعودية اشترطت تنفيذ بنود اتفاق الرياض الموقع بين حكومة هادي والانتقالي المدعوم إماراتياً، والذي لا يزال حبراً على ورق، رغم مضي أكثر من سنتين على توقيعه.
وبدون تنفيذ حكومة هادي لالتزاماتها، وتنفيذ اتفاق الرياض، ستستمر مماطلة السعودية وأي جهة مانحة أخرى في عدم تقديم تمويل لحكومة هادي، الأمر الذي ينذر بعودة قريبة لحالة الانهيار في سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.