يمن إيكو | أخبار:
استبعد خبراء مصرفيون أن تنجح وصفة صندوق النقد الدولي في وقف تدهور قيمة الريال اليمني، مؤكدين أن العملة اليمنية (الريال) ظلت في تدهور متسارع بعد ثلاثة أعوام على قيام البنك المركزي اليمني في عدن بتنفيذ إصلاحات اقترحها الصندوق، لمعالجة أزمة العملة المحلية، من خلال إدارة مزادات أسبوعية للعملة الأجنبية.
ووفقاً لما نشرته جريدة العربي الجديد، ورصده موقع “يمن إيكو”، يرى الخبراء أن البنك المركزي في عدن يواجه صعوبات في تنفيذ آلية مزاد الدولار، نتيجة عدم توفر احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، في ظل الانقسام المالي والمصرفي في البلاد، فضلاً عن اختلالات هيكلية.
وقالت مصادر حكومية لـ”العربي الجديد” إن البنك المركزي استنزف احتياطياته من العملات الأجنبية، البالغة 1.5 مليار دولار، بعد عام واحد من التحول إلى نظام المزاد، بناء على اقتراح صندوق النقد الدولي.
وانخفض الريال اليمني بشكل متسارع في السوق غير الرسمية، منذ منتصف مايو الجاري، وبلغ أدنى مستوى له على الإطلاق يوم السبت الماضي، عند 1725 ريالاً مقابل الدولار، من 1411 ريالاً عند تنفيذ أول مزاد للعملة الأجنبية مطلع نوفمبر 2021م، فيما حدد البنك المركزي سعر الصرف الرسمي في آخر مزاد له (الثلاثاء الماضي) عند 1677 ريالاً للدولار.
وأجرى البنك المركزي بعدن، أول مزاد لبيع الدولار مطلع نوفمبر 2021، عبر منصة Refinitive المالية التي تعد جزءاً من مجموعة بورصة لندن، وبموجب هذا النظام، يبيع البنك المركزي كمية معينة من النقد الأجنبي لتجار الواردات من السلع الأساسية، من خلال عملية تقديم العطاءات، ويشتري العملة المحلية في الفترات الفاصلة بالسعر المحدد في المزاد السابق. حسب التقرير.
وقال تقرير البنك المركزي بعدن الصادر في فبراير الماضي “إن إجمالي العروض المقدمة من البنك منذ أول مزاد وحتى نهاية يناير 2024، بلغ 2.7 مليار دولار، وتوقع أن يتجاوز إجمالي مبيعات النقد الأجنبي في المزاد ثلاثة مليارات دولار بنهاية العام الجاري”، موضحاً أن القمح يتصدر قائمة السلع التي تمت تغطية استيرادها من خلال مزادات العملة الأسبوعية، بنسبة 35.12% من إجمالي العروض، وبقيمة 164 مليون دولار، يليه الدجاج المجمد بنسبة 10.32%، ويأتي السكر ثالثاً بنسبة 9.89%.
وتسبب التراجع المتسارع الأخير للريال في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فيما يواجه اليمن تحديات اقتصادية حادة، بسبب انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، وتراجع قيمة الريال اليمني بنسبة 33% خلال عام 2023، مما أدى إلى تفاقم ضغوط السوق التضخمية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وفق الأمم المتحدة.
ويحاول بنك مركزي عدن تبرئة آلية مزاد العملات الأجنبية، المقترحة من صندوق النقد الدولي، حيث يرجع الاضطرابات في أسعار الصرف بدرجة رئيسية إلى الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها الاقتصاد اليمني، نتيجة تأثير جملة من العوامل الظرفية والهيكلية التي تتعلق بتراجع الاحتياطيات من العملات الأجنبية، وتقلص عائدات الصادرات النفطية. حسب تقرير “العربي الجديد”.
ويرى مراقبون، أن استنزاف البنك المركزي في عدن لاحتياطيات خزينته من العملة الأجنبية في مزادات لا جدوى منها سوى رفع قيمة الدولار في السوق الرسمية إلى مستويات السوق الموازية، وهي سياسة لا تخرج عن سياسة تعويم أسعار الصرف، كما أن الاستنزاف للاحتياطي من العملة الصعبة كفيل بدفع الحكومة اليمنية إلى مزيد من مراكمة الديون الخارجية عبر القروض، وهو ما يسعى إليه صندوق النقد الدولي، في كثير من بلدان العالم ليسيطر تبعاً لذلك على القرار الاقتصادي في تلك البلدان.
وسبق لصندوق النقد الدولي أن تدخل بمقترحاته ووصفات طبه الاقتصادي، في الصومال لاستهداف العملة المحلية لصالح تسيُّد الدولار، فدخلت البلاد- تبعاً لذلك- غرفة إنعاش الصندوق، بهدف معالجة ما تعانيه حكومتها من عجز اقتصادي ومالي وإداري، رغم ما تملكه من أصول ومقومات اقتصادية رعوية.
وكانت أولى روشتات الصندوق في يونيو 1981 عندما أشار خبراؤه على الحكومة الصومالية- حينها- بأن تقر رسمياً خفض قيمة عملتها “الشلن”، فخفضت قيمة عملتها أمام الدولار، بنسبة ٥٠% على أساس أن هذا التخفيض سيدعم الصادرات وسيجعل السلع الصومالية أقل كلفة، وأكثر جاذبية بالنسبة للمستوردين الأجانب، ولكن ذلك الخفض لم يكن كافياً بحسب خبراء الصندوق، وأن عليها المبادرة أكثر، فقامت بخفض جديد لقيمة عملتها “الشلن” في يونيو 1982 لكن ذلك لم يجدِ، فكلما جرى الخفض للعملة انهارت القيمة النقدية لمدخرات الناس وتراجعت قدرتهم الشرائية.
وفي 1983 وبناء على رؤية برامج الصندوق الموصولة بمساعدة الحكومة على معالجة عجزها، قررت حكومة الصومال تعويم عملتها عبر ربطها بما يسمى “حقوق السحب الخاصة”، أي إخضاع تحديد قيمة العملة المحلية أمام الدولار، لحركة العرض والطلب في سوق الصرافة على سلة خمس عملات رئيسية يتصدرها الدولار، وهي الخطوات التي يجريها الصندوق حالياً مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وإن اختلفت الأساليب والطرق.