تقرير خاص-يمن ايكو
أقرت السلطات في صنعاء، حظر تداول العملة فئة “1000 ريال” طبعة جديدة مشابهة للعملة القديمة، قالت إن حكومة هادي في عدن بدأت ضخ نحو 400 مليار ريال من هذه الفئة المزورة إلى السوق.
لم تعلق حكومة هادي على قرار صنعاء حتى كتابة هذا التقرير، لكن مراقبين قالوا إن صنعاء استبقت هذه المرة محاولة استهداف الوضع المصرفي والاقتصادي في نطاق سيطرتها، والذي يتسم بالاستقرار خلافاً لمظاهر الانهيار المتواصل في قيمة العملة والفوضى المصرفية المشهودة في عدن وبقية المحافظات تحت سيطرة التحالف وحكومة هادي.
وتنظر صنعاء إلى قيام حكومة هادي بطباعة العملة القديمة، في سياق استمرار مخطط حرب اقتصادية يشنها التحالف منذ ما بعد مارس 2015، وتقول إنه يشترك في رسم اتجاهات وأدوات هذه الحرب، الأمريكيون والبريطانيون. مذكّرة “بتهديد السفير الأمريكي لفريقها المفاوض في الكويت، بداية عام 2016، بأن العملة في اليمن ستصل إلى مستوى لا تساوي قيمة الحبر الذي طُبعت به”.
ومثّل الاستيلاء على واحدة من أهم أدوات السياسة النقدية وهي أداة طباعة العملة، أخطر مؤامرات التحالف وشركائه المحليين والدوليين، حسبما أكد محافظ البنك المركزي في صنعاء، هاشم إسماعيل، للصحافيين الأربعاء. وقال: “تم استخدام أداة الطباعة وفق مخطط متعمد لتدمير العملة، ولم تتم عملية الطباعة في السياق المهني كأداة من أدوات السياسة النقدية، وإنما استُخدمت كسلاح مدمِّر إلى جانب الأسلحة العسكرية”.
يربط إسماعيل بين تصعيد التحالف اقتصادياً، وتقهقره عسكرياً وحتى سياسياً. فالحرب الاقتصادية بدأت مع بداية الحرب العسكرية، لكن كانت تتغير الأساليب والأدوات وكذلك القطاعات المستهدفة بين حين وآخر، وكان هذا التغير هو تبعاً لظروف وطبيعة موقف التحالف وشركائه المحليين والدوليين في الجانب العسكري والسياسي”.
والجديد في هذه الحرب ما أقدمت عليه حكومة هادي في عدن من طباعة العملة القديمة فئة 1000 المشابهة لفئة 1000 المتداولة في صنعاء، وبهدف الضغط على الكتلة النقدية في المحافظات تحت سيطرة الأخيرة. لكن قرار حظر التداول لهذه الفئة من العملة، سينقل المعركة إلى عدن، وسيجعلها- حسب إسماعيل- في مواجهة الأثر المتوقع أضعافاً على سعر العملة الآخذة بالانهيار في حدود قياسية.
ومن شأن إعادة طباعة العملة القديمة، أن تُسهم بالمزيد من التأزم الاقتصادي، وسيدفع ثمنها القطاع المصرفي والمواطن اليمني، وفق تعبير رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر. بينما وصفها الاقتصادي توفيق صالح بأنها ” دوامة جديدة من الحرب الاقتصادية في البلاد أكثر من السابق”.
وتسببت عملية طباعة فئات نقدية جديدة، من طرف حكومة هادي، بانقسام العملة الوطنية بين عدن وصنعاء، ففي ديسمبر 2019 قررت الأخيرة حظر تداول الفئات النقدية من العملة المطبوعة القادمة من عدن. ونجح القرار في الحفاظ على استقرار نسبي لسعر الصرف في السوق المصرفية إلى اليوم.
وفي السياق، كشفت صنعاء، أن حجم العقود المعلنة بلغ حتى نهاية عام 2018 مبلغ تريليون وسبعمائة وعشرين ملياراً، وأن جميع هذه المبالغ وصلت إلى البنك المركزي بعدن على دفعات متفرقة خلال الأعوام 2017 و2018و2019. كما قام البنك بتوقيع عقد سري لم يفصح عنه إلى الآن بمبلغ تريليونين، وهو من فئة خمسة آلاف ريال فئة جديدة، تم توقيعها من قبل منصر القعيطي في عام 2017 ولا زال التخطيط مستمراً لكيفية إصدار هذا المبلغ وضخه في السوق.
ووقع البنك المركزي بعدن عقداً جديداً بمبلغ 600 مليار ريال في عام 2019 وقد وصلت جميع هذه المبالغ إلى البنك على دفعات متفرقة خلال الأعوام 2019 و2020و2021. ومؤخراً قام البنك بتوقيع عقد جديد بمبلغ تريليون ريال يمني وقعه شكيب حبيشي في عام 2020 كان من ضمنه مبلغ 400 مليار من الفئة (1000) التي تعتبرها صنعاء مزورة.
وانتقد مصطفى نصر مواصلة طباعة نقدية جديدة. وقال في تصريحات صحافية، إن “التبعات الخطيرة لذلك تتحمل مسؤوليتها حكومة هادي والبنك المركزي بعدن الذي يغطي نفقاته من مصدر تضخمي عبر طباعة مزيد من النقود بدلًا من حشد الموارد واستغلال كافة الإمكانات للحصول على النقد الأجنبي لتلبية احتياجات السوق”.
واعتبر نصر تراجع سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية في مناطق سيطرة حكومة هادي، ناجماً في الأساس عن مضاربة بالعملة وفساد، وليس طلباً حقيقياً لها، وأضاف: “الحكومة تتحمل بدرجة رئيسية هذا الوضع المختل، وهي مطالبة بأن تعمل على إعادة سعر الريال إلى ما دون 600 ريال للدولار الواحد كأقل تقدير”.
وتوصف المناطق تحت سيطرة التحالف وحكومة هادي، بالمناطق الملتهبة، بالنظر الى اتساع مساحة التذمر الشعبي جراء استمرار الانهيار المتزايد للعملة وتدهور الوضع المعيشي والاقتصادي لغالبية المواطنين، بالإضافة إلى تردي وغياب الخدمات الأساسية.
ومنذ أسابيع تشهد عدن وتعز ولحج وحضرموت وغيرها من المحافظات الجنوبية، احتجاجات رافضة للإجراءات والسياسات التي أدت إلى انهيار العملة، والتدهور المعيشي والاقتصادي في البلاد.
وبفقدان السيطرة على القطاع المصرفي واقتراب الدولار الأمريكي من حاجز الـ 1000ريال، وبالتزامن مع إغراق السوق بدفعة جديدة من العملة المطبوعة، سيجد المواطنون في نطاق سيطرة التحالف وحكومة هادي، أنفسهم أمام مواجهة حاسمة تتعلق بمصائرهم في العيش والحصول على أبسط حاجياته. ما يعني لجوء الكثير منهم إلى الاحتجاجات والتظاهرات، الأمر الذي سيفاقم من مظاهر الانفلات التي تشهدها الأوضاع في تلك المناطق، ويضع التحالف والحكومة في قلب العاصفة.