عمر آل صياح*
“الاستعداد للحرب هي أفضل طريقة لضمان السلم”
جورج واشنطن
عندما ننظر للفكر الأميركي نرى أنه منذ نشأته وهو قائم على أساس الحرب ، وهذا ضماناً لبقائها لا أكثر ، ربما قد تغير شكل الحرب إلا أنها بنهاية حرب ، فقد تأسست الولايات بعد حرب مع بريطانيا ، وقد تربعت على عرش العالم بعد حرب دامية مع اليابان انتهت بقنبلتين هزت كيان العالم ، وقد حافظت على مجدها طوال أعوام بحرب باردة مع السوفييت ، ثم آمنت أن الحرب العسكرية قد تستنزفها لذا عليها بحرب أقل تكلفة وهنا انتقلت إلى الحرب التي تبدو بحلتها من بعيد راقية، في الحقيقة لا يمكن أن ننكر أن الولايات تعلم ان بقائها يكون بالحرب، وحتى هذه اللحظة الولايات تستعد للحرب باختلاف نوعها و شكلها وذلك لكي تضمن السلام.
آخر التطورات الفنية
تداول النفط الخام في الأسبوع الماضي بارتفاع نحو 3% وسطياً ، وهذا بعد ان أنهى موجته السعرية الرابعة الهابطة ، وهذا ما يجعله في الوقت الحالي بصراع مع بقاءه ضمن الموجة الخامسة الصاعدة.
آخر الأخبار وأثرها على السعر
“المتداول البارع هو المتداول القادر على ربط الأفكار ببعضها البعض”
توم وليامز
ينتظر النفط اليوم مجموعة من أهم الأخبار التي قد يكون لها أثر على سعره ، والتي قد يمتد أثرها على بقية الأسواق ككل.
النفط بانتظار:
1.مخزون النفط الأميركي الخام وهو على علاقة عكسية مع سعر النفط وطردية مع سعر الذهب
2.الناتج الإجمالي المحلي للربع الثاني
ننوه أن هذه الأخبار تستغرق حوالي 12 ساعة حتى يبدو أثرها على السوق
لماذا كل هذه الأهمية للنفط؟
“التفكير هو الطريق ، حتى أن التفكير أهم تماماً من الأداة بذاتها”
تعود أهمية النفط في الأسواق لكونه المحرك الأساسي لكل اقتصاد ، فإذا اردنا على اقل تقدير تبرير أهمية النفط يكفي أن نقول أنه محرك الحروب ، وإذا أردنا التفكير بطريقة أكثر رقياً وهذه الطريقة التي أرى أنها مناسبة للمتداول الذي يبحث عن اقتناص الفرصة نقول أنه النفط مهم لأنه:
1.يعكس بأخباره واقع الاقتصاد الأميركي
- يعكس بأخباره قوة و ضعف الدولار و منه يؤثر على جميع السلع المسعرة بالدولار
أهم القواعد:
1.إن انخفاض المخزون مع وجود استيراد دلالة على قوة الاقتصاد ، وزيادة النشاط الاقتصادي
2.إن انخفاض المخزون المتكرر، مع عدم وجود قدرة على تغطية هذا الاستيراد ، وهذا يحدث في الوقت الحالي فإن هذا يدل على علائم ركود تضخمي قد تقع به الولايات المتحدة وهذا يجعل سعر النفط بارتفاع مستمر ، و يقود أسعار السلع التحوطية على ارتفاع.
الناتج الإجمالي المحلي للربع الأول وأثره على الأسواق
إن الناتج الإجمالي المحلي يعبر عن القيمة الحقيقة للسلع و الخدمات التي أنتجتها الولايات خلال فترة زمنية معينة ، وهو يعد دليل على مدى نشاط الاقتصاد ، والمعاملة معه تنص على القواعد التالية:
1.إن ارتفاع الناتج المحلي أكثر من المتوقع تعني تحسن الاقتصاد ومنه انتعاش الدولار
2.إن ارتفاعه أقل من المتوقع تعني بقاء الاقتصاد على حاله
3.إن انخفاضه أقل من المتوقع أو انخفاضه بنسبة تقدر بحوالي 2% إلى 5% تعني أن علائم الركود بدت واضحة
4.إن انخفاض الناتج أو بقائه على حاله أو ارتفاع ضئيل ( 0.1%) ، مع انخفاض المخزون علامة واضحة على ضعف الاقتصاد الأميركي ، وهذا يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للدولار
المخزون الأميركي للنفط الخام وأثره على الأسواق
“يجب على كل من يريد أن يعرف ما سيحدث أن يفحص ما حدث ، كل شيء في هذا العالم وفي أي حقبة له نسخته المقلدة في العصور القديمة”
ميكافيللي
قصة سريعة
عندما قطع الملك الفيصل النفط عن الولايات المتحدة ، بتاريخ 15 أكتوبر 1973 ، أتت بعدها الزيارة الأولى لريتشارد نيكسون للسعودية و كان أول رئيس أميركي يزور السعودية وذلك عام 1974 ، بغية حل الخلاف آنذاك لأنه كان يعرف حق المعرفة ما هو النفط للولايات ، بغض النظر عما أسفرته الاتفاقات آنذاك لكن كانت نتيجةً لصدمة النفط الأولى الذي نراها تتكرر الآن مع إصرار ولي العهد محمد بن سلمان على تخفيض الإنتاج مع أوبك و على مسمع من بايدن ، وهنا أنوه أن الخطاب عندما ألقاه ولي العهد على مسامع بايدن، علت الصدمة على ملامح بايدن وهذا يدل على قلة الحيلة التي يمتلكها بايدن في مأزق كبير قد تقدم عليه الولايات.
جراء صدمة النفط الأولى وما بين عامي 1973 ، 1974 انهار سوق الأوراق المالية في الولايات ، ليسجل واحدة من أسوء حالات الركود الاقتصادي ، وأسوء سابع هبوط لداو جونز ، وارتفعت حينها أونصة الذهب نحو أربعة أضعاف واستمرت هذه الأزمة حتى عام 1987 ، لتختم بالإثنين الأسود وفيه يتخطى الذهب حاجز 1000$
بالمقارنة حالياً ، وبما نتوقعه من انخفاض المخزون المستمر للمرة الثامنة على التوالي بعد إصرار دول أوبك بالبقاء على وتيرة انتاجها ، يجعلنا أمام قانون الندرة الذي سيكرره التاريخ علينا.
القاعدة إذاً:
انخفاض المخزون ، مع انخفاض الناتج ، تعني ارتفاع أسعار النفط ، وارتفاع أسعار السلع التحوطية ، نظراً لانخفاض القوة الشرائية للدولار وهذا المتوقع.
التحليل الفني للسعر
بالنظر فنياً على السعر نلاحظ:
1.السعر يتابع بصعوده نموذج راية صاعد استمراري بالتوافق مع أمواج إليوت وفق موجة إليوت الخامسة
2.السعر يستكمل موجة إليوت الخامسة بحال أغلق في مساء اليوم أعلى 85
3.نسب الفوليوم بارتفاع توافقي وهذا علائم تشكل الموجة الخامسة
- السعر يحترم قاعدة القيعان الأقل عمقاً
الخلاصة الفنية: إن دلائل الصعود واضحة على السعر ، ولكن كون الموجة الخامسة لا تتشكل إلا بإغلاق السعر أعلى 85 فهذا يجعلنا بانتظار سعر الإغلاق في مساء اليوم ، وهذا يوافق التحليل الأساسي بأن يجعلنا بانتظار الخبر في مساء اليوم
السوق على المدى المتوسط بناء على التحليل الفني
“ليس من الضروري معرفة إلى أين سيذهب الاتجاه بقدر ما يهم أن تعرف كيف ستتصرف مهما حدث فهذا دورك كمتداول”
مارك دوجلاس في كتابه Trading in the zone
كوننا ننطلق من أن السوق بيئة احتمالية و أن أي احتمال فيها وارد ، ولا يسعنى سوى أن نرجح احتمال على آخر بحال تحقق شرط هذا الاحتمال وهذا ما يسمى أسلوب الشرط و النتيجة ، فعليه نقول
السيناريو الأول
الشرط: الإغلاق أعلى 85 في مساء اليوم ، مع انخفاض المخزون ، و انخفاض الإنتاج
دقة السيناريو: 80%
بحال تحقق الشرط سنى صعود نحو 87 ، ثم تداول عرضي ، ثم استهداف 93
هذا يقود إلى ارتفاع أسعار الذهب بنسبة لا تقل عن 10%
السيناريو الثاني
الشرط: فشل تحقق الشرط السابق كاملاً ، أو الإغلاق أسفل 85
دقة السيناريو: 20%
بهذه الحالة سنرى تصحيح سعري نحو 80 ، ثم تداول عرضي.
رأي المحلل الفني
في الختام عزيزي القارئ إن التعامل مع النفط خصوصاً يتطلب منك الإلمام بأكثر من مجرد تحليل فني لأنه سيفتح لك الكثير من الآفاق فأنا على علم بمحللين يقومون بتحليل النفط لتفسير حركة الأسواق لا للتداول ، و تذكر ألا تستهين بالأسواق حتى لاتستهين الأسواق بك.
*مدير تنفيذي ومحلل مالي معتمد لدى شركة الاستثمارات البريطانية Osh Group
نقلا عن موقع Investing.com