تقرير خاص
تواصل إدارة البنك المركزي بعدن التخبط في سياساتها النقدية، وإجراءاتها التي لا تزال جميعها تثبت فشل هذه الإدارة في وقف الانهيار المستمر في سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، مقترباً من حاجز الـ 1500 ريال، الأمر الذي انعكس بصورة كارثية على الوضع المعيشي لملايين السكان في عدن وغيرها من المحافظات الخاضعة لسيطرة حكومة هادي والتحالف.
كان آخر الإجراءات التي أقرها البنك المركزي بعدن، هو الإعلان عن مزاد علني لبيع العملات الأجنبية، والذي جاء بحسب إعلان البنك، بهدف مواجهة اضطرابات العمل بسوق النقد وتخفيف الضغط على شراء العملات الصعبة من السوق، في إطار حزمة من الإجراءات السابقة التي جاءت تحت مسمى معالجات لتحسين سعر الصرف للعملة المحلية، التي تواصل انهيارها بشكل متسارع منذ مطلع العام الجاري، وازدادت حدة هذا الانهيار خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
جملة من الإجراءات والخطوات اتبعتها حكومة هادي والبنك المركزي بعدن في هذا الإطار، خلال الأشهر الماضية، إلا أن أياً من تلك الإجراءات لم تفلح في وقف انهيار العملة، فضلاً عن تسبب كل إجراء يتم اتخاذه بمزيد من الانهيار، الأمر الذي دفع بمحللين وخبراء اقتصاد إلى اعتبار الإجراء الجديد المتمثل في المزاد العلني لبيع العملات الأجنبية، لا يختلف عن ما سبقه من الإجراءات التي ثبت فشلها، أو أسهمت في تصعيد الأزمة.
وأعلن البنك المركزي في عدن، الثلاثاء، عن المزاد العلني لبيع العملة الأجنبية متحولاً إلى محل صرافة بأسعار السوق.
وجاء في البيان الصادر عن البنك، أنه سيقوم يوم الأربعاء الموافق 10 نوفمبر 2021 بفتح مزاد لبيع 15 مليون دولار أمريكي، وبنقص 50 ريالاً عن سعر البيع في السوق السوداء، التي يباع فيها الدولار بـ 1490 ريالاً، بحسب أسعار الصرف الثلاثاء.
وأوضح البيان أن تقديم العطاءات سيتم باستخدام منصة Refinitiv الإلكترونية، أما البنوك التي ليس لديها اشتراك على المنصة، فسيقوم البنك بتقديم العطاءات نيابة عنها بناء على طلب رسمي مقدم إلى البنك المركزي عبر البريد الإلكتروني المخصص لهذا الغرض خلال فترة المزاد.
خبراء اقتصاد ومصرفيون، هاجموا الإجراء الجديد الذي اتبعه البنك المركزي بعدن، مؤكدين أنه لا يمكن أن يقدم حلاً للانهيار المستمر في سعر العملة، بل على العكس من ذلك، إذ تحول البنك بموجب هذا الإجراء إلى أكبر المضاربين بالعملة في السوق، وبطريقة رسمية.
وأضافوا أن بدء البنك طرح المزاد بسعر صرف مقارب لسعر الصرف في السوق السوداء، هو إقرار رسمي لهذا السعر، وانسياق من البنك وراء المضاربين بالعملة، الذين فرضوا سوقاً سوداء كان المفترض بالبنك أن يكافحها، لا أن ينساق إليها.
مهتمون بالشأن الاقتصادي والمصرفي، علقوا على قرار البنك المركزي بعدن، طرح مزاد لبيع العملات الأجنبية، بالقول إن البنك بهذا الإجراء قد تحول إلى منشأة صرافة، شأنه في ذلك شأن البنوك التجارية، وهو ما يعني إقرار البنك بفقدان واحدة من أهم وظائفه الرئيسية، والمتمثلة بالرقابة والإشراف على السوق المصرفية وضبطها ومنع أي تلاعب من شأنه أن يلحق ضرراً بالعملة الوطنية.
وبالنظر إلى تأثيرات وانعكاسات قرار البنك المركزي بعدن طرح المزاد لبيع العملات الأجنبية للبنوك التجارية والتجار، وخاصة لعمليات الاستيراد، يؤكد الاقتصاديون أن ذلك سيرفع أسعار السلع ويصعّد موجة الغلاء التي تجتاح الأسواق في المحافظات اليمنية الجنوبية، سيما وأن البنك قد حدد سعر البدء للمزاد بقيمة 1447، وهو ما يعني أن السعر الذي سيتم به إرساء المزاد سيكون أعلى من ذلك، وهو الأمر الذي سينعكس على أسعار السلع في السوق، حيث أن التاجر الذي رسا عليه المزاد بسعر مرتفع للدولار يقارب سعر السوق السوداء وقد يفوقه، سيبدأ من لحظته ببيع السلع والمواد حتى المخزنة لديه منذ فترات سابقة، ناهيك عن ما سيستورده، بما يقابل هذا السعر الذي رسا عليه المزاد، ما يعني أن تأثيرات هذا القرار ستنعكس بشكل سلبي على حياة المواطن وبصورة مباشرة.
ويشير الاقتصاديون إلى أن أي إجراء أو خطوة يقدم عليها البنك في ظل الانهيار الحاصل للعملة، يجب أن يضع حياة المواطن ووضعه المعيشي فوق أي اعتبار آخر، وهو ما يعني أن أي حل تقدمه حكومة هادي والسلطة المالية التابعة لها، يفترض أن يسهم في انخفاض أسعار المواد الغذائية بدرجة أساس، وهو ما يتناقض تماماً مع آلية بيع العملات الأجنبية بالمزاد التي اعتمدها البنك المركزي بعدن.