تقرير خاص – يمن إيكو
في ظل استمرار حالة الحرب والحصار، واعتماد حكومة هادي المدعومة من التحالف، على المنح الخارجية والقروض، يظل تراكم الديون على اليمن هو التحدي الأكبر خطورة أمام الاقتصاد اليمني المنهك أساساً، تحت ضغط سبع سنوات من الحرب التي دمرت البنى التحتية للاقتصاد، من المصانع والمعامل والمزارع، والحصار الذي ألقى بظلاله القاتمة على المسارات الإنتاجية، وبالأخص الزراعية.
وفيما أكد اقتصاديون أن حجم الديون السيادية على اليمن التي قُدرت-رسمياً- بـ10 مليارات دولار لم تُسدد لا هي ولا فوائدها منذ 5 سنوات، حذَّرت تقارير اقتصادية من تراكمات الديون على اليمن، وقالت إن من شأنها تعميق الأزمة الاقتصادية وإطالتها.
وتشهد قطاعات الاقتصاد اليمني تراجعاً إنتاجياً كبيراً جراء الحرب والحصار، اللذين عرضا البلاد لسلسلة من الصدمات المتوالية، أفضت إلى تفاقم وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
المعضلة الأهم في سياق الحديث عن ملف الديون المستحقة على اليمن، وفوائدها الأصلية وفوائد فترات التأخير، تتمثل في تجاهل حكومة هادي لتحذيرات الخبراء والاقتصاديين، بل تواصل اعتمادها على الخارج مجددةً مطالبها بشكل شبه يومي للخارج بمزيد من الدعم والإقراض.
وفيما تواصل حكومة هادي الإقامة في الرياض إلى أجل غير مسمى، يظل الداخل اليمني المسيطر عليه من قبل التحالف مسرحاً لمظاهر النهب من قبل مجاميع نافذين تابعين لها، سطوا على ثروات البلاد ومواردها عبر فساد علني لا مواربة فيه.
التحالف ليس بمنأى عن التسبب في مضاعفات خطر تراكم الديون السيادية على اليمن، فهو المتهم الرئيس، حيث يسيطر على عائدات النفط باسم دعم حكومة هادي، موجهاً تلك العائدات إلى بنوك خارج اليمن، من بينها البنك الأهلي السعودي، لتكون مصدراً أساسياً تنفقه الحكومة بإشرافه على تمويل الحرب، وتدمير ما تبقى من مقدرات اليمن الاقتصادية، وبنيتها التحتية.
وحذر الخبير المالي والمصرفي، حافظ طربوش، في تصريحات صحافية، من أن الأقساط المتأخرة والمستحقة على هذه الديون منذ نحو 5 سنوات، تجعل إعادة فتح هذا الملف بمثابة “قنبلة موقوتة” تهدد بنسف كل خطط الإصلاحات الاقتصادية، خصوصاً في حال حصول تغيير-وهو محتمل- في سياسة المقرضين والمبالغة في الفوائد المطلوبة على تأجيل سداد القروض، لتغدو المعضلة ليست في القروض، بل في مضاعفة فوائد التأجيل بحجمه مرتين وثلاث وأكثر.
وقال طربوش: إن اليمن يعاني من مشكلة كبيرة في تراكم الديون والفوائد المترتبة عليه، وحاجته أيضاً للعملة الصعبة لعدم توفر احتياطي من النقد الأجنبي لديه ومواجهة أزماته الاقتصادية.. لافتاً إلى أن اليمن من أكثر الدول التي تتأثر بالأزمات الاقتصادية العالمية، لأنه دولة مستوردة، وفي الوقت نفسه هياكله الاقتصادية معطلة، نظراً لتوقف تصدير النفط والغاز، وهي السلعة الأساسية التي يعتمد عليها في الحصول على الدولار والعملات الأجنبية.
ووسط هذه التحديات يلاحظ أن الخطاب الرسمي المتفائل دائماً بدعم الخارج تلاشى، كما تلاشت الثقة الزائدة بمزيد من الدعم إلى أدنى مستوياتها، وبدا خطاب حكومة هادي مصبوغاً بلهجة عالية من الإلحاح المقرون باليأس، حيث أكد رئيس مجلس وزارة الحكومة، معين عبد الملك، الأربعاء، أن اليمن يمر بمرحلة حرجة على المستوى الاقتصادي، مما يستدعي دعماً اقتصادياً عاجلاً من الأشقاء والأصدقاء، لإسناد جهود الحكومة للحفاظ على الاستقرار والأمن الغذائي، وتخفيف التبعات الإنسانية.
لهجة حكومة هادي بعد يأسها من وصول الوديعة المليارية، تحمل تأكيداً ضمنياً يفيد بأنه في حال لم تُعلن وديعة خليجية جديدة للبنك المركزي اليمني في عدن، فإن الحكومة ستعجز عن الإيفاء بالتزاماتها، تجاه أقساط الدين الداخلي وتمويل شراء السلع الأساسية، وصرف المرتبات، ناهيك عن ما تواجه من تحديات صرف رواتب شهرية بالدولار، لجيش كبير من النواب والوكلاء والمدراء والمسؤولين، وبإجمالي مالي يقترب من 7 ملايين دولار شهرياً، وفق مصادر بنكية مدعمة بالوثائق والتبويب حسب الجهة والوظيفة.
خلاصة القول: ما يشير إليه خبراء الاقتصاد من خطورة تراكم الديون السيادية على اليمن، سيكبح بلا شك جهود التصدي للأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وفقدان خطوط ارتباطه بمصادر ومؤسسات ودول شريكة دأبت على تقديم تسهيلات لحصول اليمن على قروض ومنح بفوائد مخفضة، خصوصاً مع تآكل الثقة الدولية وانحسارها بأداء الحكومة من فنادق الرياض، وتبديدها لكثير من الودائع.