يمن ايكو
تقارير

📃 تعطيل الموانئ وفرض القيود على الواردات كأحد أسباب غلاء المعيشة في اليمن

تقرير خاص-يمن ايكو
وسط ما وصفتها الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية، قفزت أسعار الغذاء في اليمن إلى مستويات قياسية، الأمر الذي ألقى بتأثيراته على حياة أكثر من 30 ميلوناً، هم سكان البلد الذي يعاني حرباً متواصلة وحظراً على الواردات للعام السابع توالياً.

تسهم الأوضاع التي تعاني منها الموانئ اليمنية، بطريقة مباشرة، في ارتفاع أسعار المواد الأساسية التي تستوردها البلاد، والخدمات المتأتية منها، وذلك نتيجة الكُلفات الإضافية على هذه المواد، نتيجة لإجراءات التحالف المتضمنة فرض القيود على الواردات إلى اليمن، وإجراءات التفتيش ورسوم التأخير عن احتجاز السفن لأشهر طويلة، يضاف إلى ذلك إغلاق عدد من الموانئ اليمنية في وجه الملاحة، في حين ترك المتبقي منها تعمل بصورة جزئية وبالحد الأدنى من قدرتها التشغيلية، الأمر الذي يحول دون انسياب الحركة للسفن وتأخرها بانتظار الرسو وأعمال التفريغ لأيام، وكذا ما تفرضه شركات التأمين من مبالغ باهظة لتأمين السفن المتوجهة إلى الموانئ اليمنية، باعتبار اليمن منطقة حرب.

وفي خضم التردي الاقتصادي والانهيار الحاصل في سعر العملة اليمنية، مقابل العملات الأجنبية، تردت الحياة المعيشية لحياة ملايين المواطنين في عموم البلاد، واجتاحت موجة الغلاء كافة السلع والخدمات التي يحتاجها الناس في معيشتهم، وغدت ملايين الأسر عاجزة عن الإيفاء بالمتطلبات الأساسية لأفرادها.

وفي التقصي وراء تفاصيل المسببات المباشرة لغلاء المعيشة، بالإضافة إلى التردي الاقتصادي الحاصل، نجد على رأس تلك المسببات، القيود التي يفرضها التحالف على دخول الواردات إلى البلاد، ومنع دخول السفن إلى ميناء الحديدة، الذي يُعدّ المنفذ الرئيس لدخول الواردات التي تغطي حاجة حوالي 70% من اليمنيين، وكذا تعطيل الكثير من الموانئ على امتداد السواحل اليمنية، بالإضافة إلى تردي الأعمال الملاحية في الموانئ التي لا تزال تعمل بشكل جزئي نتيجة لتدهور بنيتها الأساسية ومعداتها، وعدم تنفيذ أي أعمال صيانة أو إصلاح في هذه الموانئ، كما هو الحال مع ميناءي عدن والمكلا، اللذين يعدان من أهم الموانئ اليمنية.

وفي تقرير سابق له، أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن من العوامل المساهمة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في اليمن التكلفة الإضافية للاستيراد عبر الموانئ البحرية، حيث أن الأضرار الناجمة عن الحرب وسنوات من الإهمال، كان تأثيراً سلبياً ملحوظاً على البنية التحتية للموانئ ومعداتها، مما تسبب بزيادة الازدحام وفترات الانتظار قبل أن تتمكن السفن من الرسو، بالإضافة إلى ما تفرضه شركات التأمين على السفن التي تصل إلى الموانئ والمحطات اليمنية من تأمين “مخاطر الحرب”، بحيث أن أعلى نسبة تأمين “مخاطر الحرب” هي في ميناء عدن.

وأضاف البرنامج في تقريره أن “الازدحام، ومبالغ التأمين الإضافية، وعمليات التفتيش، جميعها تتسبب في إضافة تكاليف إضافية على المستوردين، بما يقرب من ضعف سعر الشحن لكل حاوية، ويتم تحميل تلك التكاليف الإضافية بشكل مباشر على المستهلك اليمني في الأسواق والبقالات والمتاجر، وهي تكلفة لا يستطيع تحملها سوى القليل من اليمنيين”.

واحتلت اليمن المرتبة السابعة عربياً والـ 57 عالمياً في قائمة أغلى الدول بحسب تكاليف المعيشة، حسب مؤشر التكلفة المعيشية لموقع نمبو (numbeo.com)، الذي يقيس نسبياً أسعار السلع الاستهلاكية، بما في ذلك مواد البقالة والمطاعم وخدمات النقل والمرافق، مقابل القدرة الشرائية لسكان الدولة.

ويصنف مؤشر نمبو numbeo.com) ) التكلفة المعيشية في 138 دولة حول العالم. وعلى المستوى العربي احتل لبنان المرتبة الأولى من ناحية التكلفة المعيشية ووصل ترتيبها إلى الـ 23 عالمياً. تليها قطر في المرتبة 34 عالمياً، وجاءت بعدها الإمارات في المرتبة 36 وفي المرتبة الرابعة البحرين بترتيب 40 عالمياً، وخامساً الأراضي الفلسطينية في المرتبة 43، وسادساً الأردن في المرتبة 54 عالمياً، ثم اليمن في المرتبة 57 على مستوى العالم.

وفيما تُعدّ الحرب التي تشهدها البلاد للعام السابع على التوالي، السبب الرئيس في غلاء المعيشة في اليمن إلى مستويات قياسية، يرى مراقبون أن الحرب الاقتصادية التي تدور بموازاة العمليات العسكرية، والمتمثلة في استخدام الاقتصاد كورقة حرب، كان لها بالغ الأثر في الارتفاع الكبير لأسعار السلع والخدمات وانعدامها في بعض الأحيان، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على حياة السكان، وأدى إلى تراجع المستوى المعيشي للملايين منهم، فيما دفع بآخرين إلى قعر المجاعة.

وتتضاعف التأثيرات المترتبة على غلاء المعيشة في اليمن، في ظل التردي الاقتصادي الذي أفرزته الحرب، وإهدار موارد الدولة وثرواتها، ولا سيما الثروات النفطية والغازية، التي كانت تغطي ما يقارب 80% من الموازنة العامة للدولة، التي تذهب إلى حسابات أشخاص وكيانات محددة، خارج الخزينة العامة للدولة، وكذا السياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة التي كان من نتائجها انهيار سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وتراجع القيمة الشرائية للريال اليمني مقابل السلع والخدمات إلى مستويات غير مسبوقة.

مواضيع ذات صلة

أترك تعليقاً