تقرير خاص
أعادت الحكومة في صنعاء تذكير الأمم المتحدة باتفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل للخزان العائم صافر، بحلول السنوية الأولى لتوقيع الاتفاق في 25 نوفمبر 2020م.
وذكرت الوكالة الرسمية للحكومة “سبأ”، أن رئيس اللجنة الإشرافية لتنفيذ الاتفاق، إبراهيم السراجي، جدد، الخميس، الدعوة للأمم المتحدة إلى العودة للاتفاق والإسراع في اتخاذ خطوات عاجلة لتنفيذ بنوده، منعاً لحدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر، يمكن أن تحدث في أي لحظة.
وقال السراجي، لمنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لدى اليمن، وليام ديفيد جريسلي”إن الوقت لم يعد يحتمل المزيد من التأخير، بعد مضي أكثر من عام على توقيع الاتفاق”، فيما أكد المسؤول الأممي، أنه سيعمل على تصويب المسار لإيجاد حلول مناسبة، فيما يتعلق بالصيانة والتقييم للخزان النفطي العائم، وفقاً للوكالة.
ولا يزال خزان صافر العائم قبالة سواحل الحديدة، يقرع أجراس الخطر من كارثة تسرب نفطي قد تلحق بالبيئة البحرية والمجتمعات السواحلية اليمنية أضراراً كبيرة، وقد تطاول هذه الأضرار عدداً من الدول المطلة على ضفتيه الشرقية والغربية.
وأكدت صنعاء، أن “التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، هو من تعمّد إيصال الخزان العائم صافر إلى الحالة المتدهورة التي هو عليها الآن، بهدف استخدامه كورقة حرب”.
وكشف السراجي للصحافيين بصنعاء، في الحادي عشر من الشهر الجاري، الأدلة المادية الموثقة التي تؤكد أن التحالف والأمم المتحدة هما من عرقلا تنفيذ الاتفاق المبرم قبل عام منذ الآن، بهدف صيانة عاجلة وتقييم شامل للخزان المتدهور.
وقال السراجي: منع التحالف وصول سفينة المازوت المخصص للسفينة، كانت حكومته قد استوردته لغرض التشغيل، لكنها احتجزت على بعد عشرين ميلاً من خزان صافر وبقرار رسمي أصدره التحالف في 8 يونيو 2016م، وبإيعازه قبل ذلك لشركة صافر في مارب، الخاضعة لحكومة هادي، بخفض طاقم السفينة من 700 فني ومهندس وعامل إلى 7 موظفين.
وأضاف: “رفضت الأمم المتحدة خلال النقاشات حول صيانة وتقييم الخزان أن تقدم القطع اللازمة للصيانة، بحُجة عدم وجود ميزانية كافية”.
وتابع: “ميزانية مشروع الصيانة والتقييم تزيد عن تسعة ملايين دولار، لكن بعد ثلاثة أشهر من توقيع الاتفاق قال المتحدث باسم الأمين العام إن الأمم المتحدة قد أنفقت ثلاثة ملايين ونصف مليون دولار في مسار تنفيذ هذا الاتفاق، الذي لم يُرَ من بنوده سوى النقاشات عبر الإنترنت!”.
واتهم السراجي الأمم المتحدة والتحالف وبريطانيا بتمويل حملات إعلامية لتقديم رواية زائفة عن الواقع، بخصوص أوضاع الخزان العائم.
وتُعدّ “صافر” منصة عائمة في البحر، كانت تستخدم لتصدير النفط اليمني إلى الخارج، وهناك أنبوب يأتي من مارب إلى الحديدة يقوم بضخ النفط الخام اليمني إلى هذه السفينة التي تتسع لأكثر من أربعة ملايين برميل من النفط الخام، ثم تأتي السفن الخارجية بحسب تعاقد الدولة مع الجهات التي تشتري النفط اليمني، من سفينة صافر العملاقة، والتي يصل طاقمها في الظروف الطبيعية إلى سبعمائة شخص من الفنيين والمهندسين وغيرهم بشتى التخصصات، وكان وجودهم ضرورياً من أجل استدامة عمل هذه السفينة التي تحتاج إلى صيانة دورية وبشكل شامل تتم كل عام.
وهناك تقرير للأمم المتحدة تحدث بشكل صريح بأن الصيانة الدورية منعت عن السفينة منذ بدء الحرب في 2015م، حيث تصدى التحالف السعودي الإماراتي لمحاولات وصول فرق الصيانة إلى الخزان، وتفريغ النفط المتواجد فيه، والمقدر بنحو مليون و200 ألف برميل من النفط الخام.
ومنذ عام 2017 تصاعدت التصريحات الدولية، بما في ذلك التصريحات من مجلس الأمن، محذرةً من خطورة وضعية سفينة صافر، رغم معرفته أن التحالف هو من منع أو من أوصل السفينة إلى هذا الوضع المتدهور.
وإزاء ذلك بادرت صنعاء، قبل أي طرف آخر، في طرح مبادرات ومقترحات لتفادي الكارثة البيئية المحتملة عن تسرب النفط من الناقلة النفطية الموقوفة لسنوات من قبل التحالف، في البحر الأحمر.
كان أهم ما شددت عليه صنعاء هو استغلال المخزون النفطي في السفينة لصالح تلبية قضايا عالقة، منها الرواتب المتوقفة عن أكثر من مليون موظف في القطاع الحكومي والمختلط منذ سبتمبر2016، نتيجة قرار التحالف وحكومة هادي نقل البنك المركزي إلى عدن.
ولم تتوقف مبادرات صنعاء في هذا الاتجاه، رغم الرفض والتعنت المتواصل الذي يبديه الطرف الآخر، ورغم التواطؤ الدولي أيضاً، ففي 2017 أطلقت صنعاء مبادرة الرئيس السابق للمجلس السياسي، صالح الصماد، تمنح الأمم المتحدة دوراً للعمل على السماح بتصدير المخزون النفطي بالخزان وبيعه مقابل أدوية للشعب اليمني.
وفي نوفمبر 2018، طالبت صنعاء الأمم المتحدة بالضغط على التحالف السعودي الإماراتي، من أجل السماح باستخدام نفط خزان صافر لتوليد الطاقة الكهربائية للمدن اليمنية، من أجل التخفيف من الأوضاع الإنسانية، وتجنب الكارثة البيئية التي قد يتسبب بها أي تسرب للخزان المتهالك.
ودعت صنعاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن، في مايو 2019، إلى “وضع آلية تقوم على بيع النفط الخام اليمني، ومنه نفط خزان صافر مقابل توفير واستيراد البترول والديزل والغاز المنزلي، وإعادة ما يتم بيعه إلى بنكي صنعاء وعدن لصرف مرتبات الموظفين التابعين لنطاق سيطرتهما”.
في نوفمبر 2020، وقعت صنعاء مع الأمم المتحدة على اتفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل للخزان العائم، وبقيت خطوة واحدة، يفترض أن تقوم بها الأمم المتحدة تتمثل في مباشرة تنفيذ الاتفاق الذي صاغته بنفسها، وحددت بموجبه الأعمال التي سيتم القيام بها للتنفيذ.
لكن، إلى الآن، ليس هناك ما يشير إلى جدية الموقف الأممي بالتعاطي إيجابياً مع الاتفاق بشأن سرعة الوصول إلى الناقلة صافر، فالأمم المتحدة لم تنجز بشكل عملي وعودها السابقة، الأمر الذي يجعل من ساحة صنعاء بعيدة عن أي مسببات لتأجيل وصول الخبراء، ويبطل اتهامات موجهة للأخيرة من طرف التحالف وحكومة هادي.
وفي الواقع، يحتاج اليمن- في حال وقوع التسرب أو الانفجار للناقلة النفطية صافر- إلى معالجة أضرار كارثة تلوث بحري لفترة طويلة من الزمن قد تزيد عن 30 سنة مقبلة.
ووفق تقديرات الخبراء، فإن من بين الخسائر الاقتصادية المحتملة أن 126 ألف صياد يمني سيفقدون مصدر الدخل بمناطق الصيد اليدوي، كما سيفقد 67 ألفاً و800 صياد في محافظة الحديدة مصدر الدخل الوحيد.