يمن إيكو|تقرير:
أفادت تقارير أمريكية أن حرائق لوس انجلوس كبدت الاقتصاد الأمريكي نحو 150 مليار دولار، في محصلة ليست بالنهائية، مع استمرار الحرائق واتساع الدمار، فضلاً عن تسبب الحرائق بأكبر موجة نزوح في تاريخ أمريكا. وفق ما أكدته وسائل الإعلام الدولية ورصده وترجمه موقع “يمن إيكو”.
وأظهرت مقاطع مرئية نشرتها وسائل الإعلام دماراً هائلاً وغير مسبوق، حيث حولت النيران مناطق حضرية تشمل آلاف المباني بين منازل ومدارس ومشافٍ ومقرات شركات ومنشآت مختلفة، إلى رماد، كما قطعت خدمة الكهرباء عن نحو 35 ألف منزل وشركة في مقاطعة لوس أنجلوس.
وتشير تقديرات أولية صادرة عن شركة أكيو للطقس الأمريكية إلى أن الأضرار والخسائر الاقتصادية حتى الآن بسبب حرائق لوس أنجلوس – والتي دمرت بالفعل ما لا يقل عن 12 ألف مبنى – تتراوح بين 135 مليار دولار (111 مليار جنيه إسترليني) و150 مليار دولار (123 مليار جنيه إسترليني)، فيما انقطعت خدمتا الكهرباء والمياه، عن 34,646 منزلاً وشركة في لوس أنجلوس، حسب تقرير نشرته الغارديان البريطانية.
وأرجعت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الحرائق الهائلة التي التهمت مقاطعة لوس أنجلوس (أهم وأغنى مقاطعات الولايات المتحدة الأمريكية) وألحقت الكثير من الدمار عبر مساحات شاسعة من كاليفورنيا، إلى رياح سانتا آنا الشديدة.
وقال مايكل تراوم من مكتب خدمات الطوارئ في كاليفورنيا إن طواقم من كاليفورنيا وتسع ولايات أخرى تشارك في الاستجابة المستمرة للحرائق والتي تشمل 1354 سيارة إطفاء و84 طائرة وأكثر من 14 ألف فرد، بالإضافة إلى الدول المجاورة، أرسلت كندا والمكسيك وتكساس ونيو مكسيكو وكولورادو ويوتا ونيفادا وأريزونا وأوريجون وواشنطن رجال إطفاء إلى لوس أنجلوس كجزء من جهود الإغاثة الطارئة.
موجة نزوح وارتفاع أسعار
وأدى انتشار الحرائق في لوس انجلوس إلى أكبر موجة نزوح في تاريخ أمريكا، ترتب عليها ارتفاع الأسعار على السكن، إلى درجة عدم حصول النازحين على مساكن جديدة للعيش في كاليفورنيا، الأمر الذي دفع بالمدعي العام لولاية كاليفورنيا، روب بونتا، إلى التحذير من أن الانخراط في رفع الأسعار أو النهب أو الاحتيال بأي شكل من الأشكال أمر غير قانوني.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن بونتا قوله إن الأسعار يجب ألا تزيد عن 10% أو أقل من قبل اندلاع الحريق، وأضاف: “هذا هو قانون كاليفورنيا وهو معمول به لحماية أولئك الذين يعانون من مأساة”، في إشارة إلى سكان كاليفورنيا الذين فقدوا منازلهم بسبب الحريق وهم يكافحون من أجل العثور على أماكن جديدة للعيش بسبب رفع الأسعار، حيث ترفع الشركات أو الأفراد الأسعار بشكل مفرط أثناء حالات الطوارئ.
ونقلت الصحيفة عن نازحين، “لقد تقدمنا بطلب لاستئجار منزل كان مدرجاً بمبلغ 17 ألف دولار شهرياً، وأخبرونا أنه إذا لم ندفع 30 ألف دولار فلن نحصل عليه. أخبروني أن لديهم أشخاصاً مستعدون لتقديم المزيد والدفع نقداً، إنه أمر جنوني تماماً”.
تداعيات الخسائر
وامتدت تداعيات الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الأمريكي إلى سوق التأمين الأمريكية، حيث أكدت وكالة “رويترز”، تراجع أسهم التأمين الأمريكية يوم الجمعة بعد أن قدر المحللون أن الخسائر المؤمن عليها من حرائق الغابات التي تهدد لوس أنجلوس قد تصل إلى 20 مليار دولار، مما قد يجعلها الكارثة الأكثر تكلفة في تاريخ كاليفورنيا.
وضاعف بنك جي بي مورجان الجمعة توقعاته للخسائر المؤمَّنة إلى أكثر من 20 مليار دولار، كما يتوقع بنك ويلز فارجو خسائر مؤمَّنة مماثلة، وقال إن الضرر الاقتصادي الإجمالي الناجم عن الكارثة قد يتجاوز 60 مليار دولار.
وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني في مذكرة “سوف يستغرق الأمر أسابيع أو أشهراً لتحديد حجم الأضرار المؤمّن عليها، ولكن حرائق الغابات في لوس أنجلوس من المرجح أن تكون من بين أكثر حرائق الغابات تكلفة في تاريخ الولاية”، بينما تتوقع شركة رايموند جيمس أن تتراوح الخسائر المؤمّن عليها بين 11 مليار دولار و17.5 مليار دولار.
وتعرف “كاليفورنيا” بـ”الولاية الذهبية” في الولايات المتحدة، باعتبارها الولاية الأولى من حيث حجم الإنتاج، وبها أحد أعلى معدلات الرفاهية والدخل العالي في العالم، كما تتميز بتكامل اقتصادها وشموله كافة أوجه الأنشطة، وتتفوق الولاية بذلك على بريطانيا التي تعد إحدى القوى الاقتصادية الرئيسية عالمياً، والتي يتجاوز عدد سكانها 66 مليون شخص، بينما لا يتعدى سكان “كاليفورنيا” 39.5 مليون شخص ينتجون 14-16% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي (2.9 تريليون دولار).
ويدور اقتصاد الولاية حول مدنها الكبيرة، وعلى رأسها سان فرانسيسكو وسان خوزيه ولوس أنجلوس وسان دييجو، ولا سيما حول منطقة شاطئ “سان فرانسيسكو” والتي تقدم ناتجاً محلياً إجمالياً يصل إلى 535 مليار دولار ويقطن شواطئها 7 ملايين شخص موزعين على تسعة مقاطعات و101 مدينة، من بينها مدن كبرى مثل “سان فرانسيسكو” نفسها، ويصل متوسط دخل الفرد فيها إلى قرابة 75 ألف دولار سنوياً بما يفوق المتوسط في لندن وسنغافورة أحد أغلى مدن العالم.
وتشير تقديرات المكتب القومي للدراسات الاقتصادية في الولايات المتحدة إلى أن “وادي السليكون” يقدر بما قيمته 275 مليار دولار وحده ليقدم اقتصاداً يفوق بدوره دولاً كثيرة، وتنتج كاليفورنيا ثلثي الإنتاج الأمريكي من الفاكهة والمكسرات، وحوالي ثلث الإنتاج من الخضروات، وذلك بفضل المساحات الزراعية الشاسعة التي تصل إلى 25 مليون فدان، بل وتنتج قرابة 81% من المشروبات الروحية التي تنتجها الولايات المتحدة.