يمن إيكو| تقرير:
خلال الأشهر الماضية، كشفت العديد من التقارير الصحافية والرسمية الإسرائيلية، وبالأرقام، عن تأثيرات كبيرة أحدثتها عمليات قوات صنعاء ضد السفن المتوجهة إلى إسرائيل، وأبرز تلك التأثيرات إغلاق ميناء إيلات وارتفاع أسعار النقل البحري إلى إسرائيل، وتأخير البضائع وارتفاع أسعارها، لكن كيف كان المشهد بعيون المستهلكين العاديين داخل إسرائيل بعيداً عن لغة الأرقام؟
موقع “يمن إيكو” رصد في جولة إلكترونية تعليقات للكثير من الإسرائيليين على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” بخصوص تأثير عمليات قوات صنعاء على متطلبات حياتهم، وهي تعليقات تمثل نماذج بسيطة تؤكد أن ما تقوم به قوات صنعاء في البحر الأحمر قد أصبح “كابوساً” ينغص حياة الإسرائيليين بشكل يومي:
في وقت سابق من شهر فبراير الجاري، نشر شاب إسرائيلي يستخدم حساباً باسم “جست أنذر جاي” (مجرد رجل آخر) صورة لسيارته، وكتب: “اتضح أنه بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، هناك نقص في الإطارات المخصصة للطرق الوعرة في إسرائيل”، مضيفاً: “هذا الأمر يضحكني ويثير اهتمامي ويغضبني في نفس الوقت”.
لقد كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هجمات قوات صنعاء على السفن المتوجهة إلى إسرائيل، عرقلت وصول كل البضائع المستوردة من آسيا إلى إسرائيل، بما في ذلك السيارات التي كان ميناء إيلات يستقبلها، ويبدو من خلال التدوينة السابقة أن الأمر يسري على قطع غيار السيارات ومستلزماتها أيضاً.
ولا يقتصر الأمر على السيارات وقطع غيارها فقط، إذ نشر إسرائيلي آخر يدعي “عميت كورز” في وقت سابق من الشهر الجاري أيضاً، تدوينة رصدها “يمن إيكو” قال فيها: “عندما يقول لك البائع إن البضائع نقصت بنسبة 50% بسبب الحوثيين، فهنا يأتي التضخم”، وهو ما يعني أن الوضع قد أصبح عاماً في مختلف جوانب السوق الاستهلاكية.
هذا أيضاً ما يؤكده إسرائيلي آخر يقدم نفسه كمدير مبيعات في معرِّف حسابه، ويتحدث في تدوينة نشرها في يناير الماضي ورصدها “يمن إيكو” عن “تحديث خفيف للمواصفات والسعر في شاشات (Asus)” وهي شركة كمبيوترات معروفة ويضيف: “لكن المشكلة الرئيسية هي المخزون في إسرائيل، فحالياً معظم المستوردين في إسرائيل لا يطلبون بضائع جديدة من تايوان بسبب الحوثيين”، وهو ما يعني أن العمليات اليمنية أثرت بوضوح على واردات البضائع الإلكترونية إلى إسرائيل.
ويشمل الأمر أيضاً منتجات كهربائية عديدة، حيث يقول حساب إسرائيلي باسم “بورد وايت كولار” خلال تدوينة نشرها في يناير الماضي ورصدها “يمن إيكو” إنه “بسبب الحوثيين لا يوجد مخزون للخلاطات في المتاجر”.
وفي الشهر نفسه نشر “آدم إينفشتاين” تدوينة رصدها موقع “يمن إيكو”، قال فيها: “لقد قمت الآن بزيارة اثنين من المتاجر الكبرى ولم يكن هناك تبغ بسبب الحوثيين”، ويضيف غاضباً: “إن هذا سبب لإعلان الحرب”.
ولم تسلم حتى واردات الآلات الموسيقية من تأثيرات حظر قوات صنعاء للملاحة الإسرائيلية عبر البحر الأحمر وباب المندب، حيث كتبت إسرائيلية تدعى “ستاف إيفارغان” في وقت سابق من فبراير الجاري تدوينة رصدها موقع “يمن إيكو” قالت فيها: “مساء الخير لكل الذين اكتشفوا أن جيتارهم عالق في البحر الأحمر بسبب الحوثيين”.
وأضافت: “خطوة يمنية تمنعني من الانتقال إلى المرحلة الثانية دراسياً، إنه أمر لا يصدق”.
ويبدو أن الأمر أزعجها بشدة لأنها نشرت تدوينة أخرى بعدها بأيام تقول فيها: “بسبب الحوثيين ليس لدي جيتار جديد”، وقد جاء ذلك رداً على تدوينة نشرها “يوآف ريباك” كتب فيها: “ألا يمكنك العثور على الزنجبيل في أي مكان؟ المتجر الذي كنت عنده بالأمس في يافا يدعي أن ذلك بسبب الحوثيين”.
ولم يكن “ريباك” الوحيد الذي يشكو من نقص الزنجبيل بسبب عمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر، حيث نشر “ناعور مينينجر” في نهاية يناير الماضي تدوينة رصدها “يمن إيكو” كتب فيها: “هل تعلمون أن هناك نقصاً في الزنجبيل بسبب الحوثيين؟!”.
ويبدو أن ورادات المنتجات الطبية إلى إسرائيل تأثرت أيضاً بعمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر وباب المندب، حيث يقول “موشيه” الذي يقدم نفسه على معرِّف حسابه كمستشار استثماري، في تدوينة نشرها هذا الشهر ورصدها موقع “يمن إيكو” إنه “بسبب الحوثيين، ليس لدى (نعوم) سوى سماعة أذن واحدة”، وبغض النظر عن هوية “نعوم” فإن التدوينة تشير بوضوح إلى نقص في المستلزمات الطبية المستوردة.
و”بسبب الحوثيين” أيضاً وهي العبارة التي تتكرر في كل شكاوى الإسرائيليين، يبدو أن العديد من الخدمات التي تقدمها المتاجر في إسرائيل قد تدنى مستواها عما كانت عليه من قبل، حيث تقول “نويا” في تدوينة نشرتها في يناير الماضي ورصدها موقع “يمن إيكو”: “أريد أن أتنهد قليلاً وسط كل الألم: لقد ذهبت لشراء القهوة وعادةً ما يكون الفنجان الموجود في هذا المقهى بلون معين، لكنهم أحضروا لي فنجاناً أبيض، سألت ماذا حدث للكوب الملون ذي العلامة التجارية؟، لن تصدقوا ذلك، لكنه لم يعد موجوداً بسبب الحوثيين.. اتضح أن شحنة هذه الأكواب غرقت أو شيء من هذا القبيل بسبب الحوثيين”.
وتشكو “أدي” في تدوينة نشرتها في ديسمبر الماضي ورصدها “يمن إيكو”، من تأخر طلب توصيل من الخارج بسبب عمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر، حيث تقول: “يا له من خطأ كان الطلب من الخارج، لو كنت أعلم أن الطلب قادم على متن سفينة لكنت استسلمت”.
وتضيف غاضبة: “من يلقي قنبلة على الحوثيين تدمرهم فوراً!”، ليرد عليها “ديفيد زباري” بأن هناك تحالفاً أمريكياً ضد الحوثيين، فتجيب أنها أيضاً سوف “تدعو عليهم في الصلاة”.
ويبدو أن مشكلة تأخر الطلب من الخارج من المشاكل الأكثر انتشاراً حيث تؤكد “ليتال هانا” في رد إضافي على “أدي” أن ابنتها طلبت أيضاً من الخارج ولم يصل طلبها.
وتظهر التدوينات والتعليقات التي رصدها “يمن إيكو” أن الأزمة التي خلقتها عمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر داخل إسرائيل، قد أصبحت حتى ضمن المواضيع التي يستخدمها الاسرائيليون في انتقاد الحكومة والسخرية منها، حيث كتبت “تالي عميت” في تدوينة نشرتها في يناير الماضي: “شركات الطيران تلغي رحلاتها إلى هنا بسبب الحرب، السفن لن تأتي لنا بمنتجات بسبب الحوثيين. في النهاية سوف نعود حقاً إلى نوع من الغيتو مع السيادة السياسية ولكن مع حكومة مختلة، يا لها من أوقات مثيرة للاهتمام”.. و (الغيتو) هو مصطلح يطلق على الأماكن التي يقال إنه كان يتم تجميع اليهود فيها في أوروبا لعزلهم عن المجتمع.
وفي هذا السياق أيضاً، وتعليقاً على تصريح وزير المالية الإسرائيلي سموتريش، الذي قال فيه إن “التمسك بالتوراة سيوفر الوفرة المالية والأمان” قال “روعي بيرجمان” الصحافي في موقع كالكاليست الاقتصادي العبري، في تدوينة رصدها موقع “يمن إيكو” هذا الشهر إن “الازدهار الاقتصادي يتأخر بسبب الحوثيين”، وأضاف ساخرا أن: “السفينة التي تأتي به من الصين لا يمكنها دخول البحر الأحمر وعليها أن تلتف حول افريقيا”!
وتعليقاً على خبر نشرته القناة الـ13 العبرية في يناير الماضي حول بكاء “سارة نتنياهو” زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بسبب موضوع الرهائن، كتب معلق إسرائيلي ساخر: “لا بد من البكاء، فخط إمداد الشمبانيا الوردية لم يعد مستقراً، بسبب الحوثيين”.
وتسخر “هانا روزنبرغ” من شركة الشحن التي كانت تعمل فيها وطردتها، قائلة في تغريدة نشرتها في ديسمبر الماضي: “هل تذكرون أنني طردت منذ ستة أشهر من شركة تخليص جمركي تتعامل بشكل أساسي مع قطاع الشحن؟ إن الشركة الآن تخسر الأموال بسبب الحوثيين” وتضيف ساخرة “الخلاصة: لا تطردوني”.
وتشير كل هذه التعليقات إلى أن مشكلة حظر قوات صنعاء لحركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب، قد أصبحت جزءاً ثابتاً في واقع الإسرائيليين، ولم يعودوا يستطيعون تجنبها لأنها تمس باحتياجاتهم في العديد من الجوانب، بدءاً من الأمور الضرورية، وصولاً إلى الكماليات، حتى أنها قد أصبحت عنواناً قابلاً للتوظيف في السخرية من الحكومة والنقد للوضع العام.