تقرير خاص – يمن إيكو
تواجه الحكومة المعترف بها دولياً، وبنكها المركزي بعدن، أزمة المديونية الكبيرة والمستحقة للقطاع الخاص المصرفي، والتي تراكمت نتيجة خروج السياسة المالية والنقدية عن مساراتها القانونية، وسط تراجع القيمة النقدية للريال أمام الدولار.
ومع تكرار الاقتراض الذي تجاوز كل التحذيرات الاقتصادية والمالية من تبعات تكبيل البنك بقيود، إدارياً ومالياً، تراكمت الديون المستحقة للقطاع المصرفي الخاص، موصلة البنك إلى العجز التام عن الوفاء بالتزاماته تجاه القطاع المصرفي المحلي، ما انعكس على أداء البنوك ووفائها بالتزاماتها تجاه عملائها، وضاعف في الوقت نفسه إجمالي الدين العام الداخلي، فضلاً عن تفاقم الدين العام الخارجي.
وأكدت دراسة اقتصادية حديثة أن التزامات البنك المركزي اليمني-عدن للقطاع المصرفي بلغت 2.502 تريليون ريال يمني، موزعة بين 1.798 تريليون يمني (أذون خزانة)، و704 مليارات الاحتياطيات القانونية للبنوك التجارية والإسلامية في البنك المركزي.
أزمة الديون التي كبلت البنك لصالح القطاع الخاص المصرفي، بدأت عقب سبتمبر 2016م، عندما تم نقل عملياته إلى عدن من قبل الحكومة المعترف بها دولياً وبمباركة التحالف، وخلال سبتمبر 2016 إلى نهاية يونيو 2022م شهد الدين العام الداخلي بصفة عامة تطورات متسارعة بلغت معها قيمته الإجمالية نحو 3.449 تريليون ريال يمني. وفق تقرير البنك المركزي بعدن النصف سنوي الصادر مؤخراً عن الفترة (يناير – يونيو 2022).
هذه المديونية الباهظة التي تثقل كاهل مركزي عدن للداخل وأكثرها للقطاع الخاص المصرفي، لم تكبل البنك المركزي بقيود عدم الوفاء بالالتزامات على المستوى الداخلي فحسب، بل جعلت القطاع المصرفي أمام وضع صعب من شحة السيولة وعدم الوفاء بالتزاماته تجاه العملاء، الذين بدأوا يفقدون الثقة بالتعاملات البنكية والمصرفية التي هي في الأصل متدنية في أوساط اليمنيين، حيث تبلغ نسبة المتعاملين مع القطاع المصرفي (العام والخاص) أقل من 6% من عدد السكان.
فيما المرجع الأساس لما يشهده القطاع المصرفي اليمني في مناطق سيطرة التحالف من تحديات وتراجع ومشكلات، متمثلاً في نتائج مجريات الحرب الاقتصادية التي تتابعت من قبل التحالف والحكومة الموالية له، بعد قرار نقل عمليات البنك إلى عدن، ولعل أهم تلك النتائج الاتجاه الجبري لإيرادات النفط والغاز إلى البنك الأهلي السعودي، باعتراف مسؤولين في الحكومة.
وتبعاً لذلك لم تعد الموارد النفطية والغازية وغيرها من الموارد روافد جارية تغذي خزينة البنك بالعملة الصعبة، لتساعده على إدارة عملياته وفق وضع مأمون بالاحتياطي الأجنبي الناتج عن الموارد الذاتية، بل جعله معتمداً على الخارج، والدليل اندفاعه السابق للمساس بالودائع المليارية وتبديدها خارج التنمية المستدامة القادرة على تعويضها، ما أوصله إلى فضيحة الفساد التي كشفها تقرير فريق العقوبات.
وتبعاً لذلك وحسب الدراسات الاقتصادية، انخفضت الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي اليمني بعدن إلى 0.5 مليار دولار في ديسمبر 2021م، من 2.085 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2015م، وفق وكالة رويترز، عن وثيقة رسمية صادرة عن البنك المركزي، وانخفضت الأصول الخارجية للبنوك التجارية والإسلامية اليمنية إلى 971 مليار ريال يمني، بسعر صرف (1000ريال/دولار) من 504 مليارات ريال يمني، ما يعادل 2.346 مليار دولار في العام بسعر صرف (215 ريالاً/دولار) بنهاية 2015م.
الأخطر في ملف مديونية القطاع المصرفي الخاص المستحقة على البنك المركزي اليمني في عدن، أنها حولته من بنك البنوك والمصارف والمشرف الرقابي على شركات الصرافة، إلى مسؤول عن تراجع وضع القطاع المصرفي اليمني وانحسار ملاءته المالية واهتزاز ثقة المودعين، فضلاً عن إغلاقات البنك التعسفية تجاه كثير من الشركات والبيوت المالية والصيرفية التي ليست لها ديون مستحقة عند البنك، لصالح الشركات التي ضخت له سيولة وفيرة.
أصبحت تلك الشركات الدائنة للبنك تتحكم بقرارته بموجب استحقاقاتها من الديون التي أصبح البنك عاجزاً عن الوفاء بها، مثلها مثل الجهات الخارجية كمجموعة البنك الدولي وغيرها من القوى الغربية، التي أصبحت تتحكم بقرارات التحالف والحكومة الموالية له، وتستحوذ على موارد اليمن السيادية بموجب تلك الديون الخارجية التي ارتفعت، تقارب في الوقت الراهن 10 مليارات دولار، وفق تقارير صادرة عن الحكومة المعترف بها دولياً.